31 | سر الاختفاء

ابدأ من البداية
                                    

سألت إليس متعجبة:" ما هذا الهراء؟! ذاك سيدفع لقيام حرب الجند أسرع مما سبق ! "

-" بالضبط. هو يحتاج ذلك. انشغال الممالك في حروبها المستنزفة سيفتح له هو وجنده السبيل للتقدم نحو الحكام المسؤولين. " مسح وجهه بيده المبتلة، ثم استطرد:" على أيّ حال، كنت لأوافق على هكذا خطةٍ مجنونة لأنها كانت ستسمح بإطاحة حاكم ريدانا اللعين بالاضافة لتنحية والدي عن عرشكِ. هدفان مرةً واحدة. كانت مجنونة، لكن منطقية بالنسبة لي وخاصةً إن تم تنفيذها بحنكة. كنت لأوافق، لولا أن الشخص الذي سيقود كل هذا هو ريدر فيمالوش نفسه. إنه لا يختلف عنهم جميعهم في شيء ويحسب أنني لن ألحظ أو أهتم. إنه يسعى للسلطة، متعطشٌ لها، يرتدي ثوب الخير في حين أن جلده المُغطى قد عشعش فيه الشرّ والطمع. " كانت عيناه مُثبتان مع حشرةٍ في الأرض سابقاً، حولّها لها الآن وقال:" وليضمن تعاوني، هددني بأذيتك. "

استغربت إليس. " كيف؟ "

-" كان يملك طريقةً للتأثير عليكِ ولو عن بعد. أخبرني بأمرها في الرسالة، وكدليلٍ على كلامه كانت قطراتٌ من الدماء قد تنازلت من إحدى أذنيكِ حتى عنقك. "

راحت تحاول استذكار تلك الليلة، ثم أخبرت:" أنا لم أحس بأيّ شيء مطلقاً. "

أومأ أن نعم. " جعلني هذا أشك بكونه مجرد سحر وهم مطبقّ علي وحدي، لكنني تفحصتها بعد نومكِ وكان هناك جرحٌ بها حقاً. ما كان يعبث، وأضطررت للعودة له على الأقل كي أكتشف طريقته تلك وأوقفها. "

سمعا صوتاً أوقفه عن كلامه واتضح أنه كلبٌ أسود جلس بمسافةٍ عنهما.

وقف كايرو وقال:" كان لديه عددٌ من الحيوانات السحرية الغريبة، منها رأس أيل نافق -ليس نافقاً حقاً- اكتشفت أنه ما يستخدمه عبري للتحكم. يتحكم بآخر شخص رأيته ورآه هو حالما أنظر في عينيه من ذكرياتي باستثناء ريدر ومن معه. تخلّصت منه في النهاية عبر حرقه. " بدأ يتحرك واتبعته إليس دون استفسارٍ كثير عن وجهتهما القادمة، ولم يبدو أنه يدري بدوره؛ كان كل هدفه الخروج من المدينة بأيّ طريق كان. استكمل أثناء تنقلهما من شارع لآخر:" لكن دعيني لا أتسرع. ذاك كان آخر ما فعلت قبل الهروب نهائياً من هناك، بيد أن الكثير أيضاً قد حصل قبلاً. كان يعمل مع جماعةٍ من المشعوذين الأقوياء والمثيرين للاشمئزاز. ومن باب مضاعفة ثقتي به، أخبرني بأمرهم. أخبرني بأنهم يبحثون عنكِ وهو لم يستدرجكِ معي في العملية عمداً حتى لا يقدمكِ على طبق من فضة ويتركونه ما أن تنتهي مصلحتهم معه. "

-" جماعة إفيليوس .. يمكنك القول أني من تعدى سابقاً على أحد مقراتهم بأحد الكهوف، لكنني لم أكسب شيئاً سوى بضع معلومات عنهم لا أخال أنها دافعٌ قوي لمطاردتي حتى الموت هكذا. "

قطب حاجبيه، وشعرت بغضبه. " هكذا إذن. هم لا يلاحقونكِ بسبب فعلكِ تحديداً، إنما ما أحسوه بكِ. يفترضون أنكِ المختار الذين سيضحون به لإعادة إحياء سيدهم، ولا أدري حقاً سبب هذا الافتراض؛ ربما لكونكِ ساحرةً قوية. هل تشابكتِ مع أحدهم؟ " أومأت فتنهد منزعجاً. " لو لم تفعلي ولو لم تسمحي له بلمسكِ لما حصل أيٌ من هذا. لما لعنكِ ولما باتوا الآن قادرين على التأثير بكِ بدورهم. لكن طريقتهم مختلفة، أخطر وأعقد من مجرد رأس حيوان يمكننا حرقه. إن الشياطين تدعمهم، أخطر المخلوقات في العالم، وبشريان مثلنا لا حول ولا قوة لهما أمامهم بقوانا المحدودة. "

-" كيف يتحكمون بي هم؟ "

-" بالسحر. "

باتا الآن عند شارع فارغ آخر، وما من شلالات قريبة كما أن الأشجار تُرى دلالةً على اقترابهما من المخرج. قال:" كلما استعملته، كلما سهل عليهم. "

-" لكن كيف؟! ألا أدافع عن نفسي إن هاجموا أم ماذا؟ "

-" كلما استعملته كلما سهل، كأنما تفتحين لهم بوابةٌ لنفسكِ وباطنكِ فالسحر هو الأمر الوحيد الذين هم فعلاً قادرون على تحريكه كما يشاؤون. " أشار لندبة يدها. " ولهذا ذاك موجود. إنه ختمٌ نفذته عليكِ كي أصدّهم. لكنه مؤقت وغير شامل. ولكي تتخلصي منهم مرةً وللأبد، نحتاج إيجاده. "

-" إيجاد ماذا؟ "

-" غرضٌ سيختم قواكِ، ويُمثل نهايةً لخططهم. واحزري أين يقع؟ "

صاحت:" عقلي ليس في حالٍ جيدة للتفكير ! "

فأجاب:" آفيار مورالين. " اندهشت واتسعت حدقتاها، ثم انعقد لسانها فأضاف مبتسماً:" بالفعل. غالباً، هو نفس ' السلاح ' الذي كنّا نبحث عنه جهلاً مُسبقاً أملاً في إعانتنا في أياً ما كانت ستكون خطتنا لاستعادة العرش. اتضح أن له عملاً آخر لا يقلّ أهمية عن كونه سلاحاً فتاكاً. نحنُ شيئاً فشيئاً نعود بالتدريج لنقطة البداية؛ لكن بفهمٍ أكبر. "

هزّت رأسها، تُحاول استيعاب الكلام، ثم قالت:" انتظر، دعني أركبها في جملة. ذاك السلاح، اتضح أنه أداةٌ ستنجيني من أن أنتهي كبش فداء لاستدعاء شيطانٍ ما لعين؟ " أومأ. أنزلت عينيها للأرض وشردت في فكرها.

-" ما الذي تفكرين به؟ "

-" لا أدري .. ربما بكيف إن الأمور تعقدت وفُكت عقدتها بنفس الوقت. إن كان ترتيب كل هذا صحيحاً، هل أنا حقاً اللاي فوريم؟ "

فكرّ. " بنسبةٍ عالية، لكنه أمرٌ غير مؤكد، ولن ندع لهم المجال حتى ليتأكدوا. لا تقلقي، صحيحٌ أنه عائقٌ جديد؛ لكننا سنتخطاه. " وضع يده الباردة على خدها، ثم ابتسم وأضاف:" لن أدعهم يؤذونكِ، وسنتخطى كل شيء معاً. "

ابتسمت بدورها، ممتنةً للدعم المعنوي البسيط، لكنها قالت ساخرة:" ومنذ متى كنت أنت بهذه الإيجابية؟ "

-" لست، بدرجةٍ كبيرة. لكنني لا أنوي الخسارة، أبداً ومهما حصل؛ والسلبية لن تحثني على التقدم. "

-" حسناً، أنا أحب ذلك. أحب إصرارك. "

لكنها كانت جدّ مشوشة، تُحاول فرز ما سبق ومنّ عليها من معلومات وحقائق، مُدركةً أنهما والآن باتا في أخطار مُضاعفة؛ وكانت هي السبب الرئيسي بها.

-" هناك !! "

قطع فكرها صوتٌ من خلفهما فاجئها وهلة، وكان جندياً من جند المملكة يقترب.

•|🍎🍌|•

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن