28 | رَفيقُ رحلَة

2.5K 316 56
                                    


-" أوه يا تيالا، بما يجدر بي وصفكِ؟ لصة؟ خائنة؟ كاذبة أم مُنافقة؟ " قالت إليس بهدوء، تقف بجانب باب الغرفة الممركز بها المدخل السري، تنظر لتيالا الحاملة لفنجانين مطليين بالذهب، أمام الخزانة المدفوعة جانباً.

استدارت تنظر لها جاحظَة العينين؛ تستعجب كيف وبعد كل هذه السنواتِ تمكنت هذه التي استيقظت من يومين كشفها !

توترت وفكرّت في الهروب مع علمها بضعف الفتاة من حالتها السابقة، لكن فوجئت بحضورٍ جديد. " هل تحتاجينني في شيءٍ عزيزتي؟ كنت ابحث عن تيالا التي .. " لَم تكمل بيثي جملتها؛ بعد دخولها مُستعجلة للغرفة؛ ولَمحها لتيالا بتلك الوضعية التي تركتها متصلبة في مكانها، وبالكاد تفهم الذي يجري.

تقدمت إليس قائلة مع ابتسامة:" ألم تتساءلي سابقاً لِم طلبت قبل يومين تغيير غرفتي؟ هاهو الجوَاب؛ لأكشفكِ ! أو حقاً، لأكشف اللصّ أيًّا من كان. " تقدمت منها وأخذت عنها الفناجين، لم تُقاوم الاخرى. راحت تتأمل الفنجانين واستطردت:" سمعتُ عن تبرع نبيلٍ بأطقم أواني فاخرة وافترضت أن اللص لن يضيع غنيمة جديدة كهذه من بين يديه. وبالطبع، ما دمتُ موجودة هنا فلن تتجرئي على دخول مدخلك. "

نظرت تيالا بتشتت لكل مِن إليس وبيثي التي ولا تزال للآن مصدومةً كلياً، هزّت تيالا رأسها وقالت:" إن هذا سوء فهم، بالأسفل هناك مخزنٌ آخر للأغراضِ الثمينة، لا يعلم الكثيرون به هنا. "

تمتمت بيثي:" كثيراً ما بدوتِ لي كشخصٍ ماكر خبيث. " لم تمر بضع ثوانٍ أخرى إلا ووصلت مجموعة أخرى من الكهنة وعددٍ من الحراس كانت قد استدعتهم قبلاً؛ اتجه بعضهم للقبض على تيالا والآخر للتحقق من الموجودات بالمخبأ، وبالفعل لَم يطل الأمر حتى انتهى باللصة في زنزانة أسفل المعبد، أين سيقرر ما يُفعل بها لاحقاً بعد التحقيق.

ظلت إليسانيت بالمعبد ليومين آخرين أراحت فيهما جسدها المتعب، رغم عقلها الذي لَم تصله ولا ذرة من تلك الراحة. أحياناً تفكرّ بكونها وفي الأغلب لن تتذوق الراحة بتاتاً حتى تعلن بداية حكمها وعودتها، ثم تتأكد من سيطرتها على بلادها ووقوفها فوق مِنصة الحكم. لكن وبأحيان أخرى، ترى ذلك مجرد عذر وهي قد باتت مُشوشة لدرجة أنها لا تدري بعد اليوم أين ستكون راحتها من الأساس. أثارت الفكرة اضطرابها، لكنها حاولت دفعها بعيداً تجنباً لأيّ اكتئاب قد يشّكل عدواً جديد أخطر حتى ممن تواجه حالياً.

قُبيل رحيلها، رافقت بيثي لمركز المعبد. كان بشكلٍ دائري، قاعةٌ واسعة وباردة، تواجدت بضع مقاعد للكبار سناً في حين وقف البقية يحدقون بكاهن بمنتصف المعبد يروي لهم قصةً ما. أكملتا المشي حتى آخرها أين تواجد بابٌ فتحته بيثي ودخلتا، وقد واجهتهما غرفةٌ مليئة بالكتب والأوراق، بعضها مترتبٌ وآخرون اندسوا بين الكتب والرفوف بينما قلةٌ في الأرض. تنهدت بيثي. " طلبتُ من الخبيثة أمساً أن تحضر وتُرتب المكان هنا، وبالطبع لابد أن بالها انشغل فحسبُ وسرقة معبدها الذي آواها لا خدمته. " طلبت بعدها معونة إليس في إنزال كومة ثخينة من الأوراق المربوطة. وضعتها فوق طاولة ثم راحت تفتح العقدة. " آفيار مورالين .. " تمتمت، وشرعت تتصفح الورقة بعد الأخرى. " أنا أحفظ كامل معابد الفيرانية في كومين نظراً لكونها مشيّدة منذ القدم وما مسها أيّ تغيير، لذا فلابد أن هذا يقع خارجها. " توقفت لحظة عند ورقة ثم ابتسمت. " آه ! هاهم ذا. " أبعدت ما سبق وقرأت من أوراق وتركت الأخرى، التي نثرتها على كامل الطاولة تتفحصها جميعها. أخذت تشرح:" قديماً، انتشرت ديانتنا بكامل بقاع موراس. انحشر انتشارها بعدها شيئاً فشيئاً بسبب الحرب حيث ولتمركزها هنا من الأساس؛ بدت خاصةً بنا وما نوا حكام ماركون وريدانا منحنا بالطبع أيّ فرص للتأثير على شعوبهم. دُمرت معابدنا عندهم واحتلت محلها مختلف أنواع الأبنية، وكثيرٌ منها لم يوثق وجوده مسبقاً؛ أي أنها ضاعت للأبد. "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن