1 | إليسانيت فوليمر.

26.8K 1.1K 220
                                    


جثا على رُكبتيه، ابتلع ريقه، وراح يُفكر فيما يجدر به فعله أمام ما بلغ به الحال. رفع رأسه، وانتشرت رجفةٌ بين أنحاء جسده حالما انتبه لوقوفها من على عرشها المُنتصب؛ تتقدم برويّة إليه. بُهتَ وتوّقف عقله عن العمل؛ وراح فمه يعتصر تلقائياً كل كلمات اعتذارٍ مكرراً إياها باستمرار يائساً مع علمه بضياع فرص عيشه وانطوائها، وكيف لا وهو الآن تحت رحمة هذه الفتاة !

-" أوَ تجرأ على خيانتي؟ خيانتي وخيانة بلدكَ ماركون؟ " همست بأذنه، همساً بقدر ما كان خفيفاً ترك من بعده أثراً جللاً داخله. ارتعش قلبه، وازداد رُعبه شدةً حال لمحه لخنجرها ينسدل من غمده، حاداً لامعاً كأنما يتوق لأن يُستعمل. لم يجرأ على الردّ.

نقلت نظرها لرجلٍ آخر صلبِ البُنية أسمر البشرة كان واقفاً بثبات قربه، وتساءلت:" إذاً فوزير تجارتي العزيزُ كان قد تعاون من الأعداء في مكيدةٍ استهدفت إرابيكا، ناشئين مشاكل تجارية بيننا في سبيل افشال مخططنا في ضمهم لنا. أهذا هو الوضع؟ "

أجابها في رويّةٍ أثارت غيظ المُتهم، الذي لم يقوى أو يتشجع حتى لأن يُظهرها على ملامحه التعسة:" أجل، جلالتك، الوزير كورز أمر برفع أسعار البضاعة التي تُصادر لإرابيكا، تم اكتشاف ذلك عبر المبعوث للاستطلاع الذي بعثتِه مؤخراً لهناك؛ والذي أطلعنا بعد الاستفسار منهم أن الارتفاع الملحوظ كان بأمرٍ من جلالتك حسب ما قال له التُجار هناك؛ وذاك بدوره ما قاله لهم الوزير. "

-" ماهو رأيك بهذا الكلام، أيها الوزير؟ " تمتمت واقتربت منه، راحت ترسم بخنجرها بِضع خطوطٍ خفيفة على رقبته أدمت، ولَم تقم سوى بالتحديق في عينيه، كل هُنيهةٍ تمرّ، كان خوفه يزداد، ولاستغرب إن لم يفعل وحُمرة عينيها النادرتين تُنذرانه بمصيره القادم. حينما لم تجد منه رداً مرّةً أخرى، قالت مُغتاظة:" أوَتدري الذي فعلته؟ أنت أعدتنا عشر خُطواتٍ للوراء باعاقة هكذا حلف، عشر خطواتٍ خلف أعدائنا الذين وكل دقيقةٍ تمرّ يتقدموننا ويتفوقون علينا، وأوَ تدري ما معنى يتفوقون علينا؟ وما الذي أقوله؟ بالطبع أنت تفعل، ذاك هو مبتغاك بعد كل شيء، أليس كذلك؟ " ضغطت الخنجر على رقبته فشرع يتألم، في حين صرخت عليه:" لصالح من تعمل؟! "

ساد الصمت. لم يكن مُستعداً للاعتراف بالوقت الحالي، وسواء أن احتاج لأن يهدأ أو يتوتر أكثر، أمرت:" آزون، اسجنه حتى وقتٍ لاحق. يحتاج موضوعه بحثاً معمقاً أكثر، أو ربما استجواباً .. مؤثراً أكثر. " اختفت الدماء من وجه الوزير المُتهم، فهو علم أحسن العلم أنواع التعذيب المُستخدمة في استجواباتها. تردد من خاطبت؛ يدها اليُمنى، وأحد اكبر قادة الجيش وهلةً قُبيل أن يرد ويطلب من الحراس التطبيق.

سُرعان ما تبع خروجهم عودة السكينة للغرفة، شرع القائد أمامها بالاعتذار عن تقصيره وزملائه المؤدي لمثل هكذا حادثة خسروا منها أراضي مهمة. كان الانزعاج قد تسلل لها من وقع هذا الحدث، لكناها حاولت أن تخفي آثاره؛ بقولها مبتسمة:" أيها القائد، صحيحٌ أنك لَم تستطع السيطرة على قبائل إرابيكا، إلا أننا احكما سيطرتنا على جهة الشرق وبضع قبائل أخرى، وذلك جيّد جداً. لا تكن سلبياً. " لم يعطها ردّاً وظلّ عابساً، فتساءلت:" ما الخطب؟ "

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن