*P4*

385 78 67
                                    

البارت الأخير من بينوكيو الرسام 🎨

تأليف لينا عبدالله .

تحرك العجوز إلى الجبل و هو ينوي الشر ، إلا أنه كان وحيدًا هذه المره ، فللقرد مهمةً أخرى .

و ما إن وصل إلى هناك ، حتى بدأ باتباع أوامر النقوش ليظهر الحورية غصبًا ، بما أنها ترفض الخروج .

وقف حيث كان يقع عرشها ، ليخرج الهرمونيكا الخاصه به و يبدأ بالعزف ، عزف الحانا كانت منقوشه على جدران الكهف ، الحانا كان قد عزفها الحبيب السابق .

و كما هو متوقع ظهرت الحورية من العدم ، لتكمل مقطوعتها الموسيقية ، فما أعذب صوت ذاك الناي و ما أحلاه و اخطره على عقول الرجال .

أسرع العجوز ليضع القطن على أذنيه ، قبل أن يسلب جمال صوت الناي صحوة عقله ، كما سلب جمال تلك الحوريه نبض قلبه .

لينقض بعد ذلك على العصا الفضيه ، و يسلبها منها بعد أن كانت غارقه في عزفها ، و قد ظنت أن حبيبها المفقود قد عاد .

بفعلته تلك أيقظ الحوريه من أحلامها الوردية ، لتعود إلى الواقع الأليم ، فهي ظنت أن انتظارها طوال تلك السنين أحضر إليها الحبيب البعيد ، إلا أنه بفعلته تلك أثبت لها العكس .

لتترقرق الدموع في عينيها الرماديه ، حزناً على حبيبها الضائع  ، و خوفًا من هذا العجوز العنيد .

رق قلبه برؤية دمع عينيها ، ليتكلم أخيرًا ...

-لا تحزني يا حلوتي ، فأنا لن أؤذيك .

و أقترب منها مترددًا ، فجسدها كان يرتجف .

حاوطت ذراعيه ذقنها ، و أصابعه حضنت خصيلات شعرها ، ليخاطبها و قد علت صوت نبضاته و بدأت تنقطع أنفاسه ...

-ما رأيك بحبيب جديد ، بدلاً من الذي مضى ؟ فعودته أمر مستحيل ، و بقائكي هنا طول تلك السنين خير برهان ، تجلبين الرجال إليكِ لعلك تجدينه بين الجموع ، إلا أن ذلك الخائن تركك دون رجوع .

و لما ظهر عن جسدها الهدوء و عينيها أوقفت ذرف الدموع ، أكمل ...

-أنا لك و لن اتركك ، تعالي إلي حلوتي ،  و يا نبض قلبي ، و لنبقى معاً إلى الأبد .

مترددة مدت أصابعها إلى كفه ، ليرفرف قلبه سعادة ، و تتسارع نبضاته حبًا و نشوه .

-أما الآن يا حلوتي ، و قد أصبحت ملكي ، لأنزع عن وجهي القناع ، فقد انهكني دور العجوز الخرفان .

ليظهر رجل ثلاثيني العمر أسود الشعر من خلف القناع ، فيثار عجب الحوريه و تتسع عينيها صدمه ...

-ما الأمر يا حلوتي ؟ افاجأك مظهري الحقيقي .

هزت رأسها ، و هي التي لم تنطق بكلمه منذ خروجها ، ليجيب عن كل تساؤلاتها بثلاث كلمات .

-أنا بينوكيو الرسام .

و قد عنا ببينوكيو الرسام ، الرسام المخادع أو الكاذب ، و هذا هو عمله النصب و الاحتيال .

و بدأ يشرح لحوريته الحكايه و من البدايه ...

-أنا يا حلوتي رسام محتال ، أجوب بلدان العالم لاسرق السكان ، فيداي ترسم و قردي يسرق .

بدا الاستغراب واضحاً على تعابير وجهها ، و قد قرأ السؤال الذي أشغل عقلها ، من بين عينيها ، لما لا يستغل موهبته بدلًا من السرقه ؟ ...

- إن البشر يا حلوتي مخلوقات جشعه أنانية ، فهم عندما يكتشفون الموهبه من أحدهم يستغلونها و بأبشع الطرق ، و عندما ينتهي أوج و تألق تلك الموهبه يدمرونها و يهلكون صاحبها ، و هذا ما حدث معي لذا قررت الإنتقام باستخدام موهبتي التي نبذها المجتمع .

عاد للقريه برفقتها ، فوجد القرد مازال يقتحم المنازل لسرقتها ، خطته في غاية البساطة و السذاجة فهي تعتمد القرد في أصلها .

هو ببساطه يتنكر و يغزو القرى بحجة أنه رسام ، و من الطبيعي جدًا أن ترتدي أثمن و أغلى ما لديك ، عندما تأخذ صورة أو ترسم .

فالنساء ترتدي حليها و الرجال ساعاتهم و خواتهم الغالية ، و هنا تأتي مهمه القرد ، فبعد أن يوزع الرسام اللوحات على أبواب البيوت ، القرد يحفظ شكل المجوهرات و الحلي من الرسمة التي أمام الباب ، ليقتحم بعد ذلك المنزل و يبحث عنها ، و من ثم يسرقها .

و في النهايه يكون مصير اللوحات الحرق ، و المجوهرات تدخل إلى جيب الرسام ، و بهذا يغادر هو المكان و كأنه لم يكن.

و بعد أن تحقق المطلوب صاح الرسام و بأعلى الصوت ...

-و الآن يا حوريتي الحلوة و قد بت ملكي ، فلتعزفي الألحان لينسى سكان القريه أمر كل تلك الممتلكات .

ليغادر بعد ذلك القرية ، و القرد على شماله و الحوريه المحبوبه على يمينه ، أما المسروقات فكانت خلفه.

و يا لسعادته بحصوله عليها ،و قد ظن أنه الآمر و الناهي السيد و المسيطر ، إلا أنها سحرته بنايها مذ لحظة دخوله للقرية ، فكان صوت الناي بمثابة الخيوط التي تتحكم بجسد بينوكيو الرسام .

-تمت-

قرأت البارت ، فضلا صوت 🌟
و بتعليق عبر عن رأيك 💬

إلى كل من مر من هنا ضع بصمتك بتعليق تقديرا لمجهودي و شكرا ~

حقوق الروايه محفوظه لي و لا احلل الأخذ أو الاقتباس .

بينوكيو الرسام |©2017Where stories live. Discover now