الضهر-فادى و غطاس

345 20 2
                                    


   
        _فادى غطاس .. صديق الزنقة الكبيرة ، و مصيبة كل طالب ، اللى مأشطة فلوس اهالينا اللى احنا كنا اولى بيها ..
نعم يا سادة ..الثانوية العامة.. و انا مش هتكلم كتير عن ذكرياتى فيها بصراحة لان اغلبها مؤلم .. مؤلم فعليا..!!!

      -فادى معايا من الثانوية للكلية..شقيقى -سبحان الله- انا و هو زى الابيض و الاسود ، ملح و سكر ..
بس عيشتنا مكنتش بتكمل الا ببعض بجد..
بيتة كان بيتى ، و ابوه عم غطاس كان زى ابويا تمام بعد بابا الله يرحمه.
بابا اتوفى و انا ف تالتة ثانوى ! و فادى كان اول واحد عرف، ماما كلمته و قالتله وصل الخبر لسعيد.!
        -قعدنا ع الرصيف و جابلى مايه و عصير !! استغربت قلتله "القبض نزل ولا ايه ؟ من امتى يا معفن الحنية دى ؟"
  بقى بيخبى عيونه اللى كلها دموع عنى " مالك يابنى فى ايه؟؟!"
فمد ذراعة الايمن و وضع يده على رأسى و اجتذبها بحب و و انفعال الى كتفه ، و يده الاخرى تعانقنى ، تعتصرنى بدا و كأنه سيقحمنى بين ضلوعه لو لم ادفعه بعيدا من حيرتى !! دموعه ،حضنه، صوت بكاءة المتهدج!!!! .." فى اييييه يابنى مالك، بتعيط ليه !!!"
-باباك يا سعيد.. تعيش انت.

        -صمت،خواء ، كذبت ودانى و رافض اصدق ناكرا و مستنكرا و عقلى بيلح عليا بشدة اكذّبه "نعم ، انت قلت ايه ؟!! بابايا انا مات ؟؟؟؟؟؟!" 
هويت .. من على الارض و سقطت لجحيم اسود، ظللت ابتعد ابتعد ابتعد ساقطا للقاع، لا اسمع ، لا ارى ، لا اُفكر .. تنحت ...!! "بابا فين ؟ انا عايز بابا يا فادى ، عايز بابا... وصلنى "...
لم تنزل منى دمعة واحدة .. لم يمت... لم يمت.. بابا عايش.. بابا تعبان شوية بس عايش ، هما استعجلو عليه.. بابا عايش و هروح انده عليه و هيصحي و هيرد عليا و يقوم و يبقى كويس و عايش !!
مرددا تلك الافكار ف رأسى و كل خلية فى جسدى متألمة ، كل خلية تعلم انى اكذب، كل خلية تعلم ان عقلى الباطن انما يحاول ان يدعمنى حتى اصل بيتى و انا واع، لانهار كبناء من ورق امام صدمة خسفت بى الارض و اعاقتنى.
    -وجدت الكل ، صاحب ابويا "بابا فين؟؟" ، عمّاتى مكررا لهم نفس السؤال ، و تلقيت نفس الاجابة ، عيون شاخصة للفراغ فى الاسفل و وجوه حمراء كمده !!!!
-يا سعييييييد ، ابوك مات يا سعيد ، ضهر امك انكسر ، البيت وقع يا سعيد ، بيت ابوك وقع .. ابو.. اب... يااااااا رب .. يااا ررب.....
صراخها كان كفيل انى اقع من طولى ع الارض .. و قمت و مفيش فى ودانى غير كلمة "ابوك مات يا سعيد" .. دافعا امى عن يمينى و خالاتى عن يسارى ..
و دخلت الغرفة ، و وقفت امام ما يبدو كأنه جسدة ، مُغطى على السرير..كل ثانية تمر كأنها الابدية ، امد يدى شاعرا انى مشلول و غائب عن الوعى...
لمست الغطاء، داعيا الله ان يكون كابوس ، دعيت الله ان يمهلنى قوة لارفع الغطاء داعيا اياه ان ينجدنى من موقفى الصعيب..و يعطينى الشجاعة.
امتصصت كل نقطة تماسك تبقت بداخلى و دفعتها لاناملى لتلتقط طرف الغطاء.
و رفعت الغطاء .... شعره، لا .. ليس شعره..
جبهته...لا ، ليس هو.
انفه ، عيناه ، فمه ، ذقنه عنقه ، صدره ..!!!
لااااااا لا ، ليس والدى ليس والدى ... ليس هو لا يمكن .. ليس هو.. انه مجرد شخص يشبهه ، هذا رجل ميت اما والدى فحى.
يكذبون ؟! لم يكذبون ؟! مقلب ؟!! مقلب سخيف و سأشعل المكان و لنحترق كلنا .. ليذوقوا من افعالهم..صارخاااا
-ماااااااماااااااا ، بابا فين ردى عليااا
     -فأحتضنتنى، ف سكت.. ف مت..
مت مئة مرة فى ثانية واحدة. توجعت.. قلبى.. اموت... امى .. افقد الوعى..
       - جاء ملاك الرحمة ، فأجتذبنى من بين ذراعى امى.. وجدتنى ف صدر دافئ ،واسع .. فأختبأت بين الايدى و بكيت ، بكيت بدموع قلبى و عيونى و روحى الصارخة من اعماق اعماقها...
-ابويا مات يا عم غطاااس..
-عيط يا سعيد ، عيط يابنى ، عيط يا حبيبي..
ربنا يقويك ، ربنا يقويك... الله يرحمه .. يااا رب .. عينه يا رب و صبره ...
و وجدت راسى غارقا من دموعه ، و ظهرى المكسور يشتد بتربيته عليه.. و فى كل مرة يخبط عل ظهرى اتشجع و اتماسك و اتجلد.. حتى انتصبت.
و مسحت اادموع عن عينى و وقفت صلبا قائلا..
-مش هعرف اخد عزا ابويا الا و انت معايا ياعم غطاس.
       - وقد كان ، مسابنيش عم غطاس ولا فادى ، هم اللى جابو الصندوق ، و جهزوا الصوان ، و طبعوا الورق و راحو مع اعمامى يجيبوا الشيخ..
و اخر ناس روحت ، و قال لماما كلمة مش هنساها ..
قال ..
-جوزك راجل ربى راجل ، عيب لما تقولى البيت وقع ولا ضهرك انكسر !!! ليه .. مجبتيش راجل وتد يسد عين الشمس ..؟!
و خبّط على كتفى ووقالى .. انى ارجل شاب هو شافه ف حياته و دعالى ان ربنا يعنّى و اكمل مشوار ابويا و اخليه فخور بيا ... قاللى ..
-اجمد.. انت راجل و امك و اختك محتاجينك، و انا و بعون الله اخد شرف خدمتكم يابنى لحد ما اموت. ..

****★****★****★
 

قهوة بنكهة الفراولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن