استدار بجسده ناحيتها وهتف بها في ألم:

- أتريدين أن نفترق يا إسراء؟ ستتركينني؟ بعد كل هذا العشق بيننا..

كتمت شهقاتها وهي تهز رأسها نفيا، حبست دموعها وهتفت بدورها لتُخرج كل ما في صدرها:

- يجب أن نفترق على الأقل فترة، أنا لم أعد أستطيع التحمل، كرامتي تُذبح كل يوم، أنوثتي تُهان وثقتي بك ستتدمر، لا أستطيع الاستمرار هكذا، أنت تُدمِّر كل ما بيننا، عليكَ أن تتغير، أن تقلع عن عاداتك التي تقتلني كل يوم. أنت تنسى أنني خطيبتك، تضحك مع هذه وتسمح لتلك بأن تغازلك والآن جالسٌ مع حية في مكتبك وتدعها تطردني وأنت تتفرج! أي امرأةٍ ستتحمل هذا؟! ما الذي سيضمن لي أنكَ لن تخونني وأنا زوجتك؟!

جملتها الأخيرة كانت بمثابة صفعة! تخاف منه؟ أيعقل أن تظن أنه سيخونها يومًا ما وهي زوجته!؟

ابتلع غصته ونكس رأسه في ألم، أشفق له قلبها لكن لا، هي لن تستسلم، ستسعى لتغييره ليس لأجلها فقط بل لأجله هو، حتى لو أنها لن تكون ملكًا له، تريده أن يصبح الأحسن؛ فهو يستحق حتى لو كان الأحسن و من غيرها.

رفع عيناه نحوها كطفلٍ يتشبث بآخر أمل:

- أتعدينني بأنكِ لن تكوني لغيري؟

أومأت له تبتسم من بين دموعها وهمست:

- أجل أعدك.

- وستعودين لي فور أن أتأدب كما تقولين دائمًا؟

ضحكت بخفوت وأومأت بنعم، و زاد انهمار دموعها ليبتسم في قلة حيلة تحولت لمكر:

- حسنًا، أعدكِ أن أكون ولدًا بارًا ومؤدبًا ولن أغازل أي فتاة، مع أن هذا سيكون مؤلما..

شهقت ولكمته بقوةٍ على كتفه وهتفت به:

- يا إلهي أنت لا تُطاق حقًا!

تعالت ضحكاته حتى هزَّت داخلها فكادت أن تتراجع عمَّا قالته، لكنها سرعان ما عادت تدَّعي الجدية:

- حسنًا أظن أن عليكَ الذهاب الآن.

اختفت ابتسامته وزم شفتيه بطريقة طفولية:

- ألن تتراجعي؟

هزت رأسها نفيًا:

- أبدًا.

تنهد مطوَّلاً وحسم الأمر بداخله، من أجلها سيتغير وسيضع الحدود ليرسمها واضحةً فلا تقترب أي أنثى، حتى لو اضطر أن يكتب على جبينه أنه مِلك لها وحدها.

تحامل على نفسه ونهض من أمامها، رفعت رأسها نحوه وعيناها تتشبثان به، تضعف فتحتار ثم تعيد حسم أمرها، لابد من نهاية كل شيءٍ يُسيء لعلاقتهما.

ابتسم لتغير ملامحها كل لحظة فعلم الصراع بداخلها فهي تتألم أكثر منه، مال نحوها وهمس بشقاوة:

- ألن تغمزي لي؟

احمرت وجنتاها وهزت رأسها رافضة:

- تعلم أن تلك الحركة أقوم بها بغير إرادتي.

ضحك منها وهز رأسه موافقًا..

-اجل أعلم هذا جيدًا، لقد أضحكني الأمر في أول لقاءٍ بيننا، يوم اللكمة أتذكرين؟

اتسعت ابتسامتها حين عادت لها الذكرى:

- كيف لا أفعل، لقد كنت عَدوي اللدود يومها وطيلة الأشهر بعدها حتى...

بترت عبارتها في خجلٍ فأكملها هو في مكر:

- ماذا؟حتى عشقتِني؟

زاد احمرار وجنتيها فعقدت حاجبيها بجدية مصطنعة:

- قصي لقد اتفقنا أن نبتعد وأنت تخالف الاتفاق، اذهب الآن هيا.

أرخى كتفيه وعاد يستقيم في وقفته:

- حسنًا سأذهب الآن، لكن عديني أنكِ لن تتأخري عنِّي.

ابتسمت له برقة:

- أعدكَ ، عِدني أنتَ فقط أنك لن تُخيب ظني مرة أخرى.

وضع كفه موضع قلبه وهمس لها مع غمزة شقية:

- أعدكِ حبيبتي.

وصمتت الشفاه لتتكلم العيون، عيناها تتشبثان بملامحه مترجيةً ألا يخيب أملها به، وعيناه تعدان وتقسمان على الوفاء مهما طال الفراق، والعشق بينهما شاهدٌ على وعودٍ وآمال ستتحقق وتحيا.

تركها مع قلبه المتعلق بها وحدها، هي مليكة قلبه وصاحبة السلطة عليه، نبضاته لها وأحلامه أيضًا، هي أميرته...

واميرته تعشقه حد الإدمان لكن إدمانه بات مؤلمًا مع غياب الوفاء الكامل، تعلم أن قلبه ملك لها، لكن القلب وحده ليس كل شي...

ما أجمل ان نحب ونعشق؛ لحظات لا تعد ولا تقدر بأي ثمن. نفعل المستحيل من اجل الحفاظ على هذا الشعور بداخلنا ولكن ما بالك لو ان الطرف الآخر سعى إلى خرابه بدون إدراك منه؟؟ حينها يولد الشك وتختفي المشاعر تدريجيا!!

فيا أيها الاحباء احترموا مشاعر من يحبكم وصونوها لانكم ستندمون عند فقدانهم حيث لا ينفع الندم....

لاجلك تغيرت (وسام مصطفى) Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon