خديجة هي إمرأة أربعينية توفي زوجها و تركها وحيدة دون أولاد، لقد مر على ذلك الوقت عدة سنوات لكن رغم ذلك فهي لا تزال مهتمة بنفسها و كأنها مراهقة، ترتدي أفضل الثياب و تضع مساحيق التجميل بعناية فائقة، و لها إبتسامة يمكن أن تفعل بالناس ما لم تفعله بهم المخدرات. هي محل إهتمام كل رجال الحي تقريبا، لأنها خشنة التصرفات رطبة المشاعر، تتصرف و كأنها مقاتل روماني وفي، و مشاعرها كمشاعر طفلة صغيرة تحزن و تفرح لأبسط الأمور. إتضح للحاج عبد الرحيم بعد ذلك أن خديجة بصدد تجفيف شعرها المبلل بعد الإستحمام، و لا ترتدي غير منشفة وردية اللون بالكاد تغطي صدرها و ركبتيها. لقد شعر الحاج في تلك اللحظة أن عمره لم يتجاوز الثلاثين سنة، و هو مستعد في هذه اللحظة للقفز من سطح العمارة إلى شرفة خديجة. إلتفت إلى زوجته ببطئ شديد، و ما إن إستقرت عيناه على وجهها حتى وجدها بدورها تنظر إليه مبتسمة إبتسامة صفراء توحي بغضب داخلي رهيب، رغم أنها لم تشاهد شيئا لأن زوجها يجلس أمامها و يحجب عنها رؤية غرفة خديجة، و هذا من حسن حظه. بادلها بدوره إبتسامة جافة لا تعكس أي فرحة داخلية، ثم تظاهر بقراءة الجريدة لكن عيناه أقامتا جسرا غير مرئي بين العمارتين، فقالت له زوجته: "ما بك يا رجل ؟ هل تفكر في أمر ما ؟" فرد عليها بدهشة بعد أن شك أنها فهمت الأمر: "لا لا، بالعكس. أنا أقرأ" و خديجة في المقابل تنظر إلى بلور النافذة تارة و كأنه مرآة، و تدير ظهرها تارة أخرى فتزيد من جنونه. توقفت زوجته عن الغسيل و قالت: "نصف ساعة كاملة و لم تغير الصفحة يا عبد الرحيم" و إستأنفت عملها. كاد المسكين يتوقف قلبه في تلك اللحظة، و شعر بتعرق غير عادي و برودة تجوب كل جسده، و أجابها: "لا لا، مقال طويل أقرأه بتركيز".

قصص معبرة،🧼🔅Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang