الفصل ٣٣

12.1K 268 1
                                    


عاد وقلبه كله أمل وحنين .. حنين لزوجته التي افتقدها مُنذ عشرين يوماً .. وامل بأن يخيب ظنه ويجدها كما تركها تنتظره ، فظل يفكر كم كان قلبه قاسياً عندما نساها أياماً وهو ينتظر اخته التي رباها بلهفه كي تعود للحياة ثانية .. الي ان جاء حديث هشام معه الاخير عندما اخبره أنه قد ذهب الي المزرعه كما طلب منه بعد محاولات عديده باتت منه بالفشل كي يستطيع التواصل معها عبر الهاتف ولكن .. لا أحد يعلم عنها شئ غير انها أرادت ان تعود لمنزلها في القاهرة فجأه .. فوصل الي بيت عمها كي يتأكد مما سمعته أذناه من هشام
زينب بلهفه : هي فين هنا يافارس ، ده اخر مره شوفتها قالتلي انها هتروح تقعد عند البحيره شويه وبعدين هتروح بيت المزرعه تجيب حاجه وتكلمك وترجع .. بس لما بعت ريم لعم ابراهيم قال انها فجأه قالتله مسافره القاهره ليك .. انت مش كنت مسافر سويسرا يابني لاختك
فأمتقع وجه فارس حتي هوا بجسده علي اقرب مقعد وهو يتنهد بتعب : طب هي راحت فين مدام مرجعتش القاهره ، مش معقول اكتر من اسبوعين وهي مش موجوده
فأقتربت منه زينب بعدما شهقت بقوه : هنا مش موجوده ، ديه مالهاش حد غيرنا .. انا قلبي كان حاسس من أخر مره ان في حاجه هتحصل لينا ، ثم بكت وهي تتذكر زوجها : وجودك ياصالح ساب فينا فراغ كبير ، ومبقاش لينا حد .. يارب الصبر والقوه من عندك يارب
فنهض فارس بقوه ، بعدما امتلك الغضب من نفسه وهو يتذكر زوجته وطفله اللذان لا يعلم عنهم شئ ... بسبب غيابه فلولا تركه لها ماكان حدث كل هذا .. فظلت نظراته الحاده تتأمل زينب ، حتي سار بخطي سريعه وركب سيارته دون ان يلتف الي نداء ريم التي تطلب منه ان يأخذها معه الي هنا
.................................................. .................
شحوب وجهها بدء يزيد كل يوم عن الاخر ، حتي الحزن اصبح طاغي علي وجهها .. والطعام كما يدخل يخرج ، فأغمضت عيناها بتعب بعد ان احقنها الطبيب بتلك الحقنه ، وبدأت تتمتم : فارس ممتش ، محمود كداب .. فأتت صورة الجريده امام أعينها وهي تقفل جفونها .. متذكرة ذلك النعي الذي كان يضم اسمه وصورته .. وذلك التاريخ الذي قد جائت فيه هي الي هنا .. كل ذلك كان يجعلها تصارع بين انها حقاً قد اختل عقلها ، او كل مايحدث وهم وكذب .. ولكن بقي الكذب هو من يطغي علي جميع حواسها فقلبها يخبرها بأن زوجها وحبيبها مازال علي قيد الحياه
فنظر الطبيب الي محمود قائلا بالانجليزيه : حالتها بقيت صعبه وده خطر علي الجنين لانها في شهور الحمل الاخيره لازم تخلي بالك منها مستر محمود
وذهب الطبيب وتركه ، يقف يتأملها حتي جلس بجانبها وامسك بيدها المربوطه من ذلك الجرح الذي قد جرحته لنفسها عندما حاولت الهروب وقد فشلت .. فأنحني بفمه علي بطنها كي يقبلها وهو يقول بشغف : انتي جميله وهاديه اووي ياهنا ، بس لازم تنسي فارس .. انتي متعرفيش انا بحاول قد ايه اخلي اللعبه تنجح عشان اعرف اطلقك منه بس لازم انتي تساعديني ، ومتقلقيش هنربي الطفل سوا وهنجيب اطفال تانيه كتير ومش هفرق بينه وبين ولادنا ياحببتي .. ثم خطرت صورتها في باله وهي تهرب : بس لو فكرتي تهربي تاني .. هحبسك تاني ومش هخرجك في الجنينه مهما بكيتي لازم تسمعي الكلام
ونهض وهو يتأملها وهي نائمه بتعب .. حتي خرج ووجد روز واقفه عاقده ذراعيها بضيق امام صدرها : انت مش ملاحظ انك بقيت تحبها اووي يامحمود .. انت مش بتنتقم من فارس .. انت بقيت عاشق مجنون هيضيع نفسه عشان حاجه مش من حقه
فألتف الي روز بعد ان اشاح وجهه بعيداً وهو يصارع الشعور الذي بداخله حتي جذبها من ذراعيها بقوه وصار بها ناحية غرفة لقائتهم المحرمه وهو يقول : انا محتاجك اووي ياروز
.................................................. ............
