الفصل الأول: كنّة (الجزء الثاني)

170 21 19
                                    

الفصل الأول
الجزء الثاني
كنة:

وضعت يدي بسرعة على الباب أمنعها من إغلاقه، وقلت بدهشة: "انتظري ماذا قلتي؟ هريرة! "

- "نعم هريرة، مثل الهرة ولكن أصغر"

ابتعدت عن الباب خطوة وكأن هذا سيشكل حاجزا يحميني مما تقوله بطريقة ما، ثم قلت بحزم:

- "لا شكرا أنا لا أريد أية هرة...أو هريرة كما تقولين"،

فردت علي بدهشة واستنكار:
-"ولكني أملك الكثير منهم! "

كررت بصوت أعلى: "لا أريد أية هرة!... شكرا لك"

ردت تقول غير مصدقة: من هذا الذي لا يريد هريرة! من الذي يمكن أن لا يريد هريرة! "

- "أنا"
،
تأسفت بصوت عالي وكأن ردي غير عقلاني أبدا ثم قالت:
- "حسنا سأعقد معك صفقة سأترك لك الكهرباء مفتوحة لأسبوعين لو وافقتي على اخذ هرة واحدة"

'يا الله! ما هذا المكان الذي انا فيه' عندما وجدتني صامتة قالت:
-"حسنا"
وكما لو كانت في مفاوضة وتبحث عن استراتيجية مناسبة لإخضاعي...أكملت قائلة:

-"شهر... ساترك لك الكهرباء لمده شهر؛ لو أخذت هرة واحدة فقط...ها"،

ثم دخلت إلى الشقة وتركت الباب مفتوحا، انا لا اريد اية هرة؛ فيكفيني ما انا فيه حاليا ولكن أن لا اضطر إلى دفع رسوم الاشتراك حاليا... فذلك يستحق العديد من الهريرات لا هرة واحدة.

ظهرت من جديد ومعها قطيطة صغيرة لونها اسود مبقع بالبرتقالي، وضعتها في يدي وهي تقول:

- "ها نحن ذا!... اسمي( روز ) لو احتجت شيئا، ولكن حاولي ألا تحتاجي اي شيء".

ثم ذهبت لتغلق الباب مجددا فسالتها بسرعة:
-"عذرا ولكن هل يمكنك ان تخبريني أين أجد هاتف مدفوع"
قهقهت وهي تقول: "عودي لعام 2005" ثم اغلقت الباب في وجهي.

- "مياو! "
نظرت إلى الهريرة في يدي وهي تموء؛ ولكنه لم يكن مواء لطيفا؛ بل بدا وكأنها تستغيث من أجل المساعدة فقلت في نفسي: "أنا وأنت أيتها الهرة، انا وانت".

صعدت على الدرج وانا احمل حقيبتي والهريرة...أقصد هريرتي، ربما كان علي أن أنتظر لبضعة أشهر أخرى قبل أن آتي إلى هنا؛ لقد عملت لأوفر ما يقرب من 2000 دولارا ولكني أنفقت معظمه أثناء انتقالي فقط، ربما كان يجب ان ادخر اكثر من ذلك؛ ثم ماذا لو لم أجد وظيفة هنا؟ ما الذي سأفعله؟ وها أنا الآن أحمل مسؤولية إبقاء هريرة على قيد الحياة، آخ...حياتي قد أصبحت أصعب عشر أضعاف ما كانت عليه أمس.

صعدت إلى الشقة والقطة معلقة مخالبها في قميصي، أدخلت المفتاح في القفل، واضطررت لاستخدام كلتا يدي حتى اجعل المفتاح يدور، ولما فتحت الباب إلى شقتي الجديدة أمسكت عن التنفس لوهلة...وجلة مما يمكن ان تكون عليه رائحتها.
نظرت حولي ثم اخرجت نفسي براحة، إنها عديمة الرائحة تماما بغض النظر عما إذا كان ذلك جيدا أم سيئا.

أشعلت الضوء...فوجدت أريكة في حجرة المعيشة ...ولكن كان هذا كل شيء.
فالشقة لم تتعدى حجرة معيشة صغيرة ومطبخ أصغر، لا حجرة عشاء أو أخرى للنوم.

كانت شقة استوديو بدولاب وحمام صغير جدا حتى أن المرحاض كان يلامس الحوض. لقد كانت ضيقة كثيرا؛ خمسمائة قدم مربعة على الأكثر، لم يكن شيئا كثيرا؟...ولكن بالنسبة لي كان تقدما كبيرا.

فأنا انتقلت من مشاركة مائة قدم مربعة مع إحدى الفتيات، إلى العيش في إصلاحية مع ست فتيات أخريات ثم الى شقة ذات خمسمائة قدم مربعة وأستطيع أن أقول عنها بكل أريحية أنها ملكي.

لقد كنت في السادسة والعشرين من عمري وكانت هذه هي أول مرة اعيش فيها وحدي تماما. كان ذلك مخيفا ومريحا في الوقت نفسه.

لا اعرف إن كنت سأستطيع أن أدبر الإيجار من بعد هذا الشهر ولكني سأحاول... ولو كان هذا يعني أن أتقدم إلى أي عمل يقع امامي؛ فامتلاكي لشقة خاصة بي سيخدمني في قضيتي ضد عائلة (الخطيب)؛ انها ستظهر استقلاليتي الآن حتى لو أصبحت تلك الاستقلالية عبئا مستقبلا.

تململت القطة بين ذراعي لذلك وضعتها على الأرضية في حجرة المعيشة، فأخذت تدور في الشقة وهي تصرخ... تبحث عن اخواتها اللاتي تركتهم في الاسفل، او أيا كان من تركته بالأسفل، شعرت بقبضة في صدري عندما وجدتها تبحث في الزوايا عن مخرج ما...طريق للبيت... طريق لأمها واخوتها.

لقد بدت كشيء خارج من الهالوين ببقعها السوداء والبرتقالية، ماذا سنسميك يا صغيرة!

أعرف أنها ربما ستظل لعدة أيام أخرى بدون اسم حتى افكر لها في واحد؛ فأنا آخذ مسؤولية تسمية الاشياء بجدية تماما...آخر مرة كنت مسؤولة فيها عن تسمية شيء ما اخذ ذلك مني وقتا لم يأخذه تقريبا أي شيء آخر في حياتي.

ربما كان هذا لأنني طوال مدة حملي وأنا أجلس في الزنزانة لم أجد شيئا أفعله غير هذا، أن أفكر في اسماء لأطفال؛ فاخترت اسم "آن" لأنها هي حاضري فلا ماض لي ولا مستقبل أفكر به بعد الآن، ولأنني أعرف تماما أنني بمجرد الإفراج عني فسأعود لها وسأفعل ما بوسعي لإيجادها مجددا.

ما يذكرني به Where stories live. Discover now