اللقاء

6.2K 151 21
                                    

الانثى في نظر بعض الرجال تداويها كلمة ولمسة حنون، إلا هي !! ليست كأي أنثى، هي الصغيرة المتمردة التي لا تكفيها الكلمات ولا تتقبل اللمسات مهما كانت بريئة!

زفر في ضيق وهو يفتح باب مكتبه، واتجه إلى المدرج بحثًا عنها، عن صاحبة الغمزة!
الدكتور الوسيم يكاد يركض ويصطدم بكل شخص في طريقه، الوسيم متوتر! الوسيم عينه خائفة، متوترة وهي تبحث عنها في جميع ممرات الجامعة، لكن لا وجود لها!
الهاتف اللعين مغلق، لا وجود لها في قاعة المحاضرات، وصديقتها الغبية التي تكرهه بشدة كان ردها عن سؤاله عنها زم شفتين ونظرة متقززة منه وهزة رأس بمعنى لا أعلم، واللعنة على صديقتها وعلى أنامل الحية بل عليه هو الوسيم العابث!

"سحقا لك!"

وانفجر بجنون في وجه الطالب المسكين الذي سكب قهوته على ثياب الدكتور الذي يبدو
مجنونًا، فقد تم تدمير قميصه ناصع البياض وبذلته السوداء الفاخرة. وكأن هذا ما ينقصه!

بعد دقائق يائسة من البحث عنها توقف يشبع صدره بالهواء لعله يستطيع التفكير، يعلم أن
عند غضبها تفضل البقاء وحيدة ومنعزلة عن الجميع، فجنونها لن يتحمله أحد، وابتسم مجرد أن خطر بباله ذلك المكان: مكان اللقاء.

أول أيام السنة الجامعية الجديدة والعابث متشوق لمغامراته العديدة والمثيرة، تم تكليفه بتدريس السنوات الأولى واللعبة صارت ممتعة، فور وصوله قرر الإتجاه إلى مكانه السري والمكان الوحيد الخالي من طلاب الجامعة، اقترب قليلاً ليحتل مسامعه نحيب رقيق وشهقات شبه مسموعة، والباكية انثى.

ابتسم بخبث و هو يتوجه نحو الصوت وخياله يصور له كيف يمكن مساعدتها والتخفيف عنها، ربما ضمةٌ إلى صدره الدافيء فيغرقها بالحنان، وربما لمسة يدٍ تتحول لجولة في طول ذراعها، وربما قبلة!

اتسعت ابتسامته وهو ينحني تحت تلك الشجرة القصيرة التي كان يختفي خلفها دائمًا حين كان طالبًا بنفس هذه الجامعة التي أصبح دكتورًا بها، لكن الطالب والدكتور لم يحدث تغيير بينهما؛ فالجنون واحد والخيالات الواسعة والدافئة واحدة!

اقترب بخطواتٍ متمهلة نحوها لتظهر خلف أوراق الشجرة الضخمة: رقيقة، صغيرة، جسم
ضئيل، وملابس واسعة محتشمة، تبدو مختلفة وشهية!

لمسة على الكتف تُدعى تربيتة وعنده بداية متعة، ونال ما لم يتوقعه؛ استدارة سريعة ولكمة يدٍ صغيرة. صغيرة! لكمتها أقوى من لكمته هو! أحسَّ بدوارٍ وسائل ساخن ينحدر من أنفه، واللون على يديه أحمر، إنه دم!

اتسعت عيناه وهو يراها تقوم من مكانها ونيران الغضب تنفجر من مقلتيها البنيتين، والنبرة
زاعقة بصوتٍ بدا له لحنًا رغِب بمراقصتها عليه.
نال لكمة خدرت أنفه ولا يزال خياله منتعشًا! ظل يحملق بها وهي تصرخ به:

لاجلك تغيرت (وسام مصطفى) Where stories live. Discover now