وقفت نسرين تتمايل أمامه بغرور ، حتي أشارت بأصبعها لزوج أمها : مش معني اني ورثت فلوس من شوقي يبقي هصرفها عليكوا ... حتي أتت سهير علي سماع صوتهم قائله برجاء : يرضيكي ان جوز امك يتحبس يانسرين ، انتي دلوقتي بقي عندك فلوس وأراضي .. هتستختري في امك 100 الف جنيه
لتضحك نسرين بسخريه : وياريت يامدام سهير تاخدي جوزك ومع السلامه وشكراً لضيافتكم ، العزا خلاص خلص
فتقترب منها سهير قائله بمراره : ازرع فأحصد فعلا .. سلام يابنتي
فيتأملها زوج أمها برغبه لما ترتديه حتي قال وهو يتمايل من السكر : سلام ياحلوه !
.................................................. ..............
جلس بجانبها يتأمل أبتسامتها وهو يطعمها حتي قال : وابنك فارس بقي ياستي فضل ماسك شعر رزان لحد ما فضلت تصرخ .. وتقول شعري اوووه خلاص باظ ، وراح ابنك سايب شعرها وعضها حتت عضه من خدها .. هي في الاول كانت فاكراه هيبوسها بس ابنك خلف كل التوقعات ، انتي الواد ده واثقه انه ابني يا نيره .. ثم صمت قليلا وهو يداعب لحيته الخفيفه : بس ابن نيره لازم يبقي كده ، اصل ابوه من يومه غلبان
لتضحك نيره بشحوب قائله : احسن تستاهل .. انا اصلا مبحبهاش ، عارف لو كنت موت واتجوزتها كنت هدعي عليك تتسخط قرد ياحبيبي
فيضحك يوسف بحب قائلاً بعدما مسح فمها بذلك المنديل : طب وهتدعي ازاي عليا يافالحه وانتي خلاص هتكوني بين الاموات
فتتأمله نيره حتي قالت : لاء ما انا كنت بدعي وانا في الغيبوبه .. ثم تذكرت حديثه إليها وبكائه عندما فقد الاطباء الأمل ان تفيق ثانية .. لتقول بحب : هو انت بتحبيني اووي كده يايوسف
ليبتسم وهو يتحسس وجهها بأنامله وبصوت حاني : انتي روحي يانيره في حد مش بيحب روحه .. انا من غيرك مكنتش هقدر اكمل حياتي
فنظرت في عينيه للحظات .. حتي لمست بيدها ذلك الحجاب الذي ترتديه : انا هلبس الحجاب يايوسف
فنظر يوسف اليها بتعجب حتي قالت هي : يعني لما شعري وقع وكنت مريضه لبسته ، ولما ربنا يشفيني اقلعه .. طب ازاي يعني افتكاري لربنا في الضراء بس ..
فحاوطها بذراعيه قائلا بحب : عندك حق ياحببتي ، ثم نظر في عيناها اكثر : تعرفي ان انا بحبك اووي
لتخفض برأسها أرضاً .. حتي يرفع هو بوجهها قائلا بعشق :
فاكره اول مره اتقابلنا فيها يانيره
فتُحرك نيره برأسها وهي تتذكر اول لقاء بينهم .. وكان في أحد الحفلات .. وقد اسكبت عليه احد اكواب العصير عمداً .. ولكن ما أدهشه ان رغم ما فعلته واعتذار اخاها عن ذلك الموقف السخيف .. ألتفت إليه وأخرجت له لسانها وهي تضحك
ليفيقوا من شرودهم ليقول بحب : وحبيتك يا مجنونه !
.................................................. .................
وبعد ثلاثة أشهر قضاهم فارس في البحث عنها مع الشرطه ، وقف امام تلك الشركه التي تضم الحراسات الخاصه المدربه بأحتراف وبجانبه هشام ليقول : مازن أداني الكارت بتاعه وقالي اول ما أدخل اديه للسكرتيره وهما هيقوموا بكل حاجه
فنظر اليه فارس بشحوب ، ليردفوا داخل الشركه .. وبعد لحظات قد قضوها داخل مكتب مدير هذه الشركه وترحيبه بهم ، امسك بيديه القلم وخطي بذلك الرقم الضخم ثمناً في البحث عن زوجته قائلاً بجمود : انا مستعد ادفع ثروتي كلها في سبيل انكم تلاقوها سامع يا أستاذ منير .. ومتقلقش كل الفلوس اللي انت محتاجها هتاخدها
فأبتسم ذلك الرجل الذي يُدعي منير بعدما تطلع الي الرقم الموجود في ذلك الشيك قائلاً : بس برضوه يابشمهندس لازم تخليك مع البوليس ،لان اكيد هيبقي ليه دور في التعاون معانا ولا ايه يا استاذ هشام
فتلاقت أعين هشام بفارس حتي قال بأشفاق علي صديقه : كلامك مظبوط يا استاذ منير
ليحرك فارس بيده علي شعره بعشوائيه قائلاً : اعملوا اللي عايزين تعملوه المهم مراتي واللي في بطنها .. ولازم تعرفولي مين اللي ليه يد في سبب اختفائها وايه حكاية الرجلين اللي اخدوها من المزرعه بعد ما اتفقوا مع الحارس بتاع مزرعتي واستغلوا احتياجه للمال ... ومثلوا التمثليه الحقيره ديه عليها
.................................................. ................
جلست ريهام شارده في كل ماحدث منذ اختطاف هنا وهي تتحسس بطنها المنتفخه قائله بتعب بعدما اقتربت منها سميه لتقدم لها واجب الضيافه : مش قادره اصدق ان كل ده حصل لدكتور فارس وهنا .. كأني بشوف فيلم
لتتطلع اليها سميه قائله بشرود : هي الدنيا كده ليها مفاجأت ولا كأنها في الاحلام وبس ..
ثم صمتت سميه قليلاً قائله : انتي اخبارك ايه مع مازن
فابتسمت ريهام بعدما داعبت طفلها الذي ينمو في أحشائها : تصدقي ان فيه فعلا حب بيكون بعد الجواز ، ثم ضحكت وهي تتذكر شيئاً : فاكره ياسميه لما جيت احكيلك عن روايه وكنت معترضه ان ازاي المؤلفه حرمت البطله انها تتجوز حبيبها وجوزتها للشخص التاني اللي مكنتش عمرها بتفكر فيه وبعدين حبيته لما اتجوزته
لتتذكر سميه ذلك اليوم حتي قالت : وفضلتي معترضه علي المؤلفه والبطله وتقولي لاء برضوه خاينه ازاي اقدرت تنسي حبيبها وتحب واحد تاني عشان بس هو جوزها ..
فنظرت ريهام الي بطنها قائله : وانتي روحتي قولتيلي ان القدر هو اللي بيختار لينا الناس اللي ممكن نحبها وننسي العالم معاها والناس اللي ممكن نفارقها .. واهي الحياه بتمشي بس ديما أختيار ربنا لينا هو اللي بيكون الاحسن والأفضل
فأبتسمت سميه وهي تتذكر كل هذا قائله بأمل : ياريت شركة الحراسات تقدر تساعدهم عشان يعرفوا يلاقوها
فتنطق ريهام هي الأخري بأمل : يارب ياسميه يارب .. ثم تذكرت شيئاً قائله : انتي لسا في الشهر الأول صح ، بكره تبقي كده شبهي واتريق عليكي واقولك يابطيخه
لتبتسم سميه علي مزاح صديقتها ، حتي تحسست بطنها التي تضم طفلها من هشام حبيبها وزوجها ، متذكره كل ما يفعله معها هي وطفلتهم ورد
.................................................. ............
ظل ينظر اليها طويلاً وهي منبحطه امامه علي الارض في ذلك الظلام حتي قال : بتضحكي عليا انا ياهنا .. وبتفهميني انك خلاص نسيتي فارس ، ومواقفه اننا نتجوز .. وانتي بتفكري تهربي مني
ثم بدء يصرخ في وجهها وبصوت عالي : عايزه تهربي مني، بعد ما اوهمت الكل انك خلاص مبقتيش موجوده .. بس للأسف انتي متعرفيش مين محمود
فرفعت هنا بوجهها الذي أصبح ملطخ بذلك التراب : انت مريض .. مريض
ليهبط محمود بقدميه بالقرب منها ناظراً الي رجاله : لو اللي حصل النهارده أتكرر تاني يا اغبيه .. هطردكم .. ثم حملها بقوة قائلاً بسخريه : بتحطيلي المنوم في العصير ياهنا ، فاكراني اهبل هصدق الحب والاهتمام فجأه .. ليتذكر كوب العصير وهو يصعد درجات السلم قائلاً : متعرفيش بقي انا النهارده ناوي اعمل فيكي ايه .. انتي روضتي الاسد خلاص وهو جيه دوره ... ثم قذفها علي الفراش ونظر لها بقوه : ها عايزه تقولي ايه
فظلت تنظر اليها حتي صرخت ببكاء وهي تتأمله وهو يخلع بقميصه ويفذفه أرضاً : مش هتلمسني حتي لو كان اخر يوم في عمري ... ونهضت من علي الفراش سريعاً بعدما تأملت ذلك السكين الموجوده علي احد الادراج بجانب طبق الفاكهه .. فجذبها محمود من ذراعيهاا بقوه .. حتي جرحت السكين يده ، ناظرة الي الدماء بخوف والي نظرات اعينه القويه .. حتي نزع عنها ذلك الرداء الذي ترتديه غير متطلعاً الي بطنها المنتفخه ، قاذفاً ايها علي الفراش وهي تصرخ محاولة الهروب من تحت ذراعيه القويه وشفتيه الكريهه .. لتسكت انفاسها بعد الصراخ ، رافعاً بوجهه عنها بعدما وجدها قد هدأت .. حتي هبط بأعينه ثانية اليها وظل يحركها بأيديه ويقف بخوف وبصوت مضطرب: هـــــنـــا فوقي ... خلاص مش هلمسك فوقي ياهـــنـــــا .................................................. .............
وبعد عاماً ونصف قد مروا بما فيهم من الم وامل وفراق وتمني ..
وقف بين طلابه وهو شارداً في طيات الورق الذي يحمله كي يكمل شرح محاضرته ، فقد عاد كما كان بل أسوء ولكن ليس ذلك الأستاذ الذي يعلو صوته غضباً.. انما عاد بهدوء قاتل ، ولكن ماجعله يتوقف عن شرحه هو صوت ذلك الطفل الصغير الذي تحمله احد طالبته .. فظل يتأمل الصوت طويلاً .. حتي وقفت تلك الطالبه قائلة بخجل : انا اسفه يادكتور فارس ، مش هتتكرر تاني
فنظر فارس الي الطفل حتي ابتسم الطفل له بعدما كان يبكي ، ليتذكر ان لو كانوا في حياته الان لكان طفله في مثل عمر ذلك الطفل .. فسارت الطالبه بخوف أمام نظراته كي تخرج من باب ذلك المدرج قائله بأستعطاف : اسفه مره تانيه !
فأوقفها صوته ويديه الممدوده كي يحمل الطفل قائلاً بأبتسامه : هاتيه واتفضلي ركزي في المحاضره ...
ثم نظر الي الطفل الصغير ، ناظراً الي طلابه : هنكمل المحاضره ياشباب ، انا و.... لينظر الي الطالبه لتقول : ادم .. اسمه ادم
فعاد ينظر الي طلابه ثانية : انا وادم ..
فسارت حاله من الضحك والذهول لما يفعله ، حتي بدء يسير بينهم وهو يلاعب ذلك الطفل الذي اشعره بحنين جارف نحو ابوته التي لا يعلم هل اصبح اباً ام ....
.................................................. ................
كانت تركض سلمي خلف أبنائها التوأم اللذان اصبحوا يخطيان بشقاوه في حديقة بيتهم الواسعه الذي تقطنه مع والدتها واخواتها بعد ان انجبتهم فقد أصبح لها مملكة خاصه بها وحدها .. لتأتي والدتها وبجانبها ثريا وهي متكأه علي تلك العصه قائله : انا جيت اشوف عاصم وعلي ، مجتش اشوفك انتي
فضحكت زينب علي تلك الغيره التي مازالت تحتل ثريا رغم حبها لأبناء منصور الولدان .. لتبتسم سلمي قائله : البيت بيتك ياخالتي ثريا
فتضغط ثريا علي شفتيها التي اسودت من كثره الادويه علي تلك الكلمه : قال خالتي قال يابنت زينب
لتسمعها زينب .. وتبتسم .. ناظرة الي ابنتها ريم التي أتت اليها راكضه بهدية كبيره : عمو فارس بعتلي مع السواق بتاعه هديه عيد ميلادي ، وقالي انه في اجازه الصيف هيبعتلي السواق عشان ياخدني انا ونور نتفسح في القاهره
ثم أخفضت برأسها أرضاً متذكرة هنا : اوعي متكونيش دعيتي وانتي عند بيت ربنا ان عمو فارس يلاقي هنا ياماما ، طب منصور دعي هو وسلمي ولا لاء .. لو مدعتوش ان هنا ترجع هخليكم تسافروا تاني وانا هسافر معاكم عشان اقف قدام الكعبه وادعي
فأدمعت عين زينب وهي تتذكر هنا ، حتي أحتضنت ابنتها الصغيره ذات الثمانية اعوام متذكره كل الاقاويل التي اطلقوها أهل البلد علي ألسنتهم عندما علموا بفقدانها قائلة بأمل : متخافيش ياريم .. هنا هترجع وهتبقي كويسه .. ربنا يسامح اللي كان السبب .. لتتذكر ابراهيم واعترافه عن هذه الجماعه المجهوله الذين اتوا وأوهموها بحادث فارس واخذوها معهم بعد ان اعطوا له بعض الاموال التي اتفقوا عليها
.................................................. ............
كانوا يجلسون ثلاثتهم يتابعون تلك الصفقة التي جمعت بين شركة الدمنهوري الخاصه بمازن وشركة القاضي الخاصه بفارس ، لينظر كل من هشام ومازن في ساعته، متطلعين الي بعضهم البعض .. حتي رفع فارس وجهه عن تلك الرسومات التي امامه قائلاً بعد أن تطلع الي ساعته هو الاخر : قاعدين ليه يا بهوات .. يلا قوموا لحسن حفلة تخرج زواجتكم النهارده
فنظر مازن الي هشام .. حتي عاد فارس بالحديث ثانية قائلاً : انتوا ناسين اني كنت الدكتور بتاعهم لسنتين ، ده غير اني المشرف علي مشروع تخرجهم اللي تأجل سنتين .. ثم نهض وارتدي جاكت بذلته الرسميه باسماً : خمس دقايق الاقيكم عند عربيتكم ، وخمسه تانين كل واحد فيكم يروح يجيب ولاده ... فيشير بأتجاه مازن قائلا : انت تجيب امجد ، ثم اشار أتجاه هشام قائلاً : وانت تجيب ورد وحوريه اومال يعني انتوا تشوفوا امهاتهم وهما بيتخرجوا وهما لاء
ليبتسم مازن معانقاً له .. وينصرف من امامه كي يذهب ليحضر طفله ويذهب الي حفل تخرج زوجته
ويقترب منه هشام قائلاً بحب يتخلله المرح كي يخرج صديقه من هذا الحزن ولا يشعره بالشفقه : اوعي تسقط مراتي انا قولتلك اه .. انا مصدقت سميه تتخرج سامع ، لا الا اجيب ورد وحوريه يبهدلوك
ويذهب هشام هو الأخر من أمامه ، حتي يبتسم بحزن عندما تذكر زوجته ومحاولاته العديده في ايجادها ولكن تبقي نفس الكلمه : لا أحد يعلم عنها شئ .. ولا يوجد أثراً لها
فيمدّ بيده كي يأخذ مفاتيحه الشخصيه ، ناظراً الي تلك الميدليه الفضيه علي شكل قلب ، فاتحاً ايها ليتأمل صورتها بعشق قائلاً بأمل : تعرفي انك وحشتيني اووي ياهنا ، انا لسا منستكيش وهفضل ادور عليكي عمري كله ، ثم ادمعت عيناه ليقول : اوعي تكوني سبتيني بأرادتك ياهنا
ويسير هو الأخر ناحية باب الاجتماعات ويفتحه علي مصرعيه .. ليغادر مقر شركته
.................................................. ..............
ظل يتأملها طويلا .. حتي بدء يأخذ الغرفه ذهاباً واياباً ، ليضحك بضحكة قويه قد جعلتها ترفع برأسها من بين قدميها قائله : ارجوك يافاروق اديني الجرعه ،ثم بدأت تفرك بأنفها قائله : خد كل الفلوس انا مش عايزه حاجه بس خرجني من هنا واديني الجرعه
فابتسم فاروق وهو يصفق لها : سنتين داخلتي بس فيهم حياتنا دمرتينا ، امي ماتت بقهرتها بسببك ، والراجل اللي كل الناس كانت بتحكي وتحلف بيه ضحكتي عليه لحد ما اتجوزته وورثته يعني مش كفايه مات بسبب لاء وكمان شاركتينا في ورثنا ... وفي النهايه تلعبي علي اخويا الصغير بعدي ما فقدتي الامل فيا وعايزاه تنهبي حقه وتخسارينا بعض .. لحد هنا وكان لازم اعمل حاجه يانسرين
فنظرت له وهي ترتعش حتي قالت : عشان كده ضحكت عليا ومثلت انك بتحبني ، خلتني ابقي مدمنه عشان تاخد حقك .. ده انا وثقت فيك وحبيتك
لتزداد ضحكات فاروق قائلاً : طب بذمتك احب الست اللي كانت مرات ابويا والسبب في موته ازاي ... ايوه انتي اللي موتيه .. انتي تستاهلي كل اللي جرالك
فصرخت نسرين في وجهه وهي تبكي من الالم : طب أديني بس الحقنه ، عايزه ارتاح يافاروق .... ثم تأملت تلك الغرفه في ذلك المصحه التي اردفت اليها منذ شهراً : انت جايبني هنا ليه ن مش خلاص أخدت كل الفلوس ولا بتشفق عليا
ليتحرك فاروق بخطي بسيطه ناحيه الباب : اصل ميرضنيش اسيبك كده طول حياتك مدمنه ، مدام اخدت حقي .. يبقي اعمل معاكي معروف يابنت الرقاصه
.................................................. ............
جلست هنا في تلك الحديقه الواسعه التي رغم جمالها الأخذ .. تظل سجناً يضمها ، فتأملت طفلها الذي قد بدء يخطوا بقدميه علي الارض ، ثم أبتسمت عندما رأته يقع وينهض ثانيه .. فاقتربت منه وضمته الي صدرها وظلت تُلاعبه .. وشردت في كل ذكرياتها في ذلك البيت ، ويوم ان كان يريد محمود ان يغتصبها دون رحمها بها وبجنينها ، ولكن رحمة الله لها جعلتها تصرخ معلنة عن ولادتها لجنينها .. ففرت دمعة من عيناه وهي تلتف يميناً ويساراً تتابع حركة بعض السيارات اتجاه تلك الفيله المقابلة لهم ، فكما يبدو ان يوجد أحتفالاً لديهم
ليجذبها مراد بيده كي تسير معه نحو ذلك الطائر الابيض حتي أقتربت من باب فيلتهم والتي لأول مره يتركوها رجال محمود مفتوحه ، فتأملت الشارع وهي تضحك : انا عرفت ليه دلوقتي هما سايبين الباب مفتوح ، لتتأمل الثلاث حُراس وهم يقفون مع بعض أصدقائهم كما يبدو ويثرثرون في الحديث وهم يرتشفون اكواب الخمر في ذلك الوقت المبكر ، الذي لا يتعدي الساعه الثالثة عصراً
وألتفت كي تعود الي عرفتها وتغلقها عليها قبل أن يأتي محمود ويلتهمها بنظراته التي تكرهها فمنذ فعلته الاخيره وبعد أن فقدت حاسة النطق .. جسدها أصبح يرتعش عند رؤيته ولولا وجود روز وايضاً حسام الذي دائما يطمئنها بعودتها لكانت قد قتلت نفسها من ذلك الجحيم ... ولكن فرملت تلك السياره جعلتها تلتف ثانية ليخرج ذلك الرجل الأشقر بعد ان عاتب سائقه بالأنجليزيه ، ويخرج خلفه صديقه العربي وكما يبدو من صوته انه مصري ، فظلت واقفه كي تشاهد ذلك الجسد كما سمعت صوته وذكرها به ثم أردف الرجلان الي دخل تلك الفيله حيث تقام الحفل .. وأرادت ان تسير ثانية ولكن قدماها قد منعتها وظلت جالسة امام تلك البوابه للحظات وقبل ان تمل وترحل الي غرفتها
وجدته يخرج وكأنه نسي شئ ، فيرفع بوجهه قبل أن يردف داخل السياره ، ويكون كما ظنت من رياح رائحته .. انه هو فارس .. لتركض خلفه وهي تحمل الطفل غير عابئه بذلك الرجل الذي جذبها ، وتنده عليه بصوت لم تستطع اخراجه في بداية الأمر ولكن اشتياقها واملها في أنقاذها من محمود جعلها تصرخ وتجري خلف السياره بأسمه وبصوت متقطع: فـــــــــارس ، فـــــــــــارس ، فـــــــــــــارس
ولكن قد سارت السياره بسرعة فائقه ، دون ان يلتف احداً اليها الا هؤلاء الرجال وخلفهم محمود وحسام اللذان عادوا في تلك اللحظه
ليصرخ محمود قائلاً : انتوا يابهايم ازاي تسيبوها تخرج ، انتوا عايزين تفضحونا ، ويتامل حسام قائلاً : هو فارس بيعمل ايه هنا في لندن .. ليتذكر امر مشروعه الذي نافسه فيه كثراً حتي قبض بكلتا يديه بقوه وهو يقول : انا عشان حوليا اغبيه ، ديما انا الخسران
ونظر الي هنا الواقعه علي الارض وتحمل مراد وتبكي .. حتي اقترب منها بجمود : دلوقتي صوتك طلع سنه ونص وانتي عامله فيها خارسه ، ماشي ياهنا مش خلاص بقيتي متأكده انه عايش ... هما حلين لهتعيشي معايا كده من غير جواز وهاخد منك اللي انا عايزه ، لاما تبعتي دعوه تطلبي فيها الطلاق منه ... وخليه يعرف بقي انك لسا موجوده ومع عشيقك
فيتأملها حسام بأشفاق ، ولولا ذلك المبلغ الضخم الذي أخذه محمود عليه ، لكان فضحه ولكن .. عندما رئي دماء يدها تسقط ، ودموعها تهطل بغزاره ورجال محمود يجذبوها للداخل بقوة ... ألتف الي روز التي وصلت بسيارتها في ذلك الوقت ونظر لها بنظرة قد فهمت معناها !!
ويصبح كل شئ .....بين هذا وذاك

رياح الحب ونسمات الألمWhere stories live. Discover now