البارت الخامس

657 16 3
                                    

لم تتجهز ليساء أبدا وظلت في مكانها جاثية على الأرض ضالة لطريقها الذي ما عادت تعرفه، وقد فرغت طاقتها وأخذ منها الجزع كل مأخذ، فما استطاعت أن تنهض من جديد، أو تقاوم من جديد، أو تحاول من جديد كان حالها حال البائسين الخائفين، الذين قاوموا خوفهم بشجاعة حتى أهلكتهم الظروف وسقطوا أمام العالمين... مرت أكثر من ساعة وهي على حالها الأول منذ أن خرجت لينا ، ولم تزل التساؤلات تعصف برأسها حتى طرق الباب مرة أخرى، ففزعت واستقرت في فزعها تبحث عن أي شيء حولها يكون لها سلاحا في وحدتها، خائفة على نفسها، مثل عصفور تم اصطياده من قبل فتية وكان ذنبه الوحيد أنه يبحث عن الطعام، لم تعرف ليساء ماذا تقول فالتزمت الصمت التزام الخاشعين في صلاتهم، ورأت على طاولة المرأة قرنا لغزال الرنة وضع للزينة فمسكته بقوة واختبأت وراء الباب، فطرق الباب مرة أخرى، وسمعت لينا تقول : ليساء السيد خالد بانتظارك، لا تقلقي لا أحد يستطيع إيذائك هنا، أعدك بذلك، وعلى فكرة، هذا ليس بكلامي ووعدي، هذا وعد السيد خالد بعد أن حذرنا

جميعا من إيذائك.

فتحت ليساء الباب، متوكلة على الله، مستعينة به. مطمئنة بأنه معها رغم أن الواقع لا يدعو للاطمئنان. ودخلت لينا دخولا رزينا بخطوات مدروسة كأنه تم تعليمها الأسلوب الحسن، والتعامل الحسن، قبل مفهوم أن

تكون خادمة ...

قالت:

اسمحي لي أن آخذ الحجاب منك وأضعه أنا على

رأسك. أعطت ليساء الحجاب لها، وأخذت لينا تضع لها الحجاب بالموضع الصحيح، بتفاصيل المتحجبة الصحيحة، فارتاحت ليساء قليلا من شدة أخلاق لينا لكنها كتمت الراحة بوجه عبوس إلى أن قالت لينا:

- هكذا انتهيت، انظري إلى المرآة، ما رأيك؟ رأت ليساء نفسها ، فرأت وجه أختها روان، باتت تشبهها

جدا بالحجاب، فقالت بتحنن:

- أشبه روان أختي كثيرا !!

- وهل روان تشبهك هكذا بالجمال؟

ظهرت أسنان لينا من شدة ابتسامتها، وقالت:

ألقت ليساء بنظرة كاملة إلى لينا وقالت بعد أن أخفت

ابتسامتها التي ظهرت لوهلة

وما شأنك أنت بأختي؟ أطرقت لينا برأسها معلنة اعتذارها، ثم قالت: - هل يمكننا أن نذهب إلى السيد خالد الآن؟

****

قررت ليساء بعد أن مرت خمس دقائق أن ترتدي ثوب الشجاعة، وهي تحمل في نفسها أسئلة تود أن تجد لها جوابا عن كل الأسباب التي أدت إلى وجودها في هذا المكان، ومشت رافعة رأسها شامخة بشخصيتها ناسية لكل التفاصيل المدوية وفي ذهنها البحث عن الحقيقة وكانت تشعر بقوة في جسمها مملوءة كأن روحها لبست

 رواية ليساء Where stories live. Discover now