22 | كهفٌ غامِض

2.4K 332 56
                                    

لفترة، أخذ تُحدق بها عينان خضراوتان بثبات، لا تتحرك ولا ترمش؛ فقط تركز معها، كما لو أنها خائفة من خروج مقلتيها لوَحدهما والهروب !

-" اشتقت لك. " باح الشاب.

عبست إليس، فوق ما كانت بالفعل، أبعدت وجهه القريب وأخبرت:" للمرة الـ.. " توقفت مُحاولة تذكر الرقم ." كم كان؟ " سألت.

-" العاشرة ! " صاح الخادم من الخارج مُجيباً، فاستكملت جملتها:" صحيح، للمرة العاشرة خلال ساعةٍ واحدة، سأقولها مجدداً. " أمسكت بكتفيه ثم هزتهما وصاحت:" أنا لستُ زوجتك ! "

عاد للخلف مُعتدلاً بجلسته وفرك شعره البنيّ، ثم قال متكبراً:" آهٍ يا عزيزتي، كيف لكِ ان ترفضي وسيمًا مثلي؟! حتى أن شعري يميل للشقرة، ولا أتوانى ثانيةً في تأدية أيٍّ من طلباتك؛ أوفر لكِ.. "

حرّكت رأسها مُتأسفة، ثم قاطعته قائلة:" لون شعرك ليس بمدعاة للفخر. أعرف أكثر من اثنين بشعر أشقر، وصدقني، معظمهم كرهوه وكرهوا الأنظار التي جذبوها به. لكن وبالطبع، النبلاء مميّزون فعلاً بفكرهم. تميزاً لا أحبه شخصياً. " مع ذكرها لهما؛ أخذت تتساءل عن أحوالهما الآن، كلٌ من كاي وكريستينا التي لم ترها منذ مدةٍ طويلة، بعدما سلمتها نصيبها من أموال المخطوطات، والتي ما اعتبرتها صديقةً تحديداً لكنها كانت بمقربة من ذلك.

حوّلت نظرها نحو النافذة، ثم همست لنفسها:" ترى كيف يتدبر كورو أمره حالياً هناك بين الوحوش؟ .. "

-" من كورو؟ " تساءل الذي أمامها بفضول، " تعلمين كم إن غيرتي كبيرة عليكِ ! "

-" لا أمل منك .. " همست متنهدة، ثم نظرت خلفها وقامت بفتحِ بابٍ صغير فاصل بين المجلسِ ومكان القيادة خرجت منه وأعادت غلقه بسرعة رغم نداءات الشاب المتواصلة. جلست بجانب الخادم الذي نظر لها لوهلةٍ ثم أعاد انتباهه للطريق دون تغيير في ملامحه الساكنة.

أحست بتحسنٍ اكثر بعد تَغلغل الرياح الباردة لثنايا شعرها وكذا رئتيها منعشةً إياهما. راحت تراقب تتالي الأشجار حولها مع مُضيهم كتتالي مشاكلها المتلاحقة، ولعل أهم ما اعتادت أو تعلمت فعلاً خلال رحلتها هو المضي قدماً فحسب؛ فمهما كانت المشكلة ونوعها فإن الحياة لا تزال قائمة بمِلحها وعسلها.

-" كيف فتحتِ الباب خلفنا؟ يداكِ مربوطتان؛ وبحبلٍ مُخصص لمقاومة حيل السحرة. " تساءل الذي بجانبها؛ غير مُبعدٍ عينيه عن الأفق البعيد .

-" فمي " أجابت لامبالية، نظرها مركزٌ على هذا الحبل الذي لَم تسمع بشأنه من قبل.

-" حسناً، لا استغرب رغبتكِ بالابتعاد عنه لهذه الدرجة؛ فحتى سيدتي سِيليسيا كانت هكذا كذلك. "

احتارت. " أتقول أنك تُصدقني؟ "

-" أجل؛ بِداية اعتقدتكِ هي للتشابه بينكما، لكن الشخصية تختلفُ بالتأكيد. "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن