17 | النبيل ..

3.2K 331 34
                                    


بين تأوهات الصياد المتخبط بالأرض، ونظرات كاي الحذرة نحو هذا الدخيل، تقدم منه الأخير ذو الشعر المشتعل احمراراً الغير مناسق لملامح وجهه التعسة، هالاته السوداء وعينيه السوداوتين الباهتتين. انحنى انحناءةً بسيطة، ثم قال:" مرحباً بالسيد الأمير ! أخيراً قد وجدتك ! "

أجل، بالنظر للوضع، لن يجني إلا الشّر مع كل دقيقةٍ تمرّ عليه واقفاً بمكانه؛ عليه حقاً الهرب. " اكتفيت من هذا الهراء. "

-" استمع إليّ، كما ترى، لستُ بعدو. " سارع الآخر بالقول، ثم أشار بعينيه نحو الصياد الذي ما زال منشغلاً بمحاولة تحمل آلامه. لم تتغير ملامح كايرو الحذرة مع كلامه، كيف له أن يجزم أنه حليف؟ ما الذي يُؤكد له أنه ليس بصيّاد هو الآخر؟

تعالت صرخةٌ عالية أتت من الصيّاد الآخر اثر انتزاعه السيف المُلتحم به، ثم ألقى فورياً نظرةً على ذاك الذي تجرأ وأتلف جسده وهو الذي لا يُسامح حتى من يُلامس معطفه، ارتفع حاجباه وهلةً ثم اتخذتا وضع الغضب، كان بادياً معرفته المُسبقة له، وهو ما أكد بقوله بصوتٍ شابه حفيف الأفاعي:" أنت .. التابع الكلب. "

لم يُحرّك الآخر له جفناً مُعلناً أن كلماته لم تمسسه ولو بشيء، ثم قال ضاحكاً:" الكلابُ مخلوقات قويّةٌ وفيّة ومُحبّة، أقرب الحيوانات إلى قلبي، وكنتُ لأحب الثرثرة حولها، لكن كما ترى، أنا بمنتصف عمليةٍ مُهمة ولا أريد تشتيتاً، فهلاّ لممت شتات ما تبقى من نفسك وخناجرك هذه وابتعدت من هنا؟ " ومما تعجب منه كايرو أكثر كان تنفيذ الصيّاد للأمر دون أيّ صخب، بعد استدارته السريعة واختفائه بين الأشجار. بجانب حاله الجسدية السيئة، افترض أن الرجل الذي أمامه قويٌّ أيضاً، فذو السنّ الذهبيّة بدا من النوع الذي يُعيد الهجوم ولو كانت خسارته مضمونة، أو حتى؛ يعد بالعودة للانتقام، لكنه لم يفعل ولا حتى بنظراتٍ سريعة، كما أن الأخير ذكر أن هذا الرجل تابع، هل تُراه بدوره تابعاً لمن هو أقوى من كليهما؟ تساءل داخلياً، وحينما التقت عيناه والرجل، سأله:" لِم لَم تقتله حينما كان ذلك مُمكناً؟ " لم يرّد عليه لدقيقة، فأضاف:" ألم تقتل شخصاً من قبل؟ "

وفي حين كانت تلك حقيقة، ضحك وردّ:" فقط أكره استخدام الأسلحة المُعتادة. لديّ ما يمكنه تفجير وجهه وتشويهه للأبد بحركة واحدة دون أيّ إهدارٍ لطاقة غير لازم، الآن، من أن الآخر أنت وإلاما تسعى؟ " لم يُجبه الآخر للوهلة الأولى وظلّ على ابتسامةٍ بسيطة. استطرد كايرو:" يُستحسن أن تُجيب سريعاً. " كان مُستعداً لقذف كرةٍ مُتفجرة بأيّ لحظة.

-" أعتذر منك، لقد اتخذت بضع ثواني صمتٍ أحتفل فيها داخلياً مع نفسي. مرّت عليّ أيامٌ بحثتُ فيها يائساً عنك وعن الأميرة، أحاول تتبع خطواتكما منذ هربتما للحظة، لكنني وصلتُ لطريق مسدود وأعلنتُ استسلامي بالفعل رغم أن ذلك يعني موتي تقريباً. ولم أعتقد أني سأجدك صدفةً وأنا بطريقي نحو حتفي. " فكرّ كايرو، على الأقل، ومن الجانب المُشرق؛ تحركاتهما ليست بواضحة ولابد أن الخونة الآن يُعانون بمحولات اقتفاء آثارهما. استكمل الرجل:" بأيّ حال؛ هُويتي شخصياً لن تهمك بقدر الرجل الذي أرسلني لأجلبك له، سيدي الأمير. "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن