8 -"ابجديّات الفرح و نَحوُ السعادة"

646 39 6
                                    

فتحت (هياء) عينيها ورأت رجلاً مسناً بلحية بيضاء يحدق بها على مقربة من وجهها، ويحرك زهرة بنفسجية جافة عند أنفها. نهضت مفزوعة وتراجعت للخلف حتى ارتطم ظهرها بأحد الرفوف في الغرفة، وهي تقول بتوتر وفزع شديدين: "من أنت؟!.. أين أنا؟!"

(الرجل المسن) وهو يقف:" أنت مصدومة الآن. حاولي التركيز لاستعادة ذاكرتك."

(هياء) وهي تصرخ في الرجل المسن: "أين أنا؟!.. أين أطفالي وأحفادي؟!"

(الرجل المسن) وهو يمد الزهرة الجافة لـ(هياء): "استنشقي هذه.. ستساعدك بالتذكر."

(هياء) وهي تضرب الزهرة من يد (أمين) وتقول بعصبية شديدة:" ابتعد عني!"

بقي (أمين) صامتاً وهو يراقب (هياء) تتفحص جسدها ورأسها وشعرها بهوس، وهي تتمتم لنفسها وتقول:" ما الذي يحدث؟!.. ما الذي يحدث؟!"

(أمين):" لقد كنت في رحلة، وحان الوقت لأن تستيقظي وتعودي لحياتك."

(هياء) وهي تنظر لـ(أمين) بعينين متسعتين ونبرة ساخطة:" رحلة؟... أي رحلة؟... أين (عرندس)؟!...أين أبنائي؟!..."

(أمين) بهدوء:" أنت (هياء).. عمرك اثنتا عشرة سنة.. كنت توزعين الكعك مع خادمتك (حليمة).. تسكنين في قصر مع أبيك.. حاولي التذكر بهدوء..."

(هياء) وهي تقف بوجه متسائل وصوت مرتفع: "(حليمة)؟.. (حليمة) من؟"

(أمين) وهو يلتقط الزهرة الجافة من على الأرض: "استنشقي عبير هذه الزهرة حتى تستعيدي ذاكرتك!"

بدأ الاثنان يسمعان صوت (حليمة) وهي تنادي على (هياء) مرة أخرى من عند باب المنزل، فأخذ (أمين) الزهرة ووضعها في يدها وهو يقول:" اذهبي الآن مع تلك المرأة التي تنادي عليك، ومهما حدث ومهما رأيت من أمور فلا تجزعي أو تثيري المشاكل.. أعدك بأنك ستتذكرين كل شيء."

(هياء) وهي واقفة في مكانها مصدومة وبعينين دامعتين: "لكن..."

(أمين) وهو يدفعها برفق نحو السلم المؤدي للطابق الأعلى: "لا تفكري كثيرا واذهبي للسيدة التي تنادي عليك فورا"

صعدت (هياء) السلالم ببطء وعلى وجهها دهشة واستغراب كبيران؛ فحياتها السابقة في حقول القمح لا تزال مطبوعة ومطبقة على عقلها وذاكرتها بقوة.

عندوصولها لنهاية الدرجة الأخيرة من السلم رأتها (حليمة) التي دخلت المنزل باحثة عنها بقلق شديد، وبمجرد رؤيتها لها اندفعت نحوها وعانقتها وهي تقول:" ما الذي تفعلينه هنا؟!.. هل أنت بخير؟!.. مابِك تبدين مصدومة؟!.. هل فعل ذلك الرجل بك شيئاً؟!"

وهج البنفسجWhere stories live. Discover now