الفصل ٢٤

12.1K 256 1
                                    

كان يكفيه النظر الي عيونها ليعلم مدي حبها له ، ولكن سماع كلمة الحب من بين شفتيها له ، جعلته غارق في بحور عشقها ، ضمها اليه فارس بقوة بث فيها حبه لها الذي لا يعلم متي وكيف حدث ولكن دائما للقدر دوراً كبير في جمع القلوب ، والذي نتمنه اليوم ، يأتي له يوماً ويتحقق ان شاء الله له ذلك
فأبتعدت عنه هنا بعدما شعرت بقوة ضمته قائله بصوت ضعيف : فارس
فينظر اليها فارس بحب قائلا : ياعيون فارس من جوه ، أميرتي تطلب وانا عليا السمع والطاعه
فتمسك بيده وتجلس علي الفراش فيجلس هو بدوره بجانبها
هنا بخجل تصطحبه الدموع : مش هتندم انك اتجوزتني في يوم ، انا عارفه اني مش الست الي بتتمني تجوزها ، انا زي ما بتقول عليا مجرد طفله
فيضحك فارس بشده عليها ، حتي تنظر اليه هنا بغيظ قائله : انت بتضحك عليا يافارس
فارس بضحكه بسيطه تتخللها نبرة الحب : هنا هو انا قبل كده قولتلك أنك هابله
فترفع هنا يدها اليمني ،ممدده بأصابعها لتبدء مهمة العد قائله : طفله ، وزنانه ، ومفعوصه ، وهابله ..
فيضحك فارس علي تصرفها الطفولي قائله بشغف شديد : طب ومقولتيش ليه انك بنتي ، بتنكري ابوتي ليكي ياهنا ، لاء أنا كده زعلان وفارس لما بيزعل بيتحول .. صالحيني بقي
وعندما سمعت منه أنه حقاً يعتبرها أبنته قبل أي شئ، شعرت بأنها ملكه غاليه في عينيه ، فأقتربت منه لتضع قبله حانيه علي أحد خديه قائله بحب شديد : بيقولوا أن لما الحياه بتأخد منك حاجه بتحبها بتعوضك ، مكنتش مصدقه أن ده هيحصل ، بس كرم ربنا أكبر وأعظم ، وانت كنت الحاجه الي ربنا عوضني بيها .. ثم تنهدت براحه شديده قائله بأعين لامعه يتزين داخلها الرضي : الـــحـــمــدلله
وتتذكر شئ قائلة وهي تنهض سريعا : بس انت يافارس كنت بتعاملني وحش ، وضايقتني كتير
فيقف فارس سريعا ويجذبها اليه ليحملها بين ذراعيه قائلا : شكلك هتتعبيني ياطفلتي ، ويظل يدور بها في أنحاء الغرفه حتي تعب وتعبت هي أيضا .. فيسطحها علي الفراش ،ويتسطح هو جانبها ، وبعد وقتا أصبح فيه صوت أضطراب تنفسهم يهدء ، ألتف فارس بوجهه ناظرا اليها ، فألتفت هنا بدورها اليه لامساً هو بأنامله الرجوليه الخاشنه وجهها الناعم مقترباً منها كي يقبلها بشغف شديد .. ويذهبوا معا في عالم لا يوجد فيه غيرهم
.................................................. ................
بدء أجتماعهم ينتهي ، وبدء المهندسين في الانصراف ، فوقف هاني امام سميه قائلا بنبره ليست مريحه : فكرتي في عزومة العشا ولا لسا يا سميه
فيقترب منهم هشام بوجه جامد ، ناظراً لسميه بجمود : أسمها بشمهندسه سميه
فينظر اليه هاني بأرتباك قائلا : عادي يابشمهندس أحنا زمايل ولا أيه ياسميه
فيضغط هشام علي كفيه بقوه قائلا بجمود : ردي يا بشمهندسه
فتتأمل هي أعين هشام الغاضبه ، وعندما وجد هشام صمتها قد زاد ، تيقن بأن يوجد بينها وبين هاني شئ ، فألتف بجسده كي يتابع سيره ويتركهم ، لتقول سميه بجديه : احنا اه زمايل يابشمهندس ، بس لازم يبقي في بينا حدود في التعامل محدش فينا يتجاوزها ، واسفه مش هقدر أقبل عزومتك
ليسمع هشام حديثها فيبتسم ويكمل سيره ، أما هاني نظر اليها بضيق قائلا : أه تمام يابشمهندسه ، وتركها وانصرف وهو حانق منها
فتتابع سميه خطوات هشام بأعينها قائلة بوجع : ولا كأن كلامي أثر فيك ياهشام ، سبتني ومشيت ، انا هابله عشان بقيت أفكر فيك كتير ، فتضحك من نفسها بسخريه وهي تخمد حديث قلبها الذي يحادثها : أنتي مش بتفكري فيه ، انتي بتحبيه
وتمسك بحقيبتها بغضب قائله : ييييه ، أسكت انت بقي
فيأتي هشام ثانية ضاحكا عليها : انتي هابله يابنتي ولا انا الي بيتهيألي
فتتطلع اليه سميه بغضب ، وتتركه وتذهب ، ليأخذ هو بساعته التي تركها علي طاولة أجتماعهم ضاحكا علي فعلتها
.................................................. ..............
كانت لا تشعر بكلماتها من شدة الالم الذي أصبح يزداد مع الوقت ، فيسير يوسف خلفها ضاحكا من حديثها
فتقول نيره بوجع وهي محمله علي السرير النقال لكي تذهب الي غرفه العمليات لتضع طفلهما الأول : انت بتضحك علي ايه ، ربنا يسامحك ياشيخ اشوف فيك يوم
فيزداد يوسف في الضحك ناظراً الي احد رجاله الذي يتبعه قائلا : فضحتيني ياشيخه ، يقولوا ايه دلوقتي بقي السفير الي بيمثل بلده هنا مراته عماله تدعي عليه
فتبكي نيره من الألم : أنت مش حاسس بيا ، امشي من هنا مش عايزه اشوفك تاني ، روح يلاا للسفاره والبنت بتاعتك بتاعت بلجيكا ام شعر اصفر وعين خضرا
فيبتسم يوسف بحنان واضعاً بيده علي يدها وهو يتابعها وقبل ان تدخل حجرة العمليات نظر اليها بعمق : برضوه هفضل اعشقك يا مجنونه انتي
نيره بصرخة قويه : انا عايزه فارس وعمتي يا يوسف ، ربنا يسامحك انت وابنك والله لما هطلع لهوريك انت وابنك ومش هخلف تاني
فتضحك الممرضه التي أغلقت الباب قائله بلهجه سوريه : ربنا يخليهالك
ليبتسم يوسف بحب وهو يدعي الله بأن تضع مولودهم وتخرج له بعافيه ، فهو لا يتخيل حياته بدونها فهي وحدها التي تمتلك قلبه وليتها تعلم ذلك ، فيتنهد بقلق ، حتي يجد من تضع بيدها عليه : طمني علي نيره يايوسف
فيلتف يوسف لمصدر الصوت قائلا : كويس ان حضرتك جيتي ، انا خايف عليها اووي
أمال بحنان : ان شاء الله هتقوم بالسلامه أنا اول ما قولتلي انها تعبانه أخدت اول طياره جايه علي سويسرا ، وفارس كان جاي معايا بس للأسف معرفش يجي لانه لسا متجوز من يومين ومش هيقدر يسيب مراته لوحدها
فينظر اليها يوسف بتعجب قائلا : هو فارس أتجوز
فتحرك أمال رأسها بتعب وتجلس علي اقرب مقعد داعية الله بأن تخرج لهم ابنة اخاها هي وطفلها بعافيه
.................................................. .................
استيقظ فارس علي لمسات أيديها التي تتحرك علي قدميه ، قائلا بنعاس : انتي بتعملي ايه في رجلي ياهنا ، ربنا يهديكي وتعالي نامي
فتظل هي علي ماتفعله ،ضاحكة علي منظر قدميه التي أتخذتها بأحد الاقلام للرسم عليها قائله بطفوله : بتسلي يافارس
فيغمض فارس عينيه بتعب قائلا : بتتسلي في رجلي ياهنا ، ربنا يسامحك ياشيخه
فتضحك هنا بقوة قائله : مش لازم الأب يستحمل بنته ، ثم نظرت الي رسمتها فقالت : انا خلاص خلصت ياحبيبي كمل بقي نوم ، وانا هنزل أتفرج علي برنامج عالم الحيوان
فينهض هو من علي الفراش متطلعاً الي قدميه قبل ان تخرج ، ليري أحد رسومات الميكي موس قائلا : تعالي هنا يابتاعت الحيوانات ، فتخرج هنا سريعا من أمامه جارية علي سُلم البيت لتنزلق من عليه قائله بألم : رجلي يافارس
وبعدما كان سينتقم منها علي فعلتها ضحك عليها بشده فقال : مش بقول هابله محدش صدقني ، مدام انتي مش بتعرفي تهربي زي الناس ، كنتي وقفتي واخدتي عقابك
فتتطلع اليه هنا بألم حتي يقترب هو منها ليحملها وبصوت هامس : قولي بقي انك عايزاني اشيلك ياهانم
لتضربه هي بكلتا يديها علي صدره برفق قائله : نزلني ، انا بعرف أمشي لوحدي
فيضمها فارس بشده قائلا بحنان : لسا رجلك بتوجعك.
فتنظر اليه هي بحب ، وكيف لا تحبه وهو يغمرها بحبه القوي لها وبصوت حاني : انت مزعلتش من الي عاملته فيك
فيضحك فارس بقوه بعدما وضعها علي الفراش قائلا : ياعبيطه انتي بنتي ، ولازم الاب يستحمل مصايب ولاده المجانين
لتتحول نظراتها الحانيه الي غضب منه ، فيمسك هو بيدها ليقبلها بحب : اتخمدي بقي عشان عايز اتخمد انا كمان
.................................................. .................
ظل ينظر اليها محمود طويلا .. الي أن تذكرها فقال : نسرين مش معقول
فتقف نسرين أمامه مباشرة ممدده بأيديها قائله بتهكم : اوعي تكون مبتسلمش علي ستات يامحمود باشا
فيضحك محمود وهو ناظر الي كأسه قائلا : وانتي تعرفي عني كده برضوه
فتضحك نسرين بشدة قائله : لسا عارفه من قريب انك جيت مصر ، مفاجأه حلوه بجد
فيضحك اليها محمود بضحكة مزيفه قائلا :ممممممم، قولتيلي
فتجلس نسرين علي أحد الكراسي في مكتبه واضعة ساقاً علي ساق كي تظهر مفاتن قدميها بفستانها القصير : انا عايزاك تساعدني اني الاقي وظيفه ، انت عارف من ساعة ماحسام طلقني وانا قاعده في البيت وحالتي وحشه بسبب الأكتئاب ، وتبدء دموعها الزيفه في الهبوط ببراعه
نسرين : ابن خالك يامحمود سابني عشان مكونتش زي حتت البت الي اسمها هنا ديه ، كله بسببها ، شوفت كسر بقلبي ازاي
فينظر اليها محمود بعمق قائلاً : انتي تعرفي ايه عنها يانسرين
نسرين بنصر : مين هنا !
.................................................. ................
وقف مازن من بعيد يتأمل شرودها وهو بداخل نفسه متعجباً من كل شئ يحيطها قائلا : انتي غريبه اووي ياريهام
فيأتي فريد سريعا مرحباً به قائلا : اهلا ، اهلا مازن بيه نورت فيلتنا المتواضعه ، ثم نظر فريد الي ماكان ينظر اليه مازن قائلا : مش عارف من ساعة ماجات من مصر وهي ديما قاعده لوحدها وسرحانه كده ..
فيتطلع اليه مازن قليلا ليقول : لازم اسمع ردك قريب يا فريد بيه ، ولازم يكون الرد بالموافقه
فيبتسم فريد قائلا بحالميه : هو حد يطول يناسب مازن الدمنهوري ، ده انا بنتي يوم ماتكون مراتك يبقي ابواب السعد أتفتحت ليها
فيضحك مازن بغرور وهو يربط علي كتف فريد : وانا مستني موافقتك .. وقبل ان يكمل حديثه مع فريد
جائت اليهم ريهام وبصوت جامد : وانا مش موافقه ، يامازن باشا
لتتركهم وتنصرف غير عابئه بالحديث الذي سيدور بينهم
فيقول فريد بخجل : اسف يامازن باشا ، متزعلش من كلامها
فيتحرك مازن قليلا من أمامه وبصوت جامد : بكره عايز موافقتها ، وتكون بالقبول .. ويذهب الي سيارتها الفاخمه التي ان وصل اليها ففتح له سائقه احد ابوابها بأبتسامه تزين وجهه
.................................................. ................
كانت هنا نائمه بين أحضانه تتأمل ملامحه بحب ، فوضعت بكفيها الصغيره علي رأسه وظلت تقرء عليه بعض الأيات القرئنيه ، ففتح هو بعينه ناظرا لها بحب قائلا : بتعملي ايه في شعري
فأبتسمت له ، حتي صدقت بعدما أنهت تلاوة بعض الايات القصيره قائله : كنت بقرالك الأيات الي بتحفظك وانت نايم
فضمها اليه فارس بعشق : بتحبيني اووي كده
فلمعت الدموع في عينيها قائله : انت كل حاجه في حياتي يافارس ، انت ابويا الي اتحرمت من حنانه فجأه ، وانت عمي الي حرمني من رعيته عشان الفلوس ، انت امي الي وحشني حضنها ، واخواتي الي مكنش ليا نصيب ان يبقالي سند في الدنيا ، وفارس احلامي الي فضلت احلم بيه عشان اشوف جمال الدنيا معاه ، انت كل حاجه حلوه في حياتي
فنظر فارس في عينيها قائلا بحنان : كل دول ياهنا شيفاني فيهم ، فظل يمسح علي شعرها بحب حتي دفنت هي بوجهها بين ذراعيها ليهمس في أذنيها قائلا : ربنا يقدرني واقدر اكون ليكي اكتر ما اتمنيتي
فتبتعد هنا عنه كي تري نبرة الحب في عينيه ... فيبتسم اليها وبصوت عاشق : بحب اووي عينك الي بتلمع حتي وهي بتبكي ، بحس اني شيفك ديما منها
فلم تشعر بنفسها سوا وهي تضع رأسها علي صدره كي تنعم بدفئ أنفاسه وحنانه
.................................................. ................
وجدها هشام تجلس في الظلام علي أحد الصخور ناظرة الي سواد البحر بعمق ، ولكن صوت بكائها جعله يقترب منها اكثر قائلا : انتي ايه الي مطلعك من اوضتك دلوقتي
فتنظر اليه سميه بغيظ بعدما مسحت بأحد كفيها دموعها : انا حره ، انت مش ولي امري
فنظر اليها هشام بغضب وبصوت عالي : اتكلمي معايا عدل سامعه
فبدأت سميه في البكاء ثانيه ، ليهدء هو من نبرة انفعاله فقال : طيب بتعيطي ليه دلوقتي
لتلتف سميه بوجهها كي تكمل متابعة موجات البحر في الظلام قائله : بابا وماما وسمر اختي وحشوني اووي
فيشعر بها قائلا : مش فاضل كتير والمشروع يخلص ، ومهمتك كمان تخلص هنا وترجعيلهم
وألتف بجسده كي يتركها قائلاً : ياريت تروحي اوضتك ، عشان الوقت اتأخر
فلم تستطيع سميه أن تمسك لسانها فقالت : هي فين البنت الاجنيه الي كانت معاك ، انتوا متجوزتوش
فنظر اليها هشام بقوة .. وتركها بعدما شعرت هي بمدي غبائها من تهورها هذا
لتقول لنفسها وهي تجلس ثانية علي الصخره : يخربيت غبائك ياسميه ، ديما لسانك كده
.................................................. ..............
