البــارت الـرابـع

936 35 21
                                    


ولنثق دائماً بأنّ الله كله خير وبأنّ مشيئته كلها رحمة
.
.
.
.
.
.

كانت الصالة ممتلئة باصوات سوالفهم واصوات ضحكاتهم ، تجلس ام نجلاء وجنبها ام تميم و يتشاركون السوالف ،و ام فيصل اللي تناظر شاشة التلفزيون تناظر مسلسلها الخليجي مع بنتها ام مشاري  .
وراكان اللي يناظر الجوال ويضحك على المقاطع المضحكه وجنبه مشاري ياللي يناظره مستغرب من ضحكته .
وتميم اللي حاط الجوال على اذنه ويسولف مع صاحبه
وامل اللي تسولف مع نجلاء اللي حاطه ايدها على خدها و تفكر بحبها وتتمناه يلتفت لها ويعطيها اهتمام ولو بسيط .
و على الطاولة القريبة منهم يتصاعد البخور وينتشر مثل انتشار ضحكاتهم وسوالفهم  .
ام فيصل لفت تناظر مشاري : ولد
التفت راكان : تكلميني ؟
ام فيصل: لا مهوب انت ، اخوك .
مشاري التفت يناظرها ونطق بضجر : هااا
ام فيصل عقدت حاجبها : هاا ؟ وش ها تكلم مثل الرجال مشاري عقد حاجبه : و انا حرمه !
ام فيصل بحدة : الرَّجال يقول امري و سمي و لبيه و نعم  !
مشاري صار يحك شعره وعدل جلسته : لبيه يا جدتي ، امري يا جدتي،  سمي يا جدتي ، نعم يا جدتي ، تدللي يا جدتي ، امريني يا جدتي وش بغيتي .
ام فيصل : قوم شوف السواق وينه اتصل عليه ما يرد علي
مشاري : ان شاءالله
فتح مشعل الباب ونطق بغضب : ادخلي
الكل التفت يناظره بستغراب وعلامات الذهول بوجههم .
ام نجلاء حطت الفنجال على الطاولة : وش صاير بعد
دخلت نايا ودخل مشعل خلفها ، ام فيصل عقدة حاجبها تناظر نايا بستغراب تشوف العباية عليها والف سؤال براسها : وين كنتي ؟
مشعل بغضب : كانت بالمول .
ام فيصل تناظرها وتقدمت لها : انتي من سمح لك تطلعين ؟
نايا بصوت عالي : انا مو طفله انا اطلع بمزاجي وادخل بمزاجي
ام فيصل : ما عندنا بنات يطلعون بروحهم شوفي نجلاء وشوفي امل ، اجلسي معهم وتعلمي منهم . 
ام نجلاء ميلت شفايفها : لا لا ما تجلس مع بنتي ، بنتي بسم الله عليها ماتسوي مثل اللي تسويه نايا وانا اخاف تأثر عليها بسم الله عليها .
تميم تنرفز من كلام ام نجلاء و تقدم لكن امه مسكته وتناظره بحدة ونطقت بهمس : تميم ابعد عن المشاكل ما كفاك اللي صار الصباح بسببك  
امل : انت وش دخلك خلهم يأدبونها
تميم عض شفته ورجع للخلف
نايا بانفعال : وانا ما ابغى اجلس معهم ولا اتعلم منهم
تقدمت ام مشاري لــ نايا وتناظرها بحنان : نايا حبيبتي اهدي
نايا : كيف اهدى يا خالتي والكل يستقوي علي ، قولي لي يا خالتي وش يصير اذا طلعت ؟
ام مشاري : ما يصير تطلعين بروحك
نايا التفتت تناظرها : ليه ما يصير انا ما سويت شي غلط !
ام فيصل بحدة : طلوعك من البيت بروحك اكبر غلط
ام نجلاء : صراحه يا عمتي نايا لازم تحطون لها حد ابدا ابدا مو متربية ما يصير تطلع وتدخل على مزاجها هذا البيت له سمعته بين الناس ، انتو لازم تربونها من جديد . 
نايا لفت تناظرها و نطقت بصوت عالي : انتي مالك دخل فيني خليك بنفسك  .
تقدمت ام نجلاء بغضب وتدفعها بقوة : قص يقص لسانك ياللي ما تستحين انقلعي من هنا لا بارك الله فيك ولا في اليوم اللي جيتي فيه .
نايا رجفت و تجمعت الدموع بعيونها : انتو زودتوها كثيير ، انا ماراح اجلس هنا زياده .
تساقطت دموعها وتسارعت نبضات قلبها ، تحس بأنطفاء الحياة والحرية بداخل هذا البيت وتحس بأنه يخنقها ويقيدها ، تراجعت للخلف وصارت تركض لغرفتها .
مشعل رفع عيونه و التقت عينه بعين ام نجلاء : انتي ليه تدفينها ؟
ام نجلاء بانفعال: ما سمعت صوتها العالي علي !
ام مشاري : انتي ما لك دخل لا انتي خالتها ولا عمتها!
ام نجلاء : من زينها الحمدلله مالي صلة فيها .
مشعل بتهديد : خلك بنفسك وبس .
ام نجلاء ضحكت بسخرية : انت من كلفك محامي دفاع عنها .
ضحكتها الساخرة اشعلت النار بجوفه وتقدم لها ونطق بصوته الحاد : الدم اللي بعروقي هو اللي علمني اكون محامي دفاع عنها .
ام نجلاء تناظره بخوف .
مشعل تنفس بعمق ويحاول يهدي من نفسه و توجه لغرفته يهرب من هالمكان
ام نجلاء تمالكت نفسها : خلصنا من تميم وجاء مشعل
ام فيصل بصوت عالي : بدور خلاص اسكتي و خليك بنفسك وبس ، مالك دخل بــ نايا
اضطربت نجلاء وحاولت ان تتماسك بسبب اللي صار حطت يدها على فمها وتوجت لغرفتها .
ام نجلاء التفتت تناظرها ومشت خلفها : نجلاء يا بنتي وقفي .
ام فيصل جلست بتعب واضح : انيسه روحي اقفلي الباب على نايا
انيسه هزت راسها بتوتر : ان شاءالله مدام
جلست ام مشاري جنبها تهديها : اهدي يمه لا تنفعلين
ام فيصل : هالبنت تعبتني يا منال من جت وهي كل شي تبغاه على مزاجها قولي وش اسوي معها
ام مشاري ابتسمت تناظرها : هي عاشت حياتها برا  وهذي طبيعتها ، نايا حبوبه يا يمه لكنك ما فهمتي عليها، كلميها بالين وبالكلام الطيب و ان شاءالله تسمع كلامك .
نايا دخلت لغرفتها وتوجهت لشنطة السفر والدموع بعيونها تذكر جنون مشعل معها في المول وانظار الناس عليها ، وتحكم جدتها ، وتدخل ام نجلاء وغير انظارهم الحاقدة لها .
توجهت لدولاب ملابسها : ماراح اجلس اكثر من كذا الكل يتدخل فيني وكاني طفله ، المكان هذا مو مكاني .
سمعت الباب يتقفل عليها بلعت ريقها وتوجهت للباب تتأكد من اللي سمعته ، مدت يدها على مقبض الباب تفتحه لكنه مقفل ، تجمعت الدموع بعيونها وصارت تطق الباب : افتحوا الباب محد له  دخل فيني
صارت تطق الباب بطرقات متكررة لكن ماحد اهتم لهاا
جلست على الارض تبكي ، تحس بانتهاء طاقتها ، لم يعد في الروح روح تجبر .
،
،
مشعل واقف يناظر النافذة يتأمل سعف النخيل اللي يتمايل مع الرياح ، يفكر باللي صار ، يفكر بكلام زياد و بنظراته لها وكلاامه عن جمالها ، يفكر بكلام ام نجلاء وتطاولها على نايا ، يريد الهدوء لكن عقله يثرثر باسمها
رفع عيونه لسماء يناظرها و يحس بالقهر والغيرة والغضب ، يحس بشعور مايقدر يوصفه ، هالشعور يلتهمه من الداخل .
اتجه لدولابه يغير ملابسه ، لبس بنطال رياضي قصير و تيشرت بلا اكمام و اتجه للباب وخرج من غرفته
تميم عقد حاجبه من طاحت عيونه على مشعل اللي متوجه لخارج البيت بالملابس الرياضية ، يعرف مشعل حق المعرفة ما يلبس هاللبس الا اذا تضايق ...
،
،
تحس بثقل و بشعور غريب على قلبها ، مثل شعور الغريب بديار مو دياره ، و تحس بان هذه الليلة هي ليلتها الاخيرة ...
تساقطت دموعها على خدها مثل تساقط المطر الغزير 
اللي برا غرفتها .
تكورت على نفسها فوق السرير تذكر نظرة عيونهم وكلامهم الجارح لها . نامت عيونها ونام معها انينها .
.
تحركت بانزعاج وتحس بحرارة النار حولها تسمع شهقاتها وبكاها وهي تحاول تساعد اهلها اللي كانو بالسيارة المشتعلة بالنار : يبه ، يمه ، نواف ردو علي ، الله يخليكم لا تسكتون 
مسكها رجل الاطفاء و صارت تقاومه لكنه ابعدها عن السيارة و للحظات سمعت صوت الانفجار .
.
فزت من نومها مرعوبة ومسكت راسها بخوف ، صار قلبها يخفق بقوة ونزلت دموعها بحسرة ، لازال صوت الانفجار يرن في اذنها و لهيب النيران يغزو قلبها و ، مدت يدها للجوال تبحث عن اهلها بشاشة الجوال ، تبغى تحس انهم معها و تحس بوجودهم حولها و تحس بالامان و الحنان و السند ، فصارت تناظر الفديو ، تسمع ضحكاتهم الهادئة ، سوالفهم اللي ما تخلو من الحنان ، حنيتهم وعطفهم ، و خوفهم عليها .
تركزت عيونها على شاشة الجوال تشوف بعيونها ملامح ابوها و امها و اخوها نواف اللي غابو عنها ونطقت بحزن : يا شوقي واشتياقي فراقهم هدم قلبي .
نزلت دموعها وانتشر صوت شهقاتها بكل مكان بالغرفة ،  فقدتهم و كأنها فقدت الحياة ، فراقهم يخلي في قلبها جمرة شوق لا تهدأ نارها ابدا...
،
،
صوت اللكمات منتشرة بكل مكان بالنادي يفرغ غضبه بلكمات لا نهاية لها على كيس الملاكمة ، يلكمها وهو يتذكر كلام زياد وانظاره لها ، يلكمها وهو يذكر صوت بكائها و شهقاتها ، يلكمها وهو يذكر كلام اهله القاسي لها
، يلكمها وهو يتذكر خيباته وانكساراته وفراقه المبكر لاشخاص فتح عيونه على حبهم ، يحاول الهرب من افكاره ومن مشاعر ما يقدر يتحملها ، صار يلكم بكل قوة يفرغ الجنون والكبت اللي بداخله .
دخل الكابتن و صار يتأمل مشعل يشوفه يلكم بكل جنون : من اللي اغضب مشعل !
مشعل رجع خطوة للوراء ونفسه منقطع ويحس بهواء ساخن يدخل رئته .
صار يطقطق رقبته يمين ويسار يهدئ من الغضب اللي بداخله ، جلس وتنهد بتعب بعد كل هذه اللكمات ، جلس الكابتن جنبه يتأمل الغضب بعيون مشعل العسلية ، يشوفه بحالة اول مرة يشوفه بها ...
مشعل متضايق من هذا الشعور اللي بداخله ، اليوم عرف بأن قلبه تعلق بها، يخاف من فكرة ان يحب نايا لهذا الحد ، كانت هذه المرة الاولى اللي يشوف فيها هزيمته ، كان يهاب الغيرة و الحب فكيف اذا اجتمعت الغيره ، والحب والفقد ،و الشوق ، والندم .
يعيش هذا الشعور و هي قريبة منه ، يخاف من الحب نفسه و يخاف اذا وقفت امام عيونه و هو متمسك بكبريائه وشموخه ومبادئه .
وبالرغم من البركان اللي بداخله جاء شعور في ان يشوفها و يسمع صوتها الرقيق و يبعد شعور الغضب اللي بداخل صدره .
بالرغم من مرور ايام قليلة على معرفته لها الا ان حبه لها يزداد ، فهي احييت في قلبه الحياة فاصبحت هي دياره وساكنيه ، ملكته كله يمينه وشماله وما بينهما والثرى في ارضه والثريا في سماه ...
،
،
يوم جديد ، اشرقت الشمس بعد هدوء العاصفة
الكل مشغول بالتجهيز للروحة المزرعة
جالسة على السرير وضامه نفسها ، سمعت صوت الخربشه على الباب ، لكنها ما اهتمت و عيونها للان تناظر الفراغ .
دخلت جدتها ام فيصل تناظرها وتشوف هدوءها و انطفائها ، تشكل امام عيونها صورت بنتها نوف اللي تغربت عنها سنين طويلة ، تجمعت الدموع بعيونها لكنها تمالكت نفسها ونطقت بحنان : يلا البسي عبايتك .
نايا تناظر الفراغ : ماراح اروح مكان
ام فيصل : الا تروحين 
نايا التفت تناظرها والدموع بعيونها : مو غصب خلاص لا تجبروني !
ام فيصل : انا انتظرك بالصالة لا تتاخرين 
تنهدت ام فيصل بعمق وتوجهت للخارج
وقفت نايا وتوجهت لدولاب ملابسها تاخذ عبايتها عارفة ان مالها كلمة ، تدري اذا اصرت على رايها بينقلب ضدها ..

عيوني لك وطن و رموشي لك قبيلةWhere stories live. Discover now