33 | مع العودة خطرٌ قادم ..

2.4K 294 58
                                    

مشى مهموم البال بين أروقة القصر، ما كان يبالي بأيِّ مارٍ عليه ولا حتى غرض في طريقه. كانت الحيرة تقضّ راحته، والأسئلة تنهش عقله؛ من كثرتها وانعدام وأجوبتها.

اصطدم غير منتبه بأحدهم فجأة، فتراجع ينوي الاعتذار، لكن الذي صدمه سارع بالقول:" جلالة الأمير، أنا من عليه الإعتذار ! "

تعرّف الأمير على الرجل، وقد كان من مختصي عملية البحث التي أطلقها والده الملك عن الأميرة السابقة وأخيه. لابد أنه كان مُستعجلاً، ينوي الاتجاه لحيث والده. هزَّ رأسه وردّ:" لا بأس. " وحينما انحنى الرجل ونوى الاسترسال في المشي، أوقفه الأمير قائلاً:" هل من جديد؟ " تردد الرجل في إخباره، فعبس الأمير وعقد ذراعيه ببعضها؛ ثم كررّ بنبرةٍ أقسى:" هل من جديد في بحثكم؟ " رغم أنه ومن فتى في الثالثة عشر؛ لم يخرج صوتٌ قد يُرجف نفْسَ الرجل لدرجة رمي كل الحقائق التي يدري في اللحظة.

تكلم الرجل بأيّ حال، غير متناسياً القوة والمكانة التي يملكها هذا الصغير:" لا شيء مؤكد، لكن قد بلغتنا اشاعات عن ظهوره بالقرب من الحدود، ونحن نحاول تبين الحقيقة في ذلك. "

ساد الصمت بضع دقائق، ولم يسمح الأمير للرجل بالمُضي رغم اجابته. سأل مجدداً:" لديكم أيّ فكرةٍ عن لماذا؟ لماذا ساعد أخي الأميرة، وهرب معها مع علمه أن أبي لن يُعاقبه إن عاد؟ " وبدا أن في نبرته التشكيك.

-" ما زال الأمر مُبهماً. للوقت الحالي، نحنُ نفترض أنه يسعى بدوره للملك؛ ولا ينوي الحصول عليه عن طريق جلالته باعتبار أنهما لا يتفقان كثيراً. " استبعد الأمير في قرارته هذا فورياً، إذ كان يعرف أخيه جيداً؛ وكثيراً ما كان الأخير يقوم بتعليمه وتدريبه بقدر ما يعرف عن الحكم كي يستلمه هو حينما يكبر ويفيد قبائلهم. ما كان كايرو يريده أبداً ولو بشبرٍ قليل. رغبته الفجائية به غير منطقية. " أو الحب. كانا مخطوبين، بعد كل شيء، حتى ولو لفترةٍ قصيرة. لعله أحبّ الأميرة ورغب في انقاذها فحسب. "

همهم إيميت وسمح للرجل بالذهاب. رُغم أنه مُنح بعض الأجوبة المُحتملة، أحسّ بالأسئلة وقد تضاعفت وزادت من حجمها بفكره. تمتم يُناقش نفسه:" ذلك أيضاً غريب، لم أحسب أنه مهتمٌ للحب والفتيات قبلاً .. كلاّ، أنا متأكد، هو لم يكن مهتماً. لكنني لا أستبعد اهتمامه، ما يحير هو وقوعه به بهذه السرعة، هذا دون نسيان اتخاذه خطوةً مجنونة كاقتحام حفل وايقاف اغتيالٍ مؤكد. إنه لا يسبح بعواطفه أبداً؛ فما بالك بهذه الدرجة. لابد أن في الأمر سراً ما. "

توقف عند نافذة من النوافذ، كان على ارتفاع يمكنه رؤية الأشخاص أسفلاً، فلمح مجموعةً من الرجال يقومون بجرِّ العديد من العربات الضخمة يدوياً وعلى أقدامهم، ما ذكرّه بقانون أبيه الأخير الذي ينص على تقليل استخدام الأحصنة في النقل العادي والعمل وضمها بدل ذلك للجيش الذي يستعد قريباً لعودة المعارك.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن