• 1 •

548 55 239
                                        



جد جثي... أتسمعني؟ جد الجثة... جثتي... علعليك احضارها

لا! من أنت؟ ... ماذا تريد مني؟ أي جثة؟! ابتعد عني لاا

وضعت يدين ملطختين بالدماء أظافر طويلة على رقبته الشاحبة سوداء اللون بشعة تغرز بشحوب عنقه وضغطت بقوة محاولة خنقه

كان الشعر الأسود كسواد الليل يحجب وجهه فلا يُرى منه شيء، بينما صراخ بصوت مزعج يصم الٱذاظ لا يُطاق وويزاد الضغط على عنقه أكثر بينما تتكرر الكلمات بصوت يقشعر له البدن مطالبة بشيء واحد

"جد الجثة... أحضر جثتي المفقودة... جد الجثة..."

صرخ بأعلى صوته بخواء غرفته الباردة واستقام جسده رعبا جالسًا واضعًا يده على عنقه مرتجفا محاولا ابعاد الأيادي التي تخنقه تتسابق أنفاسه لاهثة ويغرق جسده بعرق غزير جعل من خصلاته  تلتصق بملامحه المحمرة برعب
بمحاولة لاخذ أنفاسه بعد كابوسه

رفع يده المرتعشة يدسها بين خصلاته ويشد عليها بشدة وهو ينظر حوله بخوف مراقبا زوايا غرفته الصغيرة الهادئة  ثم وضع كلتا يديه على وجهه متنهدا  بتعب يمسح على ملامحه المنهكة  نفس الكابوس، نفس الخوف، نفس الهلع، نفس المأساة التي يعيشها منذ عشر سنوات....

ضغط على رأسه بقوة فكل هذا يقوده إلى الجنون، كان يسير بطريق تفقده عقله ولم يكن هذا سرا على الاطلاق بينما غادر صوته ثقيلا عميقا منهكا ينظر لسقف غرفته المعتم هامسا

"يا الهي لا أريد أن أفقد عقلي"

أدار رأسه بفزع وشعر بقلبه يقز من مكانه رعبا على صوت هاتفه الذي رن فجأة معلنا عن الوقت المحدد للاستيقاظ والذي ضبطه بالليلة السابقة

أغمض عينيه مجددًا يطبطب على أيسر صدره على قلبه الفزع كأنه يطمئن نفسه أن كل شيء سيكون بخير حتى وهوا يدرك يقينا أن كل شيء يتجه للأسوأ

مدّ يده ليغلق منبه الهاتف الذي استمر بالرنين ورماه على السرير وتلاقت قدماه الدافئة ببرودة أرضية غرفته يهمس لنفسه مرة اخرى

"يوم من بدايته أسود كسواد الأيام التي قبله... والتي ستأتي بعده"

دلف إلى الحمام وخرج بعد دقائق مرتديًا سروال جينز عريض  يغرق بداخله هودي سوداء فضفاضة وبكفه اليمنى يحمل منشفة صغيرة يجفف بها خصلات شعره التي بالكاد تلامس أسفل رقبته بعض الخصلات متفاوتة الطول والبعض الاخر يرتمي على رقة ملامحه المرسومة بملائكية منهكة

وقف أمام المرآة يتأمل شكله... جسده الهزيل الذي يخفيه تحت تلك الثياب الواسعة دوما بمحاولة لاخفاء انهاكه وجهه الجميل الذي شوهته قلة العناية وكثرة التعب، بشرته البيضاء المائلة للاصفرار من قلة النوم والاهتمام، والهالات السوداء تحت عينيه من التعب والضغوط النفسية، وتلك الحبوب الصغيرة الناتجة عن التوتر تختفي أسفل جلده المنقط بالنمش عيونه الواسعة بحدقتين عسلية بدت دون لمعة وعظام وجنتيه بارزة بينما كانت شفاهه مشققة بدا جميل بشكل مكتئب كلوحة رسمها فنان بعناية فائقة وسكب عليها الحبر الأسود فجأة ما حيا اشراقتها

جُثة مَفقُودَةOnde histórias criam vida. Descubra agora