الفصل 13

64.2K 1.4K 55
                                    


بعد ساعة .. حضر المأذون بصحبة "مراد" وفى مشهد غريب عجيب فى أحد زوايا المستشفى .. بدأت مراسم الزواج وأخذ المأذون يلقن كلماته لـ "عبد الرحمن" و "مراد" .. والتى انتهت بـ "مراد" وهو يقول بحنق وضيق شديد :
- قبلتُ زواجهــا
تنهدت "بهيرة" فى راحة وتوجهت الى غرفة "مريم" .. واقتربت من فراشها قائله بحنان :
- خلاص يا بنيتي كتبوا الكتاب
شعرت "مريم" بالألم فى قلبها وروحها ورغماً عنها تساقطت العبرات على وجنتيها وهى تحاول أن تكتم شهقات بكائها .. قالت جدتها لـ "بهيرة" فى حده :
- خلاص عيملتوا اللى رايدينه .. حججتوا حلمكوا بجواز ابنكوا من بنتنا


نظرت اليها "بهيرة" وقالت :
- فى حاجات كتير ما بتعرفيها .. وآنى مستحيل أضر "مريم" واصل
ثم التفتت الى "مريم" قائله :
- شدى حيلك يا بنيتي عشان تسافرى على مصر فى أجرب وجت .. لازمن تبعدى عن المشاكل اللى اهنه .. ومتجلجيش واصل "مراد" ولد خوى راجل وهيعرف يحافظ عليكي لحد ما أجيلك
ثم اقتربت من أذنها هامسه :
- بس لحد ما أجيلك متجبيش سيرة لحدا عن موضوع "ماجد" .. احنا مش ناجصين مشاكل دلوجيت .. ماشى يا ابنيتي
أومأت "مريم" برأسها فى صمت وهي تشعر بالإرهاق والوهن .. قالت "بهيرة"
- هسيبك دلوجتى ترتاحى
خرجت "بهيرة" من الغرفة واقتربت من "مراد" الذى كان واقفاً وعلامات الغضب والضيق على وجهه وقالت :
- اسمعنى امنيح .. أول ما تجدر تجوم وتجف على رجلها تاخدها طوالى على مصر .. وآنى هبجى أحصلكوا بس لما أطمن على الحال اهنه
أومأ "مراد" برأسه بصمت فأكملت قائله :
- مش لازمن أمك وأخواتك يعرفوا باللى حوصل
قال "مراد" بسخريه وتهكم :
- أمال أقولهم ايه .. حب من أول نظرة .. ومقدرتش أستنى لما أرجع القاهرة فكتبت عليها فى الصعيد من غير ما أعرف حد منكم ! .. لا وكمان مش قادر أتحمل فراقها فعجلت بالدخله وجبتها فى ايدي على القاهرة
قالت "بهيرة" بحده :
- جول اللى تجوله .. المهم مش عايزه أمك تعرف ان جوازتك فيها مشاكل .. مش عايزاها تسود عيشة البنيه .. لحد ما أجيلكم ونشوف حل للمشكلة دى
ثم أكملت بحزم :
- خلى بالك منيها امنيح حطها جوه عينك .. البنيه غليانه وملهاش حدا .. دى أمانه فى رجبتك حافظ عليها لحد ما أرجعلك
قال "مراد" بنفاذ صبر :
- ربنا يسهل .. ولو انى مش طايق حتى أشوفها أدامى .. مش عارف ازاى هتحمل انى أدخلها بيتي وأأعدها مع ماما وأخواتى البنات
قالت "بهيرة" :
- متظلمهاش يا ولدى .. متظلمهاش
أقبل الطبيب مطمئناً الجميع على وضع "عثمان" قائلاً :
- الحمد لله جميع الأعضاء سليمه والمطوة اتضربت فى مكان خالى من الأعضاء .. هو بس نزف كتير ومحتاجين نقل دم لان فصيلته مش متوفره حدانا
قال "سباعى" بإهتمام :
- فصيلته ايه يا دكتور ؟
قال الطبيب :
- B نيجاتيف
قال "مراد" بسرعة :
- نفس فصيلتي
التفت اليه الطبيب قائلاً :
- طيب اتفضل معانا عشان ناخد منك عينه الأول نحللها
ربت "عبد الرحمن" على كتف "مراد" قائلاً :
- ربنا يبارك فيك يا ولدى

*******************************************

فى صباح اليوم التالى دخل "عبد الرحمن" غرفة حفيدته بالمستشفى للإطمئنان على صحتها .. وجدها جالسه فى فراشها ساكنه صامته تراقب السماء من شباك الغرفة .. اقترب منها قائلاً :
- كيفك دلوجيت
قالت بصوت مبحوح وكأنها انتهت للتو من البكاء :
- الحمد لله
جلس "عبد الرحمن" بجوارها على الفراش وأخرج من جيبة ورقة وفتحها أمام عينيها وأشار بإصبعه على موضع بها وقال :
- دى شهادة وفاة زوجك الأول .. مكتوب اهنه اسمه .. "ماجد خيري الهواري" .. انتى كنتى بتعرفى انه من عيلة "الهوارى" اللى بينا وبينها مشاكل ؟
هزت "مريم" رأسها نفياً وقالت :
- لأ مكنتش أعرف .. معرفتش غير لما جيت هنا
طوى "عبد الرحمن" الورقة وقال بحزم :
- اوعى تجيبي سيره لحدا واصل انك كنتى مرت "ماجد" .. وخصوصى "مراد" اوعى تجبيله سيره واصل .. لانى معرفش أبوه جاله ايه وفهمه ايه .. ومش عايزه يأذيكي يا بنيتي
قالت "مريم" بإستغراب :
- مش فاهمه .. ليه يأذيني لما يعرف انى مرات "ماجد" .. وليه الأسرار دى كلها .. وليه محدش بيجيب سيرة "ماجد" هنا كأنه مكنش موجود .. ليه كل ده
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- فى حاجات كتيره مبتعرفيهاش ومادام أبوكى الله يرحمه مجالكيش عليها يبجى الأحسن تفضلى مش عارفاها .. أهم حاجه اوعى تجيبي سيره لزوجك انت كنتى مرت أخوه أو انك بتعرفى مكان أخوه
صمت قليلا ثم قال :
- "بهيرة" بتعرف مش اكده
أومأت "مريم" برأسها قائله :
- أيوة عارفه .. وهى كمان قالتلى مجبش سيرة لحد
تمتم "عبد الرحمن" :
- كنت متأكد انها بتعرف .. وعشان اكده جوزتك لـ "مراد" مش لـ "جمال"
اقترب منها ووضع يده على ذراعها ونظر الى عينيها وقال بصرامة :
- الحاجة الوحيدة اللى بدك تعرفيها وتكون متأكده منيها ان أبوكى كان راجل زين ولا كل الرجال وكان يعرف ربنا .. مهما سمعتى غير اكده اوعى تصدجى أى كلمه تتجال على أبوكى
صمت "عبد الرحمن" قليلاً ثم قال :
- وينها "زهرة" أم "ماجد" .. لساتها عايشه ؟
قالت "مريم" بأسى :
- أيوة عايشة .. فى دار مسنين .. حالتها الصحية صعبة جدا .. مبتتكلمش ومبتتحركش .. صدمة موت "ماجد" الله يرحمه كانت شديده عليها أوى .. خاصة بعد وفاة بابا وماما واختى .. مقدرتش تتحمل كل ده وراحت فى دنيا تانيه
قال "عبد الرحمن" بأسى :
- اتعذبت كتير جوى .. واتظلمت كتير جوى .. ربنا يشفيها ويبرد نارها
ثم قال شارداً :
- يا ترى يا "بهيرة" ناويه على اييه .. هتكشفى المستور ولا هتسيبى كل حاجه لحالها اكده
نظرت "مريم" اليه بإستغراب .. شعرت بأن هناك أشياء كثيرة تخفى عليها .. صممت بينها وبين نفسها أن تكشف كل تلك الأسرار .. لكن دون أن تفضح أمرها كما أمرها "عبد الرحمن" و "بهيرة" .. أخذت تتساءل ... لماذا يحذرها الجميع من اخبار "مراد" بأنها كانت تعرف أخيه .. تُرى هل يعرف أصلاً أن لديه أخ .. واذا كان يعرف فلماذا لم يتلقى مع "ماجد" أبداً .. "ماجد" نفسه لم يخبرها أبداً بأن له أخ .. تُرى هل كان "ماجد" يعرف وأخفى ذلك عليها .. أم هو مثلها لم يكن يعرف بوجود هذا الأخ !!

قطة فى عرين الأسدWhere stories live. Discover now