وعندما داعبت نيره أنامل طفلها الصغير ، ابتسمت أمال بحب قائله : خلتيني بقيت تيته دلوقتي ، وبكره فارس كمان يجبلي حفيد وتبقوا كبرتوني بقي ، بس الي هسمع حد من ولاده يقولي ياتيته هضربه ، انا اسمي لولو سامع يافارس ياصغير انت
فأبتسمت نيرة علي حديث عمتها قائله بتعب : هو ازاي فارس اتجوز هنا بالسرعه ديه ياعمتو
فتتطلع امال الي نيره قليلا وبعدما قررت ان لا تخبر نيرة بما حدث حتي لا تجعلها تنظر الي هنا يوما بنظرة شفق او تقليل فقالت : النصيب بقي ياحببتي ، وكمان اخوكي هو الي مستعجل ما انتي عارفاه ملهوش في جو الخطوبه والمراهقين ده ، وكمان احنا مصدقنا ان عقدته اتفكت واتجوز
فتبتسم نيره قائله : انا فعلا مش مصدقه ، من سنه كنا فقدين الامل فيه ، سبحان الله ،ثم نظرت الي اعين عمتها بأسي : شوفتي يوسف سبني أزاي عشان شغله ، يوسف مبقاش يحبني ياعمتو
فتضحك عمتها قائله : والله انتي هابله ، مش انتي الي طردتيه وقولتيله مش عايزه اشوفك قدام الدكتور ، عايزاه يعملك ايه بس طيب
فتتطلع نيره الي طفلها بأسي : برضوه ميسبنيش يفضل جنبي بالعافيه ، مش الي بيحب بيستحمل الي بيحبه في اي وقت
فأبتسمت أمال بعدما ربطت علي كتفها بحنان : لاء طبعا ده غلط يانيره ، مش هيفضل يستحمل طوول عمره اصلنا بشر ياحببتي ، وهيجي يوم وطاقة حبه ليكي هتخلص طول ماهو شايف انه لازم بس هو الي يدي ويستحمل والطرف التاني مبيقدمش حاجه أعقليها كده طيب ، انتي لو فضلتي مُهتميه بحد اووي ، وبتعملي كل حاجه تسعده وتفرحه ، بس الحد ده عمره ماحسسك بحبه ليكي وحتي لو حسسك بيحسسك انه بيعمل كده مقابل الاهتمام الي بتدهوله وبس ، هيزهق صدقيني من الاحساس انه لازم بس الي يدي ومش مهم هو ، الحياه ان كل واحد فينا يفني سعادته عشان يسعد الي بيحبه ، أقدم خطوه عشان هو يتقدم كمان خطوه ، اقول كلمه حلوه عشان هو كمان يقول كلمه حلوه ، امد أيدي ليه عشان هو كمان يمديلي ايده ، حياتك في ايدك انتي يانيره ، اوعي تخسري جوزك عشان تفكيرنا العقيم في الحب والتضحيه ، لازم كل طرف يتنازل شويه ويضحي ، فاهمه
ثم مسكت امال بأحد أذنيها وقالت ثانية : فاهمه ولا مش فاهمه
فتضحك نيره بحب : فاهمه والله ، ده يوسف ده كل حياتي ، ده انا من غيره ولا حاجه
وعندما نطقت بتلك الكلمه وجدته يردف الي الحجره بأبتسامة قد زينة قلبه قبل شفتيه وهو يحمل باقة من الورود اليها ، وبعض البلالين وبصوت حاني : وانتي حياة يوسف كلها ، وهفضل أحبك لحد اخر نفس جوايا ، يا أم فارس
وأقترب منها بعدما تركتهم أمال بمفردهم ، ليقبل يديها وجبينها بعشق ، ناظرا الي طفله بحب وهو يقول : ربنا يخليكم ليا
.................................................. ..............
وقفت سلمي تتأمل من نافذتها اولاد ثريا وفاطمه وهم يذهبون الي مدارسهم ، ناظرة اليهم بألم وهي تتمني أن يعود بها الزمن وتكمل تعليمها الذي حُرمت منه بسبب جشع اباها ، فيستيقظ منصور بعد أن شعر بعدما وجودها بجانبه فتأملها بحيره لما تنظر له ،ونهض هو الاخر مقتربا منها ناظرا الي ما تتأمله بشرود ، فوقع ببصره علي بناته وهم يحملون حقائب مدرستهم وكُتبهم ، فلتفت سلمي سريعا اليه بعدما شعرت بأنفاسه خلفها قائله : انت صحيت
فتطلع اليها منصور بألم عليها ولكي يخفي حبه لها قال بجمود وهو ينظر الي ما كانت تقف به امام النافذه : انتي واقفه كده ازاي ، مش شايفه منظرك
فتتطلع اليه سلمي بخوف وبأسف : اسفه مش هعمل كده تاني
فيغلق منصور النافذه بغضب ، ويسحب سُتارتها كي يغطي النافذه تماماً وبصوت جامد : عارفه لو عملتي كده تاني ياسلمي حسابك معايا هيبقي شديد سامعه
فتخفض سلمي رأسها ارضا قائله بأرتجاف : انا عايزه اكمل تعليمي يامنصور ، وافق الله يخليك أنا كنت شاطره والله وجبت مجموع كبير زي منال ، لو بابا مكنش جوزني ليك كنت زماني دلوقتي معاها في المدرسه
فينظر اليها منصور بغضب وبصوت جامد : انا قولتلك انك هنا عشان تجبيلي الولد فاهمه ، وياريت متخديش اي حاجه تمنع الحمل ، سامعه ولا مش سامعه
فتتطلع اليه سلمي بخوف قائله : بس سهر لسا صغيره ، ديه عندها 4 شهور بس ، حرام عليك انا مش عايزه اخلف تاني
فيجذبها منصور من ذراعيها وبصوت عالي : أنا قولتهالك هتخلفي لحد ما تجبيلي الولد سامعه ، ومش عايزك تفكري انك تكملي تعليمك تاني ،ثم قال بدون أن يشعر : متغيريش من بناتي ياسلمي ، انا مش زي ابوكي ببيع بنتي وبنت اخويا للناس
فتدمع عيناه ناظرة اليه بحسره وبصوت باكي : عندك حق هو السبب ، لو كان فعلا أب مكنش هيرميني ليك تفضل تشتم وتضرب فيا وتعيرني انت وثريا ، ثم تأملت ذراعيها المليئه بالكدمات ووضعت يدها علي وجهها : مخدتش بالك بعلامات الضرب الي في جسمي ، ولا واخد بالك وساكت علي الي بتعمله ثريا فيا ، مشفوتهاش وهي بتضربني بالقلم عشان بنتك اتهمتني اني بضربها وانا كنت بتبطب عليها وبساعدها انها تقوم لما وقعت ، انا بكرهك يامنصور انت وثريا وبابا بكرهكم
.................................................. ..............
جلست تتحسس بطنها التي بدئت في الظهور بتعب ، ناظرة الي صورته قائلة بشوق وحنين اليه : وحشتني اوي ياهشام ، ووحشت بنتنا كمان ، ديه طلعت بنت ..جوليا فرحانه اوي انها هتجيب منك بيبي ، فتسقط دموعها علي وجنتيها المحمره من كثرة البكاء متذكره لحظاتها معه ، حتي لمساته ونبرة صوته التي عشقتها ، فيأتي رائحة عطره لتستنشقه من ذلك المنديل الذي كان يزين به بذلته يوماً واخذته هي منه في أخر لقاء بينهم دون أن يشعر هو ، فتظل سارحة معه في كل شئ قد مر بها معه ، فيهتز جسدها بقوة بسبب الحنين لتضم نفسها بذراعيها وهي تتمني أن تعود اليه وترتمي بين ذراعيه طيلة الحياه ولكن ماضيها الذي تتمني أن تحذفه سيبقي دائما عاراً لها ولحياتها معه .. فتقول جوليا بأرتجاف : الي بيحب حد ياجوليا لازم يسيبه عشان يعيش حياته من غير ما يأذيه
ويبقي الحب .. هو العاصفه الوحيده التي حينما تهب رياحهه لا أحد فينا يعلم كيف ستكون حياته مع تلك العاصفه
هل ستصبح العاصفه كالنسمات ، ام ستكون محمله بالأتربه

رياح الحب ونسمات الألمWhere stories live. Discover now