36 | حاكم ريدانا

2.3K 288 55
                                    


-" ها أنا يا أبي أحقق لك وعدي الذي استخففت به، وأحضر لك الأميرة بالإضافة لابن جينارو ! " قال الشاب منحنياً، في حضرة عجوز كثير التجاعيد نحيف اللحية، يستولي على وجهه العبوس مُتيبساً. 

كان جالساً فيما يبدو أنه عرشه، لكنه ليس بعرش. أشبه بسرير منخفض المستوى بحيث تصل أقدامه للأرض المُفرشة بالزرابي، تُحيطه وسائدٌ عديدة تكونت من مختلف الألوان وأبهى الاقمشة. قربه طاولةٌ ملأى بمختلف أصناف الفاكهة. 

تفحص معتقليه تفحصاً سريعاً، من نظرات إليس الجامدة نحو التي تُعاكسها عند كايرو الذي لم يبدل أيّ جهد في اخفاء استشاطته. تأملهما بضع ثوانٍ، ثم ابتسم. تحدث بصوتٍ حادٍ متوسط العلو، يُلامس لحيته:" مرحباً بكِ مجدداً يا زهرة موراس الفاتنة في مملكتنا العزيزة. لا تبدين أقلّ جمالاً ممّا أتذكره بكِ، ولا ضعفاً كذلك. " وتعجبت إليس كيف لهذا العجوز الخرف تذكر نفس اللقب الذي جاملها به منذ ثلاث سنوات يوم مجيئها هنا ووالدها للاجتماع والحكام الآخرين؛ من أجل الاتفاق على هدنةٍ جديدة. أزاحت تعجبها بعيداً لدى تذكرها مدى خبثه ودهائه، فما من حاكم يصمد على عرش طيلة هذه السنوات دونما أن يكون كذلك، ويمكن توقع أيّ شيء منهم حتى الذاكرة الاستثنائية. " لكم أنا سعيدٌ باستضفاتكِ. " 

ضحكت ساخرة. " ضيفة؟

كررّ والابتسامة اتسعت. " بالطبع، ضيفة ! أنتِ الملكة الحقيقية لجارتنا ماركون، وآخر ما كنتِ بعرشكِ، لم تقضي أياً من اتفاقاتنا شأن الذي خطف مكانكِ. العداء لا يعني بالضرورة عدم الاحترام، بعد كل شيء.

-" وأفترض أنه هو الآخر ضيف؟ " أضافت عانيةً كايرو. 

هذه المرة، كان الحاكم هو الضاحك. ضحك لدقيقةٍ متواصلة جعلت إليسانيت منزعجةً فورياً. التقط حبة تمرٍ تناولها، وحال استكماله قال:" أنتِ أذكى من ذلك، عزيزتي إليسانيت. بدون أيّ مشكلةٍ شخصية عالقة بيننا؛ إنه ابنُ عدوي، ما الذي يأتمنني تعاونه وإياي؟

-" ما الذي تخطط له؟ " سألته إليس.

غضب الأصهب ابن الحاكم، وشرع يصيح:" فلتعرفي حدودكِ يا-

قهقه الحاكم مقاطعاً إياه:" لا تحبين اللفّ والدوران، أنتِ مباشرة كعادتكِ. " وألقى نظرةً مُهددة لابنه، توضح استنكاره تدخله في حواره والملكة. " ما الذي أخطط له. في الحقيقة، ما من خطةٍ كانت لدي كوني لم أثق في وعود ذاك الغِر. " عند هذه اللحظة، كان بإمكان إليس الإحساس بغضب ابنه قربها كأنما أضحى طاقةً وقد تسربت كليةً. لاحظت أيضاً تكويره لقضبته، لكنه ظلّ صامتاً أمام الإهانة، رأسه أبداً لا يدنو. " لكنني، وبالنظر إليكم الثلاثة معاً، قد كونت واحدة. " 

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن