الفصل الواحد والعشرون

14.8K 533 68
                                    

لم تصدق قرار والدها عندما أخبرها بخطبتها والتي لم ولن توافق عليها أبدا فذهبت مسرعة له حتى تستمد منه العون وربما الوقوف بجوارها حتى يجدا حلا لتلك المشكلة ريثما يعود حبيبها من تأديته للخدمة العسكرية.

دلفت ورشته حيث كان جالسا يقوم بتعديل تلك القطعة التي أمامه بتركيز عال، وفور أن استمع لصوت خطواتها ترك ما بيده ونظر لها متعجبا من شكلها المبعثر وأنفها الحمراء فسألها بقلق:

-في ايه؟ مالك معيطه ليه كده؟

بكت منهارة واقتربت منه تخبره:

-شوفت بابا وباباك اتفقوا على ايه؟

أطرق بصره وهو يهز رأسه مؤكدا:

-ايوه.

رفع نظره فورا وهو يؤكد لها:

-متقلقيش أنا اتكلمت مع بابا وإن شاء الله نلاقي حل.

تحرك من مكانه ووقف قبالتها وربت على كتفها وهو يواسيها ولكنها لم تكف عن البكاء قائلة:

-نفسي أفهم جابو منين فكره اننا نتجوز؟ هم مش عارفين إن أنا ومدحت بنحب بعض!

رد ماهر وهو يبتلع ريقه:

-محدش يعرف غيري أنا وبابا يا فريدة، لا أبوكي ولا مامتك يعرفوا، وأنتي عارفه إن طول عمرهم من وإحنا صغيرين بيقولوا فريدة لماهر وشايفين اني الكبير والأحق بالجواز دلوقتي خصوصا إن مدحت آخر العنقود ومحدش مننا لسه اتجوز أصلا.

بكت بانهيار وجلست على المقعد أمامه وهي تتذمر:

-وأنا وهو ذنبنا ايه انكم متجوزتوش؟ هو اول ما يخلص الجيش هنتجوز على طول.

سحب مقعدا وجلس بجوارها وهو يؤكد:

-إن شاء الله يا فريدة، بطلي عياط وكل حاجه ليها حل إن شاء الله.

أوصلها لمنزلها الذي لا يبعد كثيرا عن منزل عائلته فرآهما والده من الشرفة فابتسم واستقبله أمام مدخل البيت:

-أيوه كده يا ماهر، اسمع كلامي وأنت تفضل ابني البكري وحافظ أسراري.

حرك رأسه ممتعضا من حديث والده وهو يرد:

-هتستفاد ايه لما أتجوز البنت اللي اخويا بيحبها؟ لا انا ولا هي ولا اخويا هنبقى سعدا، ايه الفرق بيني وبين إن مدحت اللي يتجوزها؟ هو عمو شرف عايز يجوز بنته لأبن صاحب عمره وده انا فاهمه، وزي ما انا ابنك فمدحت ابنك برده و...

قاطعه والده وهو يسحبه بقوة من ذراعه:

-أنت ابني البكري واللي هتكمل بعدي واللي هتشيل العيلة دي كلها على كتافك ولازم اطمن عليك انك مبسوط وسعيد في حياتك، انا عارف اني ظلمتك اكتر من مره.

رمقه بنظرة جامدة وهو يكمل:

-دخلتك مدرسة الصنايع عشان تطلع تساعدني في الورشه واخواتك كلهم دخلوا ثانويه عامه ومنها اللي دخل طب وتجاره وعلوم، بس انت مخيبتش املي فيك وقدرت من الصنايع تدخل هندسه وأديك هو بقيت اشطر مني كمان، ولولا كده مكانش عمك فارس جه ومول الاختراع بتاعك ده اللي روحت سجلته.

روضتني (طمس الهوية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن