المحاولة الخامِسة و رَدعِه لي.

1.7K 294 262
                                    


إنه آخر يوم بالإختبارات هنا، و ما أسعدني حقيقةً، لأنني أخيرًا سأبدأ بطقوس إجازتي الخاصة التي هي أجمل ما بالسنة بأكملها.

أرسُم كما أشاء، أسمتع للموسيقى، أبقى مُستيقظة للثالثةِ فجرًا و أتسكع مع أصدقائي بمُنتصف الليل.

هو لم يتحدث حتى الآن، و حقًا الأمر أصبح مُحرِجًا للغاية. أعني، أنا أذهب إليه مُفعمَة الأمل مُبتسمة بإتساع و هو يُقابلني و كأنه رأى شبحًا ما، تُصبح ملامحهُ مشدودة و متوترة سُرعان ما يقع نظره عليّ.

حاولت عِدة مرات أن أتحدث بدلًا من الرسائل، لكن بدى الأمر سخيفًا جدًا فهو يرحل بعد إنتهاء المُحاضرات مُباشرةً، و لا يسمح لأحد بالجلوس معه منذ السنة الأولى، حتى نبذه الجميع و يسخرون منه أحيانًا.

شيء ما به يجذبني إليه كثيرًا و لا أعرف ما هو، لا أعرف إن كان نوع الموسيقى التي يُحبها أم الطريقة التي يُخط بها خطوطه بإنسجام، أم إنعزاله التام عن العالم و خَلق أجواء خاصة به.

بعد إنتهائنا من أدآء آخر إختبار، إنصرف الجميع يهتفون و يصرخون بحماسٍ جديد، بدأوا برمي المساحيق المُلونة على بعضهم البعض حتى أصبح الحرم الجامعي بأكمله فوضوي للغاية.

كُنت أحاول أن أتفادى تلك المساحيق المُتاطيرة من حولي، لكن محاولاتي باءت بالفشل، فإلتصقت بي بعضًا منها في النهاية، لكن الوضع ليس بهذا السوء.

رأيته يمشي بسُرعة كعادته، يداه في جيب سُترته السوداء الواسعة، مُقحمًا بذلك الجيب أيضًا هاتفه الموصول بسماعات أذنه.

بدا و كأنه يُفكر بأمرٍ ما، كما أنه بدا مُستحقِرًا لما يحدُث حوله من فوضى عارمة، بالتأكيد هو لا يكره البهجة، بل ربما هو يكره الطريقة التي يبتهجون بها.

كُنت قد كتبتُ رسالتي منذ دقائق بعد إنتهائي من الإختبار عندما جلست بمكانٍ ما بالقُرب منه، كان بجانب المقهى الجامعي بعض المقاعد الخشبية التي يُفضِّل الجلوس عليها بإستمرار.

و أنا فقط كُنت أراقبه كَكُل مرة.

فَكَكَتُ طيات الورقة لتكون مستوية تمامًا أمام ناظري، و أخذت أقرأ محتواها للمرة الأخيرة.

"كيف الحال، إتش؟

أتمنى من كُل قلبي أن تكون بخير و مَسرور، ما رأيك بآخر إختبار هذا؟!

لم يكُن بهذا السوء، بالرغم من أنني لم أنمّ جيدًا بالأمس فكان لذلك تأثيرًا كبيرًا على أدائي اليوم، لكن بالنهاية مرّ الأمر و أظنني سأحصُل على علامة جيدة.

جِسر.Where stories live. Discover now