11 | نحنُ الملوك !

3.3K 382 38
                                    

-" اشتقت لهذا المكان حقاً، مرّ أكثر من شهر على ابتعادي عنه. " ما توقع خيراً كثيراً من زيارته بيت عائلته المشتوم، بيد أنه لم يتخيل قطّ أن يعود ومعه أميرةٌ هاربة كاد أن يتم اغتيالها. فكر فابتسم ساخراً، ثم راح يفتح نوافذ كوخه ليدخل الهواء ويُنار المكان. كانت مدة الرحلة من المدينة لهنا يومين تقريباً لَم يرتاحا فيهما كثيراً خوفاً من الملاحقين؛ ما أدى لإراهاقهما الشديد، خاصةً الأميرة.

-" اقترحُ أن تنامي قليلاً .. " قال. كانت واقفة، مُتصلبة، تنظرُ لبقعةٍ ما شاردة. أجابته دون تغيير وضعيتها:" لا أريد .. لن يمكنني. "

كانت قد غربلت كل أفكارها الهائجة حول ما حدث، اتخذت بضع قرارات وحددت أولوياتها وما ستفعله بالوقتِ القادم. تبقى أمرٌ واحدٌ عليها تصفيته. جلست بإحدى الكراسي القريبة وأخذت تحدق به، مرّت ربما دقيقتان من التحديق المُتبادل كما لو كان تحدي طفلين لعدم الرمش، بنهايتها استسلم وتساءل حائراً:" ما الأمر؟ نظراتكِ مخيفة .. "

سألت مُباشرة:" لِم أنقذتني؟ "

أجاب مُتسائلاً بدوره:" ولِم لا أنقذك؟ "

-" ألم أكذبك وفوق ذلك أهنتك ومع ذلك عدت لإنقاذي .. لِم؟! "

همهم. جلس بكرسيٍّ متعباً هو الآخر، ثم أجاب يعدّ:" حسناً، لعدة أسباب. أولا لأن ضميري سيؤنبني لاحقاً لتركك مع عدم بذل جهد في إقناعك أو محاولة مساعدتك. ثانياً، لأننا شريكان، نسيتِ؟ اتفقنا على صناعة السلاح معاً، وشراكةُ العمل علاقةٌ رغم قصرها فهي متينة بالنسبة لي. وثالثاً.. " سكت بضع ثوان، يُفكر في كيفية استوضاح آخر سبب. " ربما لأنكِ خطيبتي؟ أعني، هو زواج مصلحة واتفقنا على عدم إتمامه؛ لكن رغم ذلك يبقى الواجب واجباً.. على ما اعتقد. "

ابتسمت، كل ما أرادت سماعه هو الصراحة، وحسبت أنه يقول الحقيقة. بالنهاية، لا فائدة ستُذكر من محاولة انقاذها من الممكن أن يسعى لها. هي لا تثق به بعد ولعلّ ذاك سيكون صعباً لفترة، إلا أنه ساعدها فحسب مُتجاهلاً الخطر الكبير الذي سيضع نفسه فيه في حال فعل؛ وذاك ما يهم للآن. قالت مُعتذرة:" على كلٍ ليس من حقي استجوابك، الأجدر بي أن اعتذر. آسفة، لعدم تصديقي لك من البداية، حسناً؟ " بان على وجهها الحزن أخيراً، في ابتسامةٍ ضعيفة. " اعني، ليس من السهل تصديق فكرة أن من عرفت طوال سنوات حياتك، ومن منحت كامل ثقتك، من الممكن أن ينقلبوا عليك؛ راغبين لك الموت دون أيّ تردد. " تنهدت. أعادت النظر له، وقالت:" كذلك، أشكرك. على اهتمامك بي، وإنقاذي. " أومأ متردداً. تحسس أنها ممتنة، ممتنةٌ للغاية بما لم يمكنها تحويله لكلمات؛ فابتسم وقد شعر بسعادةٍ طفيفة. من المبكرّ التقرير الآن، لكنه مال لفكرة أن الخيار الذي اتخذه كان صحيحاً.

-" إن كان بامكاني طلب خدمةٍ أخيرة، فأريد بعض الملابس. " أشارت لثوبها، واستطردت:" بالكاد أتحمل نفسي بهذا الشيء. لسببٍ أو لآخر. "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن