38 | انعتاق

2.3K 298 57
                                    

-" إليس.. " همس وحاول التحرك إلا أنه فشل، من عدم قدرته جسدياً وكذا كونه مقيداً. 

-" افتح الباب ! " أمرت أحد الحراس، واستعد لطرح إجابةٍ متوقعة من الرفض فأضافت سريعاً تقنع:" كيف لي أن أحرره وأدفعه وأواجهكم بنفس الوقت دون نسيان مئات الحراس غيركم بالخارج؟ ذاك غير ممكن، أريد فقط تفقده ! " في الحقيقة، كان بإمكانها فعل ذلك. سيتطلب الأمر التخلص من هؤلاء الذين هنا دون إصدار ضجة، ثم وبمهارة الإخفاء سيسعهما الهرب بنجاح على شرط ألا يصطدما بأيّ أحد.

كمنت المشكلة في قيده. كان حديدياً كبيراً ملتصقاً في الحائط. هل يجدر بها إذابة الحديد باستعمال النار؟ أو لربما هدم جزء القيد من الجدار كاملاً فحسب لاختصار الوقت؟ 

نفذوا لها ما تريد بعد التشاور فيما بينهم، إذ وبالطبع من وجهة نظرهم؛ بشريةٌ عادية لا حول لها ولا قوة يستحيل تماماً أن تنفذ مثل هكذا خطةٍ ولا تفشل بأولى خطواتها المتمثلة في القيد، فما بالك بقتالهم.

سارعت إلى كايرو واندرثت كل أفكارها السابقة كليةً. 

لم تمر سوى يومان، لكن وبالنظر له، يحسب المرء أنه قضى أسابيع مضموراً هنا يُعاني الويل. 

من الواضح أنه تم تعنيفه وكذا عدم اطعامه ولربما حتى رويه، لكن ألمه تخطى الحد الجسدي .. بالنظر لعينيه، كان ألمه داخلياً عظيماً يستحيل على من لم يمر به تخيله. 

-" أنتِ بخير؟ .. لم يأذوكِ؟

-" تسألني أنا؟!! " رغبت في حضنه، لكنها فكرت بالأمر مرتين ولابد أنه يعاني جروحاً ستؤلمه أكثر إن لمستها. شعرت بالعجز فجأة، لعدم قدرتها على فعل أيّ شيء من شأنه إعانته. 

-" لا بأس.. " تمتم مخمناً ما تفكر به. 

-" لا بأس..؟ "

هز كتفيه وابتسم. ابتسامةً بعيدةً كل البعد عما تُعبر عنه في العادة. " لا بأس، لأن هذا لا شيء بالمقارنة .. " رفع رأسه جاهداً، وأشار لبقعةٍ خلفها. كانت الأرض والحائط بها قانيين يميلان للسواد، اشارةً لدماء قديمةٍ جافة. أضاف:" قالوا أنها البقعة التي نحروا فيها أختي. " انقبض قلب إليس. " أعني، علّهم يكذبون بشأنها وربما هي دماء شخص آخر. لكن من يهتم؟ إنها بالفعل ماتت هنا، طفلةً لا تعلم شيئاً عن الحياة، تحت أيديهم. بهذه المملكة. بهذا المكان. " 

لم تجد إليسانيت أيّ كلمات تواسيها به، وهل توجد بأيّ حال مثل هكذا كلمات قادرة على مواجهة هكذا حزن؟ 

-" لا بأس. " كرر مجدداً، عيناه عليها هذه المرة. 

-" كايرو .. " تمتمت ولم تعرف ما تقول لاحقاً. أنها آسفة لما حل به؟ أنها وحينما كانت تواجه شيطاناً واحداً في غرفةٍ مريحة، كان هو يحترق في جحيم أعدائه دون أيّ مقدرة على المقاومة؟ أنها ستعمل على تهريبهم بأقرب فرصة ومهما كلف الثمن أمام الحراس؟

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن