2 | مِنهم وتكرههم !

8.8K 664 96
                                    

-" تفاح ! موز ! برتقال ! كل ما تشتهيه من الفواكه يباع هنا ! تعالـ... أوه آنستي ما رأيكِ بتذوق هذه التفاحة الطازجة، ذات لون عينيكِ الفريد؟ " حدقت به إليس مفكرةً، اختطفت موزةً من جانبه ثم دفعت ثمنها، وشرعت تأكلها بمسيرها، مستمتعةً بطعمها، تتمتم:" لا فاكهة ألذ من الموز. "

ومع مرور الوقت أخذت أصوات الباعة ذوي الوجوه التي تفننت الحياة برسم ملامحها الحزينة أو السعيدة، المتعبة او تلك الفريدة، بالصداح والارتفاع معلنةً اقتراب ساعة الذروة بالنسبة لهم. دق جرس المدينة مؤكداً انتصاف النهار، توّسطت الشمس كبد السماء فيما كانت تنشر أشعتها بكل جهةٍ ومكان، انزعجت منها إليسانيت فارتدت قُلنسوتها المرفقة بالعباءة حتى تكمل طريقها، آنسها هواءٌ عليل حمل معه أوراق أشجار الخوخ والمشمش التي تُميز سوق العاصمة وقد شرعت بالتساقط، مع بداية الخريف. بحثت بعينيها بين أسماء المتاجر، والضجيج ما اقتصر على الباعة والمُشترين فحسب بل حتى الناس من نوافذ وشُرف بيوتهم يتبادلون أطراف الحديث أو الشجار. سُرعان ما توقفت بعد فترة بُعيد ما لمحت لافتةً عفى عليها الزمن، تحمل اسم مطعمٍ قديم." مطعم ستيفانو .. هذا هو المطلوب. " رددت، قُبيل أن تدلف بخطوات متباطئة للداخل.

لَم يكن بذاك المطعم الكبير الحجم، ذو تصميمٍ بسيطٍ كان أساسه خشب الصنوبر المستعمل بالأثاث بشكلٍ كبير، وهو من أكثر الموارد المشهورة الإنتاج بالبلاد، وخالٍ من أي زبون غير شخص في الزاوية غرق في أحلامه وعجوزاً رحّب بها لدى لمحها تدخل.

اتخذت مكاناً وأخرجت من حقيبتها كتاباً راحت تكتشف سطوره، كان عن الفلسفة التي قررّت مؤخراً التعمق فيها غير الأساسيات التي درستها قبل بضع سنين. بيد أنها وبعد برهةٍ من زمنٍ أحست بمللٍ خالطه انزعاج من تأخر المرأة التي تنتظر، حتى مرّت بضع دقائق أخرى ويرتفع صوت جرس باب المكان منبئاً بدخولٍ جديد، كان دخولاً مميزاً لشابةٍ تحرك شعرها الأشقر الطويل المُبتل هنا وهناك أملاً في جفافه، جلست تلقائياً على طاولة إليس و لم تمر الثانية إلا وبدأت ثرثرتها المعتادة باستشاطةٍ وتبرم:"تعرضتُ في حياتي لكثير من التنمرّ بسبب شعري هذا ولكن لم يسبق له مُطلقاً أن يبلغ هذا الحدّ ! أولائك العنصريون الأوغاد !! " الشعر الأشقر نادرٌ بمملكة ماركون بأكملها، مُقابل اللونين الأحمر والبُنيّ، مِما يتسبب في لفت الأنظار لمالكيه. سألتها إليسانيت: " وماذا حصل هذه المرّة؟ "

-" أتتخيلين؟ رموا عليّ البيض ! بيض ! " شرعت تضفره واستطردت:" اضطرت لغسله، عديد المرّات، مما أضاع وقتي ! لكم حقاً أكره البشر ! " صاحت بصاحب المطعم طالبةً اكبر وجبة، وفمها لازال يتفوه باللعنات والشتائم.

انتظرتها إليس حتى انتهائها من طعامها واسترجاعها لهدوئها، أخرجت من حقيبتها مخطوطةً ما، فتحتها ليتضح أنها خريطة، ثم وضعت إصبعها مشيرةً لإحدى قبائل الجنوب الشرقية، مُتسائلة: " كرستينا، ممّا علمتِه مؤخراً، هم قصدوا هذه القبيلة تحديداً؛ أليس كذلك؟ "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن