27 | لِصٌ في المَعبد

2.4K 303 49
                                    


أدهشها بهاء المنظر من هذا الموقع من المعبد. يُمكنك رؤية جلّ المدينة حتى أسفل الجبل أينما يمتد السهل مع الحقول التي كساها الثلج كما كل سقفٍ وبقعةٍ بكامل المنطقة. ذكرّها بالأيام المثلجة النادرة في عاصمتها، أين كانت تقف بدورها عند نافذة من نوافذ القصر تتأمل سكون المدينة والتساقط البطيء لمدّة ساعات، إذ لطالما أسرها الثلج وأحبته كما أحبّت اللهو به كماءٍ ثم محاولة تجميده لشكله السابق كأولى تمرينات لقواها.

القصر الملكي، لاحَ ببالها بيتها العزيز؛ والذي ورغم أنه عزيزٌ فهي لطالما كرهته؛ أو أصحاً، لم يسعها حبه. حينما كانت صغيرة، كان من الصعب عليها حبّ الأشياء لسبب ما. لم تحب أيّ أشخاص، ولم يكن لها أيّ هوايات محددة، ما كان يقلق والديها كثيراً. اختفى ذلك مع الوقت، وبدأت تستبدل الحبّ بالاحترام أو التقدير أحياناً. لم تحبّ قصرها الكئيب لكنه كان قيّماً لها. فيه عاشت ذكريات عديدة مع والديها، واللذان وشأن سائر الناس لَم تكن بمُحبة لهما للغاية رغم أن كلاهما كان طيباً ولطالما أزعجها هذا، تشعر بذنبٍ عظيم لعدم مقدرتها على حبهما ودائماً ما كرهت نفسها لذلك.

آسفة ! كلمةٌ دائماً ما كانت ترددها حينما تكون بصحبتهما، أحياناً بسببها أُعتقد أنها مجنونة، إلا أنها لم تهتم ..

أبعدت عنها هذه الأفكار وحرّكت نظرها للأسفل. يا لها من هوة وياله من ارتفاع، التسلق من الأسفل لنافذتها يبدو مستحيلاً!

كادت تبتعد ناويةً العودة لسريرها؛ إلا أنها وفجأة لمحت تحرك كتلةٍ من الثلج هناك، ظلَّت تراقب حتى وبُعيد مرور دقائق خرج أحدهم مما بدا حفرةً أو طريقاً سرية تحت بلاط المعبد؛ سرعان ما واره عن الأنظار بالثلج وأسرع بالذهاب مهرولاً.

-" ربما هو اللص؟ " تساءلت ببعض من البرود؛ فهي لا تريد حقيقةً التدخلّ فيما لا يخصها؛ فالذي يفعل كان قد أكمل احتلاله بالفعل لدِماغها وما أرادت إشغاله أكثر.

شعرت بالبرد فعادت لسريرها، تدفأت قليلاً ولدى رفعها ليديها للنفخ بهما؛ لاحظت شيئاً مختلفاً ..

-" ما هذه الندبة؟ " تساءلت مُتعجبة وعيناها عليها، ندبةٌ خطية على راحة يدها اليمنى، متأكدةٌ تقريباً أنه لم يتم جرحها هناك مطلقاً؛ فمن أين أتت؟ " ربما أثناء عراكي وذاك المشعوذ، أو أن المُعالجين هنا تسببوا بها. " افترضت وسرعان ما دفعت بأفكارها بعيداً؛ إذ لم تُحارب النعاس حالما طرق بابها مُستسلمةً فورياً لنومٍ عميق.

استيقظت باليوم التالي وبوقتٍ غير معلوم؛ استنتجت تقريباً من الظلمة حولها أنه الفجر أو ما قبله، حاولت العودة للنوم، إلا أنها عانت ولَم تستطع.

دقيقةٌ تمر وأخرى تتبعها، حَتى ينطلق من الباب صوتٌ ضعيف فجأة.

يُحرك مقبضه ببطء، بهدوء يُفتح مصدراً صريراً بينما تغطي إليس رأسها حذرةً بالغطاء تاركةً فراغاً لترى منه؛ متظاهرةً بالنوم.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن