46 والأخـير | سِحرٌ أزلي ..

3.7K 312 285
                                    


كان بإمكانها ابصار الخوف جلياً على وجوه وزرائها. جميعهم، حتى الذين حاولوا إخفائه في تحركات وأقوال مقتضبة، كانوا فزعين لحدٍ كبير من شكلها وفعلها.

لم يكن هذا بالأمر الجديد. حتى قبل تتويجها، كانوا يخافونها وسلطتها القادرة على إطاحة أيٍّ منهم ولو بكلمةٍ واحدة؛ كما أنها لم تبخل أي جهد في استبيان تلك الحقيقة مراتٍ عدة.

لكنها رأت شيئاً آخر فيهم أيضاً. كان التردد.

باح كايرو بفكرتها، مخاطباً إياهم:" إننا على علمٍ بالحال التي آلت لها البلاد وقت حكم والدي. " شعرَت بالذنب. لم تكن المعلومات التي لديهم حقيقةً قريبةً بتاتاً من إدعاء المعرفة الكلية لما طال البلاد من تغيرات وحتى أذى، بيد أنها كافية كي يُدركوا مدى سلبية انعكاستها على أهم قطاعات المملكة. " لاشك وأنكم جميعاً كذلك على درايةٍ بطبيعة الحكم في قبائلنا. زعيم القبائل، حينما يوضع مسؤولاً، فهو يكون المُتحكم بكل شؤون القبيلة، سياسةٌ وزراعة وتجارةٌ وعمران وجيش. الوزراء، بعبارةٍ أخرى، ما من وجود لهم. " كانت إليس جالسةً بكرسي على طاولة بها تسع آخرون، جلس عليهم وزراء ماركون. من الواضح انهم التقطوا خط فكر كايرو، الواقف خلفها، إذ تصلبوا جميعهم ينتظرون جملته التالية.

قالت بدلاً عنه، ما جعلهم يقشعرون فقط لنطقها كأنما توقعوا تبكمها مع تغير شكلها:" لم يُشغلكم وكان يخطط لتنحيتكم بطبيعة الحال في نهاية المطاف. " حينما حازت على تركيزهم التام عليها، أضافت:" نعرض عليكم التعاون. تساعدوننا في تسوية الأوضاع، ونمنحكم بالمقابل المنزلة التي تستحقونها. " أبحرت بعينيها بينهم، الواحد تلوى الآخر وهي مدركة لمدى فزع التحديق في عينين صفراوتين، ففي حين كان الأحمر ممكناً لكن نادراً، كان الأصفر مستحيلاً إلا بلمسة الشعوذة أو الشياطين. وهو ما لم يعلمه الكثيرون، غير أن خطورة اللون ظلَّت محسوسةً حتى مع جهل السبب. " طبعاً، لمن يستحق. "

وفي حين امتلكوا أسئلةً ولعل معارضات، لم يتجرؤوا على طرحها. فكرت إليس أنهم ربطوا أطلال القلعة بها مباشرةً مع شكلها الجديد؛ مفترضين أنها الفاعل من الدرجة الأولى. ومن هذا الذي يملك قوةً هائلة تكفي لهدم قصرٍ بأكمله، ثم الجلوس أمامهم في نقاش هادئ دون أدنى علامةٍ للتعب.

تدخل كايرو:" نحن لا نرجوا المباشرة في هذا الطريقِ بناءً على اتفاق مكتوم، فلتأخذوا وتردوا في النقاش معنا. "

-" أنتما تهدداننا. " نطق أحدهم أخيراً. تعرفت عليه إليس، كان وزير الصناعة.

رد كايرو:" ولم سنهددكم؟ كلانا يحتاج الآخر هنا، وما من حكمةٍ في جعلكم تبغضوننا. "

بعد تطوع أول وزير، تشجع آخر قائلاً:" ولم نحتاجكما؟ الأولى فتاةٌ أُنقلب عليها رسمياً من قبل شعبها وجيشها، والثاني نكرةٌ بسمعةٍ سيئة حتى قُبيل تعرف ماركون عليه ساعد الأولى في قتل الحاكم وتهديم قصر المملكة العريق. لا نحن ولا الناس نرى فيكما أي مصلحة. "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن