43 | نحو العرش.

2.2K 282 82
                                    


غيروا في غرفتها بضع أمور. بالطبع، لم يُبقوا على أيّ شيء من أغراضها الخاصة، لم تتفحص الخزانة ولم تحتج لتعلم أنها وفي الغالب؛ ملأى بملابس كل من الملك وزوجته. أو لعلها خصصت غرفةً أخرى بأكملها من أجل ذلك. امتلكت إليس أيضاً غرفةً أخرى تعج بالفساتين، لكن، ومن قلة المناسبات؛ ما كانت تعتبها تقريباً أبداً. نُزعت اللوحة، وأُخذت بعض الكتب، وأضيف أثاث آخر كسجادٍ لبني، وآرائك قرمزيةٍ بالمنتصف. يبدو أنهم لم يُعجبوا بالفراغ الذي مزيها في عين إليس سابقاً.

بمعنى آخر، اضطرت وكريستي لتحريك كل شيء كي تفرغ وتظهر لها الأرض ناصعةً مجدداً.

-" كوني حذرة. " قالت إليس لكريستي قبل أن تخرج لحراسة الباب.

-" وأنتِ أيضاً. " ابتسمت لها الأخرى رغم عدم علمها تحديداً بما ستفعله، لكن وإن كان في سبيل إنقاذ الشعب؛ حسبت أنه لم يكن بالأمر البسيط.

حالما خرجت، شرعت إليس في العمل.

وضعت المخطوطات مصطفةً في الأرض، ثم بدأت في رسم الدوائر التقليدية بالطبشور الأحمر. كانت بحاجةٍ لرسم دائرةٍ كبيرة، تتخللها أربع دوائر أخرى يتقاطعن في المنتصف. " حسناً، حسب تعليمات كايرو، يجب أن أكرر رسم رموز الأوراق في هذه الدوائر. " تمتمت لنفسها تتبين خطواتها القادمة، متذكرةً الذي أخبرها به كايرو قبل أن يقدموا على اقتحامهم المكان.

قال أنه، وبصفته اللاي فوريم، أي عدو إيفيلوس، قد رأى رؤى عديدة حول الماضي، عن تاريخ مواجهة اللاي فوريم القديم وإيفيلوس، وأخرى عن أشخاص ارتدوا عباءات بيضاء تُعاكس عباءات عباد الشيطان، وزعم أنها لكهنة الفيرانية؛ الديانة التي كان لها معبدٌ فوق هذه الأرض قُبيل تهديمه لبناء قصر حكام ماركون. رأى كيف أنهم حرصوا على حماية تسرب هذه الرموز، لأنها كانت بمثابة بوصلةٍ تُشير تماماً لموقع الغرض الغامض. الغرض الذي سيقضي على إيفيوس مرةً وللأبد .. أو على الأقل لسنوات قادمة.

كانت الرموز في مأمن طول فترة حياتهم، ولم تكن الشعوذة بالأمر المعروف أو المنتشر؛ فلم يكن من مشعوذين يسعون إليها بأعداد كافية قد تهزم الكهنة. مع مرور السنوات والحروب، أضحت أرض المعبد تابعة لبلاد جديدة التكوين هي ماركون، والرموز ظلت تُتابع في نسل الكهنة حتى باتت على المخطوطات التي في يد إليس.

تقول نظرية كايرو أن الكهنة ورغم تهديم معبدهم هم كانوا على وفاق مع حكام ماركون الأولين، وسمحوا لهم بتحفير بعضٍ من تاريخهم في القصر؛ مثل سقف غرفتها.. لكنه لم يكن مجرد تحفير. وستكشف هذا الآن.

انطلقت في الرسم، أفكارها غزيرةٌ تتحرك من كايرو الذي يُواجه والده ولا تدري من أيضاً، نحو الشيطان الذي لم يأتها مذ كانت في صحراء ريدانا، تباعاً لذكرى قطها الحديثة التكون. كانت حزينة، للغاية، لا تتوقف ذاكرتها عن تسريب كل لحظةٍ كانت فيها معه، منذ أتت به وهو قطيط صغير، أيام جاهدت لتعلمه التخاطر معها في حين انشغل في المواء طلباً للطعام، أيام أخطأت في النظر طويلاً للوحة والديها ما أدى لتدفق مشاعرها السلبية؛ فتهلع له وتشرع في محادثته والتربيت عليه كي تُخفف عن نفسها. كان أغلى ما تملك. لكنها لم ترغب في البكاء، إنما في الانتقام له.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن