براهين وجود الله تعالى

67 19 6
                                    

بسم الله.

سعلت غيداءُ قليلًا، محاولةً صرف انتباه الماكثة أمامها

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

سعلت غيداءُ قليلًا، محاولةً صرف انتباه الماكثة أمامها.. والتي انتبهت بعد شرودها الطويل.

«مرحبًا سارة! كيف الأحوال؟»
«أنا بخير.. »
«حسنًا... لا تبدين كذلك!»

نظرت سارة تجاهها محملة بمشاعرها المشتتة والمتضاربة، لاحظت غيداء ذلك فعبست ووضعت يدها على كتفها مربتة عليه بخفة.

«ماذا هناك يا فتاة.. لا تقلقيني! هل طفلك بخير؟ هل حدث شيء ما؟»
«كلا... الأمر ليس كذلك، لا أعرف حقًّا كيف أشرح لك»
وضعت سارة يديها على وجهها ماسحة إياه، ثم رجّعت نظرها إلى الأخرى.

«غيداء.. منذ اليوم الذي أنجبت فيه طفلي، وأنا أشعر بمشاعر مختلفة.. لم أذقها قط في حياتي!» بلعت ريقها ثم أكملت:

«لقد عشت حياتي كلها بشكل فرداني، وأنانيّ! لم أفكر قط بغيري، كانت حياتي متمحورة حول مصالحي الشخصية ومتعتي وكل ما يخصني أنا...

لكن بعد أن أنجبت ضياء، وحملته للمرة الأولى بين يديّ، عندما نظرت لعينيه البريئتين وأمسكت يده الدافئة، عندما احتضنته، لا أدري... لكن هناك شيء ما فيّ قد تغير، تغير تماما منذ تلك اللحظة!»

كبحت سارة دموعها المتجمعة في أطراف مقلتيها بينما غيداء أكملت تربيتها على كتفها، أكملت:
«مع مضيّ الأيام، تكبر مشاعري تجاه وليدي، ومع كل يوم يكبر فيه بقربي، في كل مرة يغلق عينيه البريئتين غارقًا في نومِه العميق بعد أن أتعبني لعبًا وشقاوةً، أنظر إليه بكل الحب الذي يسعه صدري، وأتأمله... وحينئذ يأتيني خاطرٌ ماذا لو مات؟ أين سيذهب؟ حينئذ هل سيذهب كل تعبي وحبي له وكأنه لم يكن؟
وشيئا فشيئا، كبر هذا الخاطر.. حتى بات كل ما أفكر به!

كما أسلفت لقد عشت حياتي كلها ملحدة لا أؤمن أن هناك غاية من وجودي غير الحصول على أكبر قدر من المتعة، ثم بعد ذلك.. آمنت أني سأموت ثم أتحول إلى رماد بائس يُنثر ويضيع في ذرات هذا الكون الكثيرة، وقد كنت متصالحةً مع هذه الفكرة قبل أن ألِد ضياء، لكن.. هل سيكون هذا مصيره أيضا؟

هاتان العينان البريئتان، والصوت الشجي، واليدان الصغيرتان، مشاعري الكبيرة تجاهه وضعفه واحتياجه إلي، هل سنتحول أنا وهو في نهاية المطاف إلى مجرد ذرات حقيرة متناثرة في هذه المجرة؟ »
لم تملك سارة دموعها مع قولها لكلمتها الأخيرة، خرج صوتها متحشرجاً وانفجرت ببكاء شديدٍ.. ضمتها غيداء إلى حضنها، وقالت بصوت دافئ: «هوّني عليك يا فتاة»

على بصيرةWhere stories live. Discover now