24 | مُطارَدة

2.2K 309 38
                                    


أسرع، أسرع وأسرع ! عليها أن تستمر بالجَري فحسب !

بعدما خرجت من الكهف؛ نظرت خلفها بسرعة، ولحسن الحظ لَم يكن أحد يتبعها ..بعد.

-" إلى أين؟! " تمتمت، وكانت تُحسّ بالشاب وقد ظهر أخيراً من خلفها.

بسرعةٍ أخرجت من الأرض جداراً ضخماً فصلَ بينهما واستدارت تركض بطريقٍ آخر، تنظر تارة للأمام وتارة للخلف تتحقق موقعه. حتى تعثرت فجأة ! كانت عَصا خشبية حادة قد اتخذت طريقاً لداخل قدمها بالفعل؛ نزعتها بسرعة رغم الألم الذي لحق ذلك، وما كادت ترفع رأسها؛ حتى وجدته بوجهها !

-" أيتها المتطفلة، لا مهرب لكِ الآن ! " قال مبتسماً ما استفزها، فقبل أن تسدد نحوه صخرةً كبيرة صَنعتها فورياً كان قد رفع يده نحوها؛ وأعاد تهشيمها بالفعل !

وقفت وقفزت قفزةً عالية لأعلى الشجرة، تبعتها بتحركات عديدة من شجرة لأخرى حتى اختبئت بين طيات إحداها ذات أوراق كثيفة.

بدأت تسمع خطواته، شيئاً فشيئاً يقترب مُنادياً عليها:" أخبرتكِ أنه لا مهرب. المتلصص الفاشل يلقى بالضرورة الموت حال الفشل، ألم يُعلّموكِ هذا من أرسلوكِ؟ " حبست أنفاسها، وما كان من صوت إلا حفيف أوراق الشجر وخطوات الشاب. ركزت نظرها على جرحها الذي أخذ يدمي بقدمها، كان يؤلم؛ لكنها خشيت احتمالية انجذاب عدوها للدماء وهناك عدد من السحرة ممن يفعلون وغالباً المشعوذين أيضاً.

كان المشعوذ أسفلاً يحوم حول الأشجار مهمهماً، ولا يبدو أنه ينوي الابتعاد عن المنطقة.

بعد دقائق مرّت كساعات، قال:" أعلم أنكِ قريبة. أستشعر وجودكِ، تُراكِ أين تختبئين؟ "

عليّ الهجوم، فكرت وبان الانزعاج عليها أخيراً، وكادت تتحرك فعلاً لتواجهه، لولا ذلك الصمت الغريب الذي ساد فجأة؛ فلا صوت خطواته ولا صوت أنفاسه، كما أنه لا يظهر في مجال نظرها .. تُراه رحل؟

-" وجدتك ! " صِيح فجأة، وكانت قد أحست باهتزاز طفيف بالغصن أين تقف قبل أن تُضطر للقفز سريعاً حالما أدركت كونها ستتهاوى مع الشجرة التي أسقطها بأكملها. استدارت مواجهة إياه وابتسامته المستفزة؛ فكرّت في الحاجة لتشتيه ولو ثانية، ثم أخبرت:" أنا لا أعمل لصالح أيّ أحد ! "

-" أوه، فالتعذريني إذن على تهجمي المفاجئ عليكِ، ويمكنكِ المُضي في حال سبيلك بعدما حلّ سوء التفاهم ! " راح يضحك باستمرار كردِ فعلٍ لما قالت؛ حتى توقف بلحظة، مُرجعاً العبوس لوجهه الكثير الندوب. قال:" أنتِ ساحرة، وكل السحرة يسعون دائماً للقوة الأكبر ! لا تعبثي معي ! "

استطردت مستشيطة:" كما أنني لا أهتم للشعوذة ولا أيّ لعنةٍ كنتم تنفذوها، لا وقت لي لك !! " ولم تتوانى في قذفه بمجموعاتٍ لا تنتهي من كرات نارية حرِصت على جعلها تلتهم كل ما يحيط به؛ ولَم تكتفِ بل وحبسته بين أربع جُدران صخرية وفرّت هاربة.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن