9 - "أحلام الزهور"

697 45 3
                                    


انقشع النور عن عيني (هياء) لتجد نفسها تترنح يمينا وشمالاً بقوة، وأحست بأن تلك الحركة ناجمة عن هواء قوي كان يتلاعب بها. لم تكن الرؤية واضحة أمامها بسبب ذلك الاهتزاز والترنح، لكنها كانت تسمع بجانبها
أصواتا أخرى قريبة منها تتحدث في ما بينها بعبارات لم تستوعب فحواها بالكامل.

سمعت صوتاً أنثويا يقول:" الريح اليوم مصرة على إفساد طلتي البهية. "

سمعت بعدها صوتاً آخر أنثويا  يرد عليها ويقول: "لا تُلقي اللوم على الريح، فقبْحك له أسباب أخرى."

رد الصوت الأنثوي الأول بغضب وسخرية قائلا:ً" على الأقل، رائحتي ليست كرائحة التراب المبتل!"

(صوت أنثوي ثالث):" توقفا عن الجدال!.. الريح بدأت تهدأ."

خفت حركة اهتزاز جسد (هياء) وبدأت المعالم من حولها تتضح بالرغم من أنها كانت تشعر بالدوار الشديد. رفعت ذراعيها كي تفرك عينيها لترى بشكل أوضح، لكنها ُصعقت عندما رأت أوراقا خضراء تحاول تغطيتها، فصرخت وبدأت تحاول الجري مبتعدة عنها، لكنها أحست بأن قدميها مثبتتان في الأرض، فأنزلت نظرها للأســفل لتــرى أن جســدها غــير مــوجود ولــم تــر ســوى ســاق خضــراء طويلـة مغروسـة فـي التربـة.

رفعـت نظرهـا بسـرعة، وبـدأت تنظـر حولـها بـارتباك وتوتـر شـديدين، وخلال ذلك ظهرت أمامها زهرة زهرية ضخمة وحدثتها قائلة: "ما بكِ يا (زنبق)؟"

صرخت (هياء) عندما رأت تلك الزهرة الضخمة والقريبة جدا من وجهها تتحدث معها. بدأت تتمايل بكل قوتها للهرب، لكن دون فائدة، وتلك الزهرة الزهرية تراقبها بتعجب، وخلال مراقبتها لها أطلت بجانبها زهرة أخرى ببَتلات بيضاء صغيرة
وقالت: "ما بها (زنبق) يا (كادي)؟"

(كادي) وهي تراقب (هياء) المتشكلة بزنبقة صفراء باستغراب:" لا أعرف يا (ياسمين)، يبدو أنها لا تزال مشوشة بسبب الرياح."

أطلت من الجهة المقابلة للزهرات، وعلى بعد يسير منها، زهرة بلون أحمر فاقع وقالت بتأفف:" ما بها تلك الحمقاء تتحرك بهذا الشكل؟"

(كادي) بسخرية واستحقار لتلك الزهرة الحمراء: "عودي لتناول السماد يا (جوري) ولا تتدخلي في الأمر."

زهرة بيضاء أخرى بجانب (جوري) تتحدث بتوتر لـ(ياسمين):" ما بها (زنبق)؟ لماذا تنتفض هكذا؟"

(ياسمين) وهي تراقب (هياء) بقلق:" لا أعرف ما الذي يحدث لها يا (فلة).. منذ أن توقفت الريح وهي بهذه الحالة."

كانت (هياء) تستمع لذلك الحوار بين الزهور وهي تحاول جاهدةً الهروب من أمامها، لكنها أدركت بعد برهة من الزمن أنها تعيش أحداث الكتاب الذي فتحته،
وهذه المرة لم تنس كل شيء بالكامل. كانت تتذكر اسمها وتتذكر شكل (أمين)، وأنه هو من مد لها الكتاب، لكنها لم تستطع تذكر اسمه أو أي أحد من معارفها في القصر، غير أنها كانت تذكر بوضوح شديد وغريب حياتها في الكتاب الأول مع (عرندس)، وكانت مشتاقة له كثيرا.

وهج البنفسجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن