الحادي عشر

57.8K 1.2K 62
                                    


قضت "مريم" ليلها باكيه حزينه .. لا يفتر لسانها عن قول "حسبي الله ونعم الوكيل فى اللى ظلمنى" ظلت ترددها دون غيرها .. حتى تعبت ونامت .. ظلت جدتها ساهرة بجوارها حتى اطمئنت لنومها .. دثرتها جيداً وعادت الى غرفتها .. ما هى الا أقل من نصف ساعة حتى استيقظت "مريم" راقبت الساعة التى تسير الى الثانية عشر الا ثلث .. جلست على الفراش فى انتظار مرور الوقت .. وما ان دقت الساعة معلنة منتصف الليل حتى نهضت من فراشها وتوجهت الى الحقيبة الصغيرة التى تحوى خطابات "ماجد" وأخرجت منها الخطاب الذى حان دوره بحسب ترتيب الأرقام وجلست على فراشها تقرأه :

- حبيبتى "مريم" .. أتذكرين كلماتك لى وأنا على فراش المرض .. كنت تذكريننى دائماً بفضل الصبر وبثوابه عند الله .. كنتى تذكريني بالآية التى فى سورة "هود" والتى تقول " إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ " ... وبالآية التى فى سورة "النحل" والتى تقول " مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ... وبالآية التى فى سورة "المؤمنون" والتى تقول " إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ " .. كنتى تذكريني بتلك الآيات وتتليها على مسامعى لأحتسب دوماً آلامى وعذابي ومرضى .. ها أنا الآن أذكركِ بتلك الآيات ليكن لكِ فيها سلوى على فراقى الذى أعلم أنه كان شاقاً عليكِ .. حبيبتي "مريم" .. أثق جيداً فى أن الله سيحفظكِ ويرعاكِ .. لأننى أعرفكِ جيداً أعرف أنك تحاولين قدر استطاعتكِ ألا تغضبيه وأن تفعلى ما يرضيه لذلك أعلم بأنه سيكون معكِ مثلما أنتِ معه .. أختم خطابي بتلك الآية الكريمه .. والتى ستكون طلبي منكِ هذه المره .. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ ".
أنهت "مريم" قراءه الخطاب والدموع فى عينيها وضمت الخطاب الى صدرها قائله :
- ياااه يا "ماجد" .. لو تعرف أنا أد ايه كنت محتاجه أسمع منك الكلام ده .. كأنك حاسس بيا ومعايا
نهضت وتوضأت ووقفت بين يدي الله تبث له شكواها وترجو رحمته .. ظلت تصلى طول الليل ولا يفتر لسانها فى السجود عن قول "حسبي الله ونعم الوكيل" .. فقد أوكلته وهو حسبها .. أنهت صلاة الفجر وجلست تقرأ وردها حتى الشروق .. شعرت بالسكينة وبالراحة تغمرانها .. وكأن صُب فى قلبها الذى يشتعل بردأً وسلاماً .. فاطمئن وسكن .. شعرت بشعور غريب يجتاح كيانها نظرت من مكانها الى شباك غرفتها والى النور الصباح الذى بدأ يتسلل الى السماء .. شعرت وكأن دعائها قد استجاب .. شعرت بقشعريرة غريبة تسري فى جسدها كله .. ظل نظرها معلقاً بالسماء وصوت بداخلها يهتف "لقد استجاب الله لكِ" .. كبر هذا الشعور بداخلها حتى أدركته بكل حواسها .. كان هذا الشعور بداخلها كما لو كان يقيناً وأمر واقع .. حتى أنها وجدت الإبتسامه تتسلل الى شفتيها وقلبها يرقص فرحاً .. شعور غريب لم تختبره من قبل ولا تعلم سببه ولا حتى تعلم كيف شعرت به .. كل ما تعلمه هو أنا كانت فى تلك اللحظة واثقة من شئ واحد فقط .. "لقد استجاب الله دعائها"

قطة فى عرين الأسدWhere stories live. Discover now