9 | ثورة!

2.9K 351 52
                                    

ثورة !

هذا ما كان يزلزلُ أذهان أهالي العاصمة قبل أسبوعٍ فحسبُ من تتويج الأميرة.

أخيراً تأكد كايرو مما خمّن انه سيحصل، وقد اخذ يتبع احد أشهر المُتعصبين الذين ينشرون الفوضى حول هذه الإشاعة بكل ركنٍ ومكان، بعدما أجَّل مهمة المخطوطات حتى يفهم بالضبط ما يجري بخصوص هذا الموضوع الخطير الذي يتم التحضير له خِفية.

أيُ خِفية؟ انتشرت أصداءه حتى كل أذنٍ هنا، وللعجب فالأميرة حتى اللحظة لم تتخذ أي حركة !

تُراها ألم تسمع؟ تساءل، وعلّ لحال إرهاقها المتزايد يدٌ في غفلتها هذه.

كان أول الصباح، شمسٌ تسللت من بداية طريق الإشراق على يومٍ مُبهم الخبايا، وهو يختبأ من مكان لمكان خلفَ ذلك الرجل، والذي إن كانت معلوماته التي لملمها صحيحة؛ فهو الآن في طريقه لاجتماع مهم سيتم التخطيط به لما هو قادمٌ.

دلف الرجل لإحدى الحانات المعروفة، فراح كايرو يفكر بطريقة يدخلها بها دون لفت أي انتباه، غير أنه سرعان ما لاحظ وجود العديد من الرجال بالداخل بالفعل بحيث ما كان حتى له وسط هذا البحر من الجلبة أن يُرى أو يُسمع، استتر بقلنسوته واتخذ زاويةً بعيدة.

بدا كأن الجميع ينتظر أحدهم.

فجأة، خرج المُنتظر رفقة البعض من الرجال من أحد الأبواب ليسترق انتباه الجميع في وهلة ساد معها الهمس الخافت، وفورياً انتاب الأمير شعورٌ ينبهه لسبق رؤيته ذاك الرجل قبلاً .. لكنه نسي بالضبط من، وبينما كان يحاول التذكر، قال ذاك الشخص:" هدوء هدوء ! لا داعي لأي جلبة ! لقد تم التخطيط لكل شيءٍ بالفعل وقد حددت الخطة ! " توقف لحظات، من دراسةٍ لملامحه الملتوية أدرك كايرو أنه استغلها في اصطناع بعض التأثر؛ خاصةً لدى إضافته:" سبب بؤس بلدنا ماركون من البداية كان هذه العائلة الملكية اللعينة .. بالطبع لا ننفي فضلَ الملك العظيم آلبرت في بنائها كما في إيقاف الحرب العظيمة السابقة بل ونفخر بذلك، إلا أن من بعده لَم يسترسلوا تِباعاً سِوى في تخريبها يوماً بعد الآخر وصولاً لهذه الأميرة ! وفوق كونها فتاة؛ فهي الأميرة الوحيدة التي ستتسلّم الحُكم في سنٍ صغيرةٍ كهذه، ولن نضع حياتنا بين أيدي شابةٍ لا تعرف شيئاً ! لذا، بعد ستِّ أيامَ من الآن، وبيوم الترسيم، سيتم قطع سلالة المفسدين هذه للأبد .. سننهي وجود هذه العائلة مع إنهاء وجود الأميرة !! " أخذ الجميع بالهتاف بينما الأمير يُحملق مرتبكاً، سيغتالون الأميرة بيوم الترسيم !

-" ألا يجب أن نقلق من تسرب الخبر لها؟ " سأل أحدهم، ليجيبه ذلك الرجل مع ابتسامةٍ خبيثة:" كلاّ، لا تقلق، فحتى لو تسرّب، هذه الثورة مقامة من طرف الشعب بالمقام الأول؛ وهي مدعومةٌ بالجيش. فقط مجلس الوزراء لم يوافق، لكن وبعلمهم بقوة الثوار معاً؛ هم لن يجرؤوا على الاعتراض خوفاً من أن تطأهم أيضاً. أي أنها لو علمت، لن يمكنها المقوامة أو الاعتماد على أحد للاعانة، باختصار، حلّت نهاية هذه العائلة الملكية المشؤومة بالتأكيد. " نفس الحِقد المشتعل ضد كل شيء، لقد تذكره ! نعم إنه هو .. قائد جُند المشاة ريس!

أردف منادياً :" رايف ! " نظر له المدعو رايف وناوله زجاجةً صغيرة ذات محلولٍ شفاف، أراها للجميع وأخبر:" وهذه الصغيرة هنا ستكون وسيلتنا لذلك .. "

لا يدري إن كان ما شعر به للتو شفقةً على حالِ الأميرة أم هو قلقٌ عليها، إلا أنه قد قرر بمجرد الخروج من هنا؛ فسوف يذهب لإخبارها .. قد تكون قاسيةً أو مغرورةً أحياناً، لكنها وبالتأكيد لا تستحق أن تغتال.

***

بينما إليس تحمل شمعةً وتمشي بممرها السري، كان عقلها قد سهى مع آخر تصرفات إليزابيث وطيبتها المتزايدة مؤخراً معها. أهو بسبب التتويج؟ لكنها ستتوج لا تتزوج أو تذهب ! وعلى كلٍ، يظل هذا بصالحها برأيها، لن تصرخ على رأسها طِوال الوقت لتجريب الأثواب بمختلف أنواعها وألوانها على الأقل. أبعدت عنها تلك الأفكار أخيراً متنهدة، أطفأت الشمعة ووضعتها بفتحةٍ في الجدار، طرقت بإصبعها لتدور المكتبة وتخرج من ...

-" أوه جيد، أنتِ هنا ! كنت أعتقد أنكِ بالخارج ! " قال كايرو الذي كان بجانب الشرفة وقد بدا انه دخل للتو، طرقت بإصبعها من الخلف لتعود المكتبة لطبيعتها، وتقدمت للأمام مرتبكة:" أتعلم انه من الإزعاج أن تدخل لغرفة احدهم على .. "

قاطعها قائلاً بسرعة :" لا يهم !! اسمعي هناك أمرٌ خطير يجب أن تعلميه ! "

قاطعته بدورها :" بشأن المخطوطات؟ "

-" كلاّ بشأنك ! لستُ أدري كيف أقولها تماماً لكن.. أعتقد انه يجب عليكِ الهرب من هنا وبسرعة ! "

قالت باستغراب :" لِم سأهرب من قصري؟ "

-" إنهم يخططون لقتلك ! "

-" ماذا؟ من؟ "

-" الجيش ! منذ مدةٍ كانت حسب ما استنتجت الآن مؤامراتٌ عديدة تجري حولك، كانوا ينشرون بين الشعب كونكِ مُهملة ولا تأبهين بصالحهم؛ وتم استغلال الأحداث الأخيرة لتأكيد ذلك لديهم، شأن هجوم كومين بالزينيف وريدانا على فاني. وربما كانت من فعلهم حتى ! على كلٍّ هم ينوون الاطاحة بك، ولا شك أن .. "

قاطعته اللأميرة مُستشيطة: " أوَتدرك ما الذي تتفوه به؟! أنت تقول أن كل جيشي وأعضاء حكومتي هم خونة يريدون اغتيالي؛ وأن عليّ وبكل ببساطة ترك العرش لمنع ذلك؟! "

-" إلا إن كان العرش أهم لديكِ من حياتكِ نفسها !! "

-" يكفي هراء ! "

اندهش." أحقاً لا تثقين بي لهذه الدرجة؟ أتعتقدينني مجنوناً أو ما شابه لآتي لهنا على السادسة صباحاً جرياً فقط لأقول .. هراء؟ "

-" أ...الأمر ليس هكذا ! لكن .. ما تقوله غير .. غير قابل للتصديق ! "

-" كما تريدين إذاً. " انطلق فوراً خارجاً من الشرفة، بينما وقفت مُتصلبة بمكانها كلامه يحوم بعقلها.

" أ.. ألما قاله معنى حقاً؟ " تمتمت، طوقها الارتباك والتشتت، كان موقفاً صعباً؛ لو قِيل لها هذا من أيّ غريب آخر لما ارتبكت كل هذا الارتباك، هي متأكدة بأنه لن يأتي فعلاً على السادسة صباحاً ليُخبرها بهراء ! لكن لِم سيتعاون الكل باغتيالها؟ أليس كلامه مبالغاً فيه؟ أدارت رأسها وقابلتها أثواب كثيرة فوق سريرها تنتظرها للتجربة. تنهدت وقررت الحُكم في الأمر من ميزان الثقة. أن تثق بمن تعرفهم من قبل أن تولد أحكم من ذاك الذي التقته قبل فترةٍ وجيزة، أليس كذلك؟

" ربما عليّ أخذُ حذري. "

•|🍎🍌|•

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن