قدما البلاغ واستمع "مراد" الى ما قصته "مريم" على الضابط وقد احمر وجهه وانتفخت أوداجه من الغضب .. بعدما انتهيا من تقديم البلاغ ركبا السيارة مرة اخرى وانطلق "مراد" بها فى صمت .. تطلعت "مريم" اليه فوجدته غارقاً فى شروده وعلامات الغضب على وجهه .. كانت تشعر وكأن عيناه جمرتا نار .. كان يسير بالسيارة فى سرعة وحركاته تشوبها العصبية .. شعرت بالخوف من أن يتهور ويفعل مالا يحمد عقباه .. رن هاتفه فرد قائلاً:
- وعليكم السلام .. أيوة يا ماما لقيتها .. احنا جايين فى الطريق .. أيوة هى معايا .. هتطلعلك هيا وأنا هروح مشوار وأرجع .. طيب مع السلامة
أنهى المكالمة دون ان ينظر الى "مريم" تزايد خوف "مريم" وقلقها فقالت :
- ليه مش هتروح معايا .. انت رايح فين ؟
التفت ونظر اليها .. متفرساً فيها .. شعرت بالخجل وندمت على تسرعها فى القاء السؤال .. لكنها قالت بقلق :
- بلاش تعمل حاجة غلط .. لو سمحت اوعى تروحله وتضربه تانى
نظر "مراد" أمامه قائلاً بصرامة :
- ده يستاهل القتل مش الضرب
قالت "مريم" بجزع :
- اوعى تقتله هتضيع نفسك
التفت "مراد" اليها يراقب تعبيرات القلق على وجهه قائلاً بتحدى :
- ايه المشكلة يعني لو ضعت .. مالك ومالى .. ايه اللى مخوفك كده
قالت "مريم" بتوتر :
- كدة عشان مامتك واخواتك محتاجينك
تفرس "مراد" فيها فأشاحت بوجهها .. عاد الى النظر أمامه بصمت .. توقفاً عند احدى الإشارات المزدحمة وكل منهما شارداً .. اقترب بائع متجول يحمل عقود طويلة من الفل من "مراد" قائلاً :
- فل يا بيه
هز "مراد" رأسه نفياً .. فقال الرجل بإلحاح وهو يلقى نظرة على "مريم" :
- فل للهانم يا بيه .. ده الفل عنوان المحبه .. ومعناه بحبك انتى وبس
شعرت "مريم" بالحرج لظن الرجل بأنهما حبيبان .. وشعرت أيضاً بالحزن وهى تقول لنفسها ليتك تعلم أنه اضطر لمصاحبتى اليوم من أجل شعوره بالمسؤلية تجاهى فقط ..فلا شئ يجمعنى به منذ أن رأيته إلا المصالح المشتركة .. رأت بطرف عينيها "مراد" وهو يشترى عقداً من الرجل ويضعه أمامه على التابلوه .. بالتأكيد ليتخلص من الحاح الرجل عليه فى الشراء .. انفتحت الإشارة وسارا مرة أخرى فى طريقهما .. توقفت السيارة أمام بوابة الفيلا فقالت "مريم" وهى تلتفت اليه :
- ياريت متعملش حاجه تندم عليها سيب الشرطة تشوف شغلها وهما أكيد مش هيسيبوه
بدا عليه أنه منشغل فى التفكير فى شئ ما .. فقالت مرة أخرى وهى تنظر اليه :
- ياريت بجد تتحكم فى أعصابك لان أى حاجة هتعملها هتتاخد ضدك خاصة انك ضاربه مرة قبل كده
لم يجيب فالتفتت وهمت بالنزول من السيارة لكنها وجدته فجأة مطبقاً على يدها .. التفتت بإستغراب وهى تنظر الى يده الممسكه برسغها .. دون أن ينظر اليها وجدته يحمل عقد الفل ويلفه حول يدها ببطء .. شعرت بقلبها تتعالى دقاته .. وحبست أنفاسها وهى تتطلع الى يده التى تلف العقد على يدها .. انتهى فسار العقد كالإسورة يزين يدها اليسرى .. لم تنظر اليه .. ولم ينظر اليها .. لكن بدا وكأنهما يتحدثان الى بعضهما البعض .. بحديث تعجز الآذان عن سماعه .. لكن يفهمه القلب جيداً ..ظل ممسكاً يدها للحظات قبل أن يطلق سراحها ويعود الى النظر أمامه .. خرجت من السيارة وهى تشعر بإضراب شديد وبشعور لذيذ يغمرها .. سمعت صوت السيارة خلفها لتجده وقد رحل فتوجهت الى الحديقه بدلاً من الفيلا وجلست على أحد المقاعد للحظات .. أخذت خلالها تتطلع الى عقد الفل الذى يزين يدها .. تلمسته بأصابعها تداعب البتلات البيضاء .. ثم قربته من أنفها تتشمم عبيره .. ارتسمت ابتسامه على شفتيها وهى تتذكر كلام الرجل البائع : " ده الفل عنوان المحبه .. ومعناه بحبك انتى وبس " .. أخذت "مريم" تتسائل فى نفسها ..لماذا أهدانى اياه .. تُرى أيقصد ذلك بالفعل ؟!

قطة فى عرين الأسدWhere stories live. Discover now