-تخمة بشرية

1.3K 157 262
                                    


الفصل التاسع..
هدى.. صَدى مرِيب.
.
.

بصغري، كانت هناك فتاتان تدرسان معي، و كلتاهما من عرق مختلف، فالٱولى كانت صينية و الثانية أمريكية. الغريب في العرق هنا، أن كل الطلبة -بمن فيهم أنا- كان من العرق الثاني و هو ما لم يكن بالنسبة لتلك الفتاة في رأيهم.

كلتا الفتاتين كانتا عاديتَا معدل الذكاء و كلتاهما لم تكونا بذاك الجمال. لكن.. الٱولى كانت صفراء البشرة، و الثانية سوداء. ليس سوداء حتى بل سُمرية!!

كانت الٱولى تعامل كغيرها، يضحكون معها، يلعبون و يساعدونها، لم يكونا بذاك القدر من السوء. على عكس الثانية، الضحية، كانت تشتهي فقط مناداة باسمها، غير ألقابها الكثيرة.

دوما، دومًا.. لا تعثر على أدواتها، تعود لمنزلها بقصة شعر جديدة أو زينة علكة، ماسكات خضر و حبوب، أو موضة ثيابٍ مقرفة. و في أفضل حالاتها، تعود مستحمةً لا غير.

الغريب في الأمر أن الصينية كانت تحب الأمريكية، و مع هذا يصيب الأخيرة ما لا يصل للٱولى، رغم أن عهد العنصرية انجلى منذ زمن لكن عهد انحلال البشرية لا زوال له.

و استمر الأمر على تلك الحال، هيمنة الأبيض على الأسود، رغم أن الأسود هنا.. هو المظلوم، إلا أن الظالم فاز لجدارة شكله، لا مضمونه. سادتي و سادتي يشرفني أن أقول،

هذا ما يعرف بالتخمة البشرية

أصبح لديهم ما يكفي من الأشخاص، العديد من النسخ الإلاهية و المجسمات المتحركة، أعينهم مبرمجة على رؤية نفس الصنف "الأبيض" لأنها تود إخفاء عكسه، و الذي صنع عشه بأجوافهم.

و لأن الأسود، ظهر. لم يتقبلوه، لم يرغبوا بخرق لعبتهم، و إفساد الشبع الذي بداخلهم، لذلك جعلوا من إفساد حياته رياضة ما بعد الغذاء لحرق الدهن.

لقد انحط الناس، تجاوزوا مرتبة أسفل القدمين، لدرجة أنهم لم يهتموا بغير الشكل و لون العينين، ألأن بشرتها بنية و عيناها سوداء أصبحت ضمن المعاقين شكليا، الخطيرين اجتماعيا؟!! ثم أوليست الشوكولا ألذ من الفانيلا؟! كفى سخريةً بحق الله.

لقد أردت مساعدتها وقتها، لكني لم أستطع فكيف لي أن ٱنقذها و أنا نفسي ٱعاني من التنمر، لم أكن مجنونةً بعد لأملك ميرنان التي لا تخاف أو أنا التي لا تمانع الموت.

لذا كنت فقط ٱراقبها من بعيد، و ٱراقب الصينية الجبانة التي لا تدافع عنها بل تهرب و فقط تصمت وقت القتال.

كانت شوكولاتيةُ البشرة، شخصًا رائعًا و طيبًا للغاية فهي وحدها من لم تتنمر علي، رأت أنا دون إغلاق عينيها لشخصيتي، لكنهم مع ذلك لم يتركوها لحالها، و لا هي توقفت عن المقاومة، إلا حين حلت الكارثة يومها.

حين فقدت هي السيطرة، و شهِق النفس بالرئة، حين دفعت بأحدهم من النافذة.

لقد قتلتْ -بغير قصد- توماس الكبير.

رواية || أين غرفة المنكسرين؟!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن