ماذا عنّي؟

84 20 11
                                    

"سأعيش

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

"سأعيش... حتى آخر رمق،
نعم، سأعيش! لاه لاه لاه نا"

ها قد وصلت الأغنية إلى ذروتها واقترب وقت صياح المغني بأعلى نوتةٍ منفردة!

تشنجت قبضتها المحكمة على الجهاز اللوحي، بينما تعلق ناظراها بالتأثيرات المسرحية والأضواء الملونة المنبثقة من الجهاز، والتي أضاءت شيئا من غرفتها العتمة.

التقطت آلات التصوير الحشود الملتمة من مختلف بقاع الأرض لتجلس على المدرجات، تلك الكتل البشرية المختلطة معًا بدت مجسمًا رخويٍّا متمايلًا شديد الصخب...شعرت لوهلة كما لو أن روحها تحوم معهم في المدرج، تحلق عاليا مع كل نوتة عالية لتهبط بُعيد ذلك رويدا رويدا مع هبوط المغني عن خشبة المسرح.

هي كانت مسلوبة الذهن تمامًا، وقد بُذلَت كل الأسباب لنهب وعيها فلم تلحظ أن آخر ذرة من بطارية هاتفها على وشك الانتهاء.

وفي لحظة...
انطفأ الجهاز، خيَّم ظلام الغرفة، وكسى الصمت الأرجاء.

كانت الشتيمةُ التي استخدمها ذاك المغني على طرف لسانها وقد كادت تنطق بها مغتاظة بشدة.

تستطيع أن تتمدد إلى سلك الشاحن لمتابعة المشاهدة غير أنها أجلت ذلك فهذه مشاهدتها الخامسة والثلاثون لنفس المقاطع. كسلها الشديد واستسلامها الأشد لم يسمحا لها إلا بإطلاق سراح الجهاز ليستقر فوق الفراش.

بات شاشةً سوداء، منطفئة، خاوية، ما فائدته الآن؟

زفيرٌ طويلٌ أطلقته قبل أن تقلّب نظرها في أنحاء غرفتها.

حقيبتها المدرسيّة، ذات النقوش البيضاء والسوداء المتداخلة..
ما فائدتها يا ترى؟ أن تحمل كتبها؟

ستارة الشبّاك السوداء؟ فائدتها أن تحجب الضوء.

كرسيّ المكتب الخشبي، فائدته أن تجلس عليه...

حطت عيناها على خزانة الثياب مفتوحة الباب وقد تدلت من الرفوف ملابسها التي غطتها الرسوم الغريبة، الغرض من تلك الأقمشة هو الكِسوة.

بعدها طالعت السقف أعلاها، هذا غرضه إيواء سكانه وحمايتهم من طقسٍ قاسٍ.

أما الثريةُ التي تدلَّت منه، ففائدتها إنارة العتمة.

استمرت الجولة البصرية التأملية حتى وصلت إلى الشيء الوحيد الباقي في هذه الغرفة... إلى الجسد الذي تمدد ساكنًا فوق الملاءات.

«ماذا عنّي؟»
قالت بنبرةٍ حائرةٍ.

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
على بصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن