قسمة ونصيب

5.1K 282 11
                                    

كان معاذ جالساً بجانب صديقه إسلام في منزله يتحدثان سوياََ ويضحكان أيضاً حتي سأله إسلام قائلاََ
"إنتَ رحت لعمي وليد قبل متيجي ولا لسه هتروح"
أجاب معاذ علي سؤاله
"لا رحت وسبت مرام شوية هناك ونسيت أقولك لقيت مازن هناك "
ليسأله إسلام بعد تذكر
"مين مازن ؟.."
ليجيب معاذ
"مازن أخو مرام كان في الفرح وكمان جه ورانا بالعربيات فاكر ؟ "

"أيوه إفتكرته بس كان جاي ليه ؟."

ليجيبه معاذ بسعادة

"كان جاي يتقدم لكنزي ، وبابا قاله هنشوف ونقولك "

وقعت تلك الكلمات علي إسلام كالصاعقة وفوراََ ما ظهرت علامات العبوس علي وجهه ، بدأ في أخذ أنفاسه ليدرك ما قاله معاذ ، لاحظ معاذ ذلك وفضًل الصمت لأنه يعلم ما يفكر به صديقه .
"و إنتم موافقين ولا إيه الحكاية"

ليخبره معاذ
"أنا موافق ايه اللي يخليني أرفض ما شاء الله عليه عنده ماله الخاص "
ليقول إسلام بإستهزاء
"مش ميزه يعني ما أنا برضو عندي مالي الخاص "
ليضحك معاذ ويقول
"أيوه بس مال عن مال يفرق أنا كمان عندي مالي الخاص لكن مش ماله هو ده شغال في بريطانيا يا عم "
لم يكن معاذ يفكر بتلك الطريقة ولكنه كان يريد مشاكسة صديقه، لتظهر ملامح الحزن علي وجهه إسلام ويقول بأسف
"مبارك ، مبارك يا معاذ "
في الحقيقة كان معاذ يعلم ما يدور دائماََ في عقل إسلام ولكنه أراد التأكد وها هو تأكدَ
"الله يبارك فيك يا حبيبي ، عقبالك كده لما تشوفلك عروسة "
ثم يكمل كلامه
"أنا هروح علشان أقعد مع كنزي وأشوف رأيها وأكيد هتوافق إيه اللي يخليها ترفض وهعزمك علي قراءة الفاتحة "
كان معاذ يقصد بكلامه مضايقة إسلام وقد نجح بالفعل، ليعقب عليه إسلام قائلاََ
"سلام يا معاذ سلام "
وبالفعل قد تركه معاذ وخرج من المنزل ذاهباََ إلي منزل والده اللذي كان في نفس الحيً وما أن دخل حتي ألقي السلام ودخل إلي غرفة كنزي قائلاََ
"عروستنا الحلوة "
لتجيبه كنزي بحدة :
"بس متقولش عروسة "
ليجلس معاذ بجوارها ويسألها
"مالك ، أبوكي مقلكيش ليه مازن كان هنا ؟."
لتضع كنزي الكتاب اللتي كانت تقرأه وتقول :
"قالي يا معاذ بس أنا رفضت "
لينظر إليها معاذ وهو يحاول أن يخفي إبتسامته
"ليه يا مرام مازن واحد كويس ومتخافيش هو مش هياخدك برة مصر ، هو جاله فرصة حلوة إنه ينقل شغله لفرع مصر ، وهيعيش هنا "
ثم يضيف وهو يبتسم
"علي فكرة ده أول ما جتله الفرصة دي كان هنا علشان يتقدملك ، شايفه الحب"
لتقاطع كنزي حديثه بأدب وتقول
"معاذ أنا عارفة كل الكلام ده بس مازن مش الشخص المناسب ليا "ثم تنظر إليه بتركيز
"معاذ مازن عاش نص حياته بره مصر وأكيد مهما تقولي إنه مخدش طباع الغرب مش هصدق ، إنتَ لما إتجوزت مرام كنت واثق إنك هتعرف تغيرها وتخليها زينا ، لكن أنا مش هقدر والله "
ثم تنظر إلي اللامكان وتُكمل
"و ليه التعب ده أصلاََ ما كل واحد ياخد اللي يناسبه طالما محدش فينا بيحب الثاني ، إنتَ كنت بتحب مرام وكنت عايزها فمبصتش لأي حاجة ثانية ، أنا غيرك "
ليبتسم معاذ ويقول
"علي فكرة يا كنزي أنا رأي زي رأيك بس قولت مقولش أي حاجة غير لما أسمع إنتِ عايزة إيه "
لتضحك كنزي وتقول :
"وأنا أقول ماله معاذ راضي إزاي "
خرج معاذ من الغرفة وإتجه إلي والده ليخبره برفضه ورفض كنزي أيضاََ وجد مرام جالسة معه تتحدث فقال
"بابا كنزي رفضت ، وأنا كمان من رأي كنزي "
لتقاطعه مرام قائلة:
"ليه يا معاذ رفضت "
بدأ معاذ في شرح لها كل شيئ وأخبرها بحبه لها قبل خطبتهم وهذا هو سبب تمسكه بها وكان ردًها
"كنزي أكيد فاهمه هي بتعمل إيه "
ثم قاطعهم وليد قائلاََ
"خلاص إحنا هنرفض بأدب "
_____
وفي صباح اليوم التالي كان وليد ذاهباََ إلي عمله في نفس الوقت الذي كان يخرج به إسلام من بيته ليذهب إلي عمله وما أن رآه إسلام حتي ذهب إليه بالسيارة وقال
"إركب يا عمي هوصلك في طريقي "
وبالفعل ذهب وليد للركوب بجواره وهو يقول
"شكراََ يا إسلام "
تبادلوا الحديث سوياََ وعن قصد قال إسلام في منتصف حديثه
"مبارك لكنزي معاذ قالي إمبارح فرحتلها خالص "
ليجاوب وليد
"لا والله محصلش نصيب "
رُسمت إبتسامة علي وجه ثم إختفت سريعاً حتي لا يراها أحد ثم تصنع الحزن وقال
"ليه كده "
ليعقب وليد قائلاً
"مرضيتش ، قالت إنهم مختلفين "
من الظاهر أن اليوم هو يومك يا إسلام ، ومن الظاهر أيضاََ أن الكون لا يسع سعادتك
"حصل خير يا عمي ربنا يكتبلها الزوج الصالح اللي ياخد بإيديها للجنة "
________
وفي مكان آخر كان معاذ جالساً بجانب مرام في السيارة حتي تفوه قائلاً
"مرام تعرفي إن كنزي هتتخطب في أسرع وقت"
لم تفهمه فقالت
"مش فاهمه"
ثم قال وهو ينظر من النافذة
"هفهمك في أقرب وقت بس قولت أقولك علشان تقولي معاذ كان عارف "
لتقول هي بمشاكسه:
"معزتي كان عارف "
