الفصل الثاني ( طفلة كبيرة )

5.2K 145 0
                                    

فتحت نهال تلك الغرفة وهي على استعداد لتلقي مفاجأة أخرى من ابنتها المجنونة ، التي لا تنفك أن تفاجأها بأفعالها المجنونة ، وككل مرة كانت على حق !!
نهال : يا الهي ساعدني ، لقد رزقتني بأكثر الفتيات مشاكسة في العالم ، هيا استيقظي ، استيقظي أيتها الغبية ..
تململت ايلينا في فراشها واعتدلت جالسة وهي تزيح خصلات شعرها العسلية عن وجهها المحمر من النوم ، وتفرك عيناها لينبعث العسل الصافي من عينيها الحادتين ، وتردف بصوت ناعس : أمي ماذا هناك ، هل اشتعلت الحرب العالمية الثالثة ؟!!
صرت نهال أسنانها بغضب وهي تلقي بإحدى الوسائد عليها علها تفيق من بياتها الشتوي المعتاد .. انظري الى هذه الفوضى ، هل حقأ أنتي بعمر التاسعة عشر !!!
دارت ايلينا بعيناها في أنحاء غرفتها الصغيرة ، لازالت بعض الشطائر على السرير ، وكوب العصير الفارغ ملقى في الزاوية ، ورقائق البطاطس مثناثرة في الأنحاء ، هذا عدا قطع الملابس الملقاة بإهمال على الأرض والخزانة المفتوحة وووو...

عضت ايلينا على شفتيها هامسة لنفسها : ستقتلني هذه المرة لامحالة ، الوداع الينا لقد كنتي فتاة لطيفة .. الوداع قطتي الصغيرة ..

حاولت نهال امساك ضحكتها ولكنها لم تفلح فانفجرت ضاحكة وهي تخرج قائلة : نظفي هذه الفوضى وسأصنع لكي اليوم بيتزا شهية ..

تحولت عيون ايلينا إلى رؤوس قلوب كما في المسلسلات الكرتونية ، وهتفت بحماس : خمس دقائق فقط وسأعيدها كما كانت ..
أغلقت نهال الباب وهي تبتسم وتدعو الله أن يحفظ لها ابنتها الوحيدة ..

في جهة أخرى ، تبدأ في ارتداء أضيق مالديها من ملابس ، تضع عطرها المثير بشكل مبالغ فيه ، تكثر من مساحيق التجميل لتخفي بعض التجاعيد التي ظهرت رغما عنها ، مع بلوغها الأربعون ، ولكن من يراها يراهن أنها لم تكمل الثلاثون من عمرها ، بجسدها المتناسق وملامحها الجذابة وشعرها القصير المموج .. تختم اطلالتها بحذاء ذو كعب رفيع ، يتماشى مع ملابسها الخليعة .. ترسل لنفسها قبلة في المرآة وتنظر باعجاب نحو انعكاسها .. تحمل حقيبتها الصغيرة ، وتتوجه نحو شركتها الضخمة ..

( ليس لي ذنب ، أرجوك صدقني ، أمك هي السبب ، أمك هي العاهرة السافلة ، أرجوك سامحني ، أرجووك ، ولكن الرصاصة كانت أسرع واخترقت قلبه بقوة ممزوجة بالكره الشديد .. )
استيقظ جاك فزعا ، صرخ بحدة اللعنة عليك أيها الحقير ، ومسح وجهه بيده وأرجع خصلات شعره الثائرة ، امسك هاتفه وضغط بضع أرقام ، ليأتيه الصوت الآخر مستعدا للتنفيذ ، فيدلي جاك بما لديه ، ويتوجه نحو المرحاض ليبدأ يوم جديد .. لم يضف شيئا سوى زيادة السواد في قلبه الميت ..

تناولت قطعة البيتزا دفعة واحدة والسعادة تملأ محياها ، يراقبها والدها بسعادة بالغة وهو يرى طفلته الصغيرة ، أغلى مايملك هي تلك المدللة ، قطع حبل أفكاره رنات من هاتفها ، حملت الهاتف وردت بفم ممتلئ : حسنا ايما ، خمس دقائق واكون في المقهى ، وقفت وحملت قطعة اخرى من البيتزا وأسرعت كي تلحق تلك التي ستنفجر حتما فيها ، فهي بانتظارها منذ اكثر من ساعة ..

اصطف بسيارته السوداء أمام المقهى الصغير ، نزل ليتناول كوبا من القهوة كي تساعده على المضي قدمآ في هذه الحياة البائسة ، وجد كايل بانتظاره كالعادة ..
كايل : مرحبا سيد جاك ، لقد انتظرتك منذ الصباح ، ليس لديك قلب أيها الرجل ..
قهقه جاك ضاحكآ ، لطالما وقف كايل إلى جانبه في أصعب أوقاته ، جلس بهدوء يتعارض مع فوضى أفكاره السوداء ..
كايل : ماذا ستفعل به عندما تجده ؟ هل ستقتله ؟
جاك : وهل من عادتي أن أرحم أحد ؟ الموت رحمة له لن يطولها ، سأجعله يتمنى الموت ولن يجده أبدآ ..

صمت كايل وتناول رشفة من قهوته الساخنة ، حتما ليس لديه قلب !!

وردتي البيضاء Where stories live. Discover now