﴿ الفصل 1 ﴾

30.2K 1K 122
                                    

تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن !
فكرت أن هذا المثل ينطبق تماما على حياتها و ما تعيشه الآن .
دخلت تلك الغرفة البيضاء بخطى مترددة عاجزة .
لم تعد تحتمل أن تراه هناك ممددا على السرير دون أدنى حركة تحيط به الأجهزة الطبية .
يا الله ! هي لا تعترض على قضائك ، لكنه زوجها و حبيبها الذي باتت تتنفس لأجله فقط .
منذ ثلاث شهور و هي تراه نائما هناك دون حركة .
منذ ثلاث شهور و هي تقضي الليل إلى جانبه ، تارة تصلي و تدعو الله أن يشفيه ، و تارة أخرى تقرأ له و كأنه يسمعها .
كانت الغرفة مظلمة و المستشفى شديد الهدوء و كانت هي تجلس بجانبه في ظلام دامس .
و في ظل مصباح صغير ينير وجهه الشاحب ، تحسست وجنته بيمناها و حاولت مسح دموعها بيسراها .
إنه زين حبيبها ! متى تُراه يستيقظ ؟ يقول الأطباء أنه دخل غيبوبة مجهولة المدة ، خارجيا لم يصبه أي ضرر لكنهم لا يستطيعون تحديد مدى تأثير الحادث به إلا بعد أن يستيقظ .
أمسكت يده لتقبلها ثم وضعتها في حضنها و أسندت رأسها على الفراش و قد بدأ النعاس يلاعب جفونها .
_

" مريم ! مريم .. إستيقظي "

صحت على صوت هاري ستايلز يناديها . فركت عينيها اللتان إنتفختا من أثر الدموع .. لقد تحملت كثيرا و بكت كثيرا لكنها لا تزال صابرة ، راضية بقضاء الله .

" صباح الخير هاري " قالت بكسل .

" عودي إلى المنزل لترتاحي مريم ! سأظل أنا هنا بجانب زين " رد بغضب حاول إخفاءه

" أوه لا ! فقط سأعود لأغير ملابسي و أنطلق نحو الشركة " قالت بعد أن وقفت و هي تراقب وجه زين لعلها ترى أقل إشارة أمل تدل على أن حالته تحسنت .

" يجب أن ترتاحي مريم ! " صرخ هاري ثم أضاف

" ليس عدلا في حق نفسك أن ترهقيها إلى هذا الحد .. تديرن الشركة طوال اليوم ، و تنامين هنا على كرسي طوال الليل و لمدة ثلاث أشهر ! هذه ليست حياة "

" أنا مرتاحة هكذا هاري " ردت ببساطة ثم خرجت من الغرفة .
هاري محق . هي تعلم ذلك لكن تعبها الجسدي يريحها نفسيا نوعا ما .
أدخلت المفتاح و أدارته في قفل الباب ، توجهت فورا نحو غرفتها ، لم تعد تأتي إلى بيتها سوى للإستحمام و تغيير ملابسها و ذاك فعلا ما قامت به قبل أن تنضم لحماتها للإفطار

" صباح الخير أمي " قالت و جلست على الطاولة .

" صباح الخير " ردت العجوز بتحفظ و هي تراقب ما آل إليه حال زوجة إبنها .
سكبت مريم قهوتها و بدأت ترتشف منها ثم سمعت حماتها تسألها

" هل أنت بخير مريم ! ؟ "

" أجل أمي .. الحمد لله " ردت بإقتضاب

" لكن شحوب وجهك لا يدل على ذلك . أنت ترهقين نفسك كثيرا يا بنيتي . "

" أنا بخير أمي أقسم لك "

ملاك الرحمة || Angel Of Mercyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن