12 - "عبير البرتقال"

681 40 5
                                    


فتحــت (هيـاء) عينيـها بعـد ثـوان مـن زوال وهـج النـور القـوي لتجـد نفسـها فـي المقعـد الخلفـي مـن سـيارة متـهالكة يقودهـا رجـل تظـهر عليـه علامـات الإرهـاق والتعـب، يمسك مقودها بكلتا يديه ويحاول الإمعان في الطريق المزدحم أمامه. ثيابه مكرمشة ومبتلة، لحيته خشنة، وجبينه يقطرعرقاً من حر الشمس الحارقة.
تجلس بجانبــه امــرأة تنظــر مــن النافــذة المفتوحــة وتحــرك قطعــة مــن الــورق المقــوى لتخفــف مــن أثـر الحـر المحـيط بـها، وعلامـات الضـيق والسـخط مرتسـمة علـى وجـهها وهـي تشاهد المنازل من حولها تنحدر في الجمال والمستوى كلما تقدموا أكثر.

يقفز الجميع فجأة من أماكنهم لتصرخ المرأة بعدما أسقطت قطعة الورق المقوى من يدها وتقول: "انتبه أمامك! هل تحاول قتلنا؟!"

(الرجل) ببرود وهو لا يزال ممعناً النظر بالطريق أمامه:" كانت مجرد حفرة في الطريق... لا تنزعجي لهذا الحد"

التقطت المرأة قطعة الورق المقوى من بين رجليها بغضب، وبدأت تحركها بعصبية وهي تقول: "لا أحد يجيد الوقوع في الحفر مثلك!"

(الرجل) وهو يلتفت إلى المرأة: "ماذا تقصدين يا (زكية)؟ "

(زكية) وهي تصرخ وتشير أمامها: "انتبه!"

قفز الجميع مرة أخرى في الهواء بعدما وقعت السيارة في حفرة ثانية، ما دفع المرأة للصراخ في الرجل:" أبق عينيك على الطريق يا (صالح)! "

(صالح) وهو يشد من قبضته على المقود ويركز أمامه:" حسناً، حسناً..."

(زكية) وهي تلتفت إلى المقعد الخلفي حيث كانت (هياء) جالسة وتقول مبتسمة: "هل أنت بخير يا عزيزي؟ "

أدركــت (هيــاء) ســريعاً الأمــر، وأن هــذه المــرأة هــي أمــها وأن ذلــك الرجــل فــي الأغلــب أبوهــا؛ لأنــها فــي ذلــك الــوقت قـد اعتـادت أن يزج بـها فـي مثـل هـذه المـواقف فجـأة، وأصبحت سيطرتها على توترها أكبر من السابق، لكنها استغربت هذه المرة أن المرأة نادتها بـ"عزيزي" بدل "عزيزتي"؛ لذا حاولت النهوض من مقعدها والنظر في المرآة الأمامية؛ لأنها تعلمت من خلال قراءتها لكتب (أمين) أنها يمكن أن ترى الشخصية التي تتقمصها من خلال انعكاسها في الماء أو في مرآة.

وقبل أن تستطيع الوصول للمرآة للنظر لوجهها انتبهت إليها المرأة وقالت لها وهي تدفع صدرها براحة يدها: "اجلس مكانك يا (سامي)! "

جلست (هياء) بفم مفتوح عندما اكتشفت أنها حبيسة في جسد صبي صغير لم يتجاوز الخامسة من عمره لما تفحصت جسدها بيديها بعد سماع تلك المرأة تناديها باسم مذكر.

وهج البنفسجWhere stories live. Discover now