الفصل الأول

370 7 6
                                    

"سأذهب"
خيم الصمت مرة أخرى فقد كانت هذه الكلمات تقال لعدة سنوات ، و الجواب لا يتغير أبدا مهما حدث .
تنهد الشخص الجالس أمامه راضحا لعناد الٱخر ، لم يكن ليسمح لحفديه ان يخرج من المنزل لو ان الأمور لم تتغير ...

" لما تظن أن الحياة ستكون أفضل خارج هذا البيت ؟"

سكت الفتى و هو يسترجع كل ما حدث الى الٱن و كيف أنه لم يعتبر ذاك المنزل بيته قط ، كان الأمر كله ان لا مكان له ليذهب إليه و لحسن حظه ان أباه قد انتشله من الشارع، كان يجب ان يكون ممتنا و ان يعيش حياته وفقا لذلك ، لكنه كان محبط ، فتح عيناه على أسرة مفككة لا تتكون سوى من أم و مال وفير ، عاش أول عقده في رحمة لا ينقصها الى حكمة و عتاب أب ، لكن كان عليه ان يكون ممتنا فأخرون غيره يتمنون ربع ما يملك ... الأمر دائما هكذا حتى توفت المنية أمه ليشفق عليه ابوه و هذا ما بدا له. انتقل ليعيش مع سيدة لا تمثل له اي شيء سوى شخص غريب . و جد بالكاد يتعرف عليه ..

عند وصوله لثلاثة عشر عاما ، رزق ابوه بفتى اخر و كأنه يشبهه لم يكن متأكدة من ذلك فملامحه لم تستقر بعد . بمرور الأيام اصبح الأمر قاسيا عليه فقد منح الفتى الحب ، الحكمة و العتاب الذي حرم منه هو و هذا ما زاد رغبته بالرحيل ..
عندما أخبر جده للمرة الأولى انه يريد ان يغادر رفض طلبه دون اي كلمة ، كانت كلمة "لا" كل ما سمع في مجلسهم ذاك اليوم . و ها هو اليوم في عمر العشرين من عمره سيغترب ليكمل دراسته و لكن كان عليه ان يأكد من انه لن يعود بعد ذلك

ايقيظ ارتطام فنجان القهوه بالٱنية الشاب من ذكريات لادغة ليربط على قلبه "الٱن أو ابدا " هذا ما كان يجول في عقله

"لم يكن لي مكان في هذا البيت ، و انا انوي ان احصل لي على منزل حقيقي يسعني و يسع أحلامي " بحزم اجاب و في نبرته عتاب عقد من الزمن

تنهد الجد من جديد ليتحدث " قد لا تجدني هنا يا بني ، لم لا تنتظر رحيلي و بعدها تفعل ما تشاء . أخاف عليك من الحياة " كان هذا العذر دائما يطرح في كل مناقشة لكن الأمر لم يعد يجدي فقد قرر و لا رجعة في قراره

" سأزورك في كل الأعياد ، و سأحرص ان اخدك معي الى بيتي في كل عطلي لنقضي الوقت معا"

الاصرار هو عنوان هذا النقاش ، علم الجد من حديث حفيده ان لا مجال لتراجعه ، قد حسم الأمر بالفعل و هو على وشك المغادرة ، ألمه هذا كثيرا فرغم كل شيء كان المفضل له و كان يرى فيه نفسه

اعتلته ملامح الحزن و رغم هذا ابتسم له و اومئ له برأسه موافقا على كلامه . قبله اخر على جبينها مودعا ايه و كان هذا اخر يوما يلتقون فيه

********
بشخصية مشاكسة و مثيرة للمشاكل ولد فتى بشعر أبيض و رموش بيضاء كبيض الثلج و عيون زرقاء كزرقة الماء ، كان غوجو ساتورو المدلل في العائلة حيث انه إعتاد الحصول على كل شيء ، حصل على حب لا مشروط من أهله ، فقد كان وحيدهما لذا لم يبخلا عليه ابدا ، عاش في عائلة فاحشة الثراء لذا لم يكن يقلق على اي شيء ، حتى انه اصبح حديث وكالات الترفيه في عمر صغير جدا ، ساتورو بدأ بالحصول على ماله خاص في عمر العشر سنوات ، كان وجها إعلانيا يتنافس عليه الكثير ... مالم يعرفه الناس ان هذا كله كان مجرد واجهة غوجو كان يعاني كثيرا من كثرة الاهتمام. لم يجد وقت لنفسه قط ، فقد كان كل شيء في حياته مرسوما من قبل ، لم يكن عليه ان يدرس فقد اتفق ابوه مع شركة كبرى تدعى سنوتيم للترفيه ان ينظم لهم عند بلوغه الخامسة عشر و لم يكن له رأي في هذا .
في المدرسة لم يكن الأمر مختلفا فقد كان يحصل على الكثير من رسائل الإعجاب و الحلويات بشتى الأنواع ، كان يبتسم دائما و كأنه في برنامج ما لا يريد ان ينتهي ... في أوائل دخوله المدرسة كان متحمسا الى فكرة وجود رفقاء له ، لكن الأمر أنه كان هناك من يحبونه جدا و يقدسونه و هناك من يكرهنه و لا يطيقونه ، كان هناك شخص واحد يقف في المنتصف لا يحبه و لا يكرهه ، يتحدث معه ان استلزم الأمر .. كان هذا الفتى غريبا جدا ...
*********
الحاضر
في منتصف الليل كان هناك صوت هاتف يسمع في أرجاء البيت ، بدأ الصوت يزعج النائم لذا شرع في البحث عنه في المنضدة جنبه ، ما ان وجده حتى استقبل الخط دون ان ينظر الى المتصل

في المنتصفWhere stories live. Discover now