13 | العجوز ذو قبعة القش

3.2K 391 43
                                    

-" الجو جميل. " تمتمت إليس، تنظر أمامها للبحر الشاسع الذي راحت نسماته الخفيفة في التلاعب في شعرها الحُر. كانت باردة قليلاً، استنتجت بأن الشتاء سيحّل مُبكراً هذا العام.

-" أجل .. رغم أني لم اصطد شيئاً من الصباح، إلا انه يظل جواً جميلاً. " ردّ العجوز ذو قبعة القش الكبيرة الذي كان جالساً قُربها، عجوزٌ غلبته الحياة لتترك عليه بصمتها عبر تجاعيد كثيرة استوطنت جسده، رُفقة عينين رماديتين زائغتين من ذبولهما تُدرك كيف أنهما أُرهقتا من رؤية العالم.

بعد دقائق قليلة غطّ العجوز في النوم جالساً. نظرت له إليس لوهلة مُهمهمة، ثم ابتسمت:" غالباً هو معتادٌ على النوم جالساً هنا، لذا لا بأس من تركه هكذا. " وقفت وتثاءبت، حملت دلوها الذي احتوى على سمكتين إحداهما مُتوسطة الحجم في حين أن الأخرى صغيرة؛ مع صنارتها وأخذت تمشي بهدوء على الطريق المُحادي للبحر.

" اعتقد أني افهم الآن لِم أصروا على عدم الانضمام لنا. " كان منظرُ البحر الشاسع وهواءه المنعش العليل مريحاً لها، السلام بكل الأرجاء هنا، لا سحرة يُخاف منهم ولا عدوّ للتأهب له، فقط يعيشون حياةً عادية هادئة من الصعب إيجادها في قارة الحرب التي يتموقعون فيها هذه. " رغم ذلك ما زلتُ مصرّةً على ضمّهم لماركون، لا يمكنني تضييع ثروة مائية كبيرة كالتي يملكونها ولا يستغلونها سوى بصيد الصنارات والشبّاك القريب. " وجدت أن من الصعب عليها التأقلم على العيش كغير أميرة لا يتوجب عليها التفكير بأمر بلادها ومُستقبلها، اعتقدت أنها ستفعل نظراً لكون اسلوب حياتها للأيام الأخيرة أبسط بكثير من السابق؛ أكثر اراحة؛ لكنها سرعان ما اكتشفت الحقيقة بعكس ذلك. كانت قد كبرت على تلك الأولويات؛ تحررها الآن ولو مُؤقتاً أشعرها بالغرابة، كما لو أنها لا تعرف نفسها جيداً، بأن فيها نقصاً.

وصلت بعد فترة مشي لبيتها المُستأجر بالمجان، والذي حصلت عليه بعد قصةٍ طويلة مع مستأجرته يمكن اختصارها بمساعدة إليس لها بتخليصها من مجموعة مُعتدين، فتقرر السيدة إهدائها بيتها مُؤقتاً للبقاء فيه حتى تعود هذه الأخيرة من رحلتها أو ترحل إليس .. أيهما أول، كما أنها أدركت بأنه سيكون بمأمن بيدها ولو لفترة.

كان المكان هادئاً اليوم. وضعت الدلو فوق الطاولة والصنارة بقربه، ألقت نظرةً سريعة على المطبخ، وحين وجدته فارغاً تمتمت:" يبدو أن كاي لم يعد اليوم أيضاً، المكان أهدأ بدونه. " جلست على إحدى الكراسي، حدقت بالأثاث الصامت من حولها والسماء الرمادية المُتلبدة من النافذة قُربها، تنهدت ثم قالت ببعض الانزعاج:" على من اكذب ! اشعر بالوحدة، أو أصحاً الملل، أراهن انه نسى موضوعنا تماماً وهو مستمتع بعمله مع صديق العائلة وابنته تلك ! بينما أنا هنا افعل اللا شيء، هذا مُزعج، لن يعود لي الحكم هكذا ! اللعنة ! " وذاك لأنه وفجأة، اتضح أن صديقاً قديماً لعائلة كايرو قد استقر هنا هو وعائلته، وهذا الرجل يملك فتاةً فحسبُ ولا يمكنه الاعتماد عليها في عمله، لم تُحبه إليس، كان من النوع التقليدي الذي لا يُدرك مقدرة النساء ولا يقدرها، وابنته، رغم أنها لم تقابلها، فهي غالباً من النوع المُستمتع بالدلال. لم يهمّ رأيها فيه على كلٍ، هو عرض على كايرو مساعدته لفترة مقابل مبلغ جيّد من المال الذي يحتاجانه.. وهكذا فكايرو لم يعد منذ أربع أيام الآن.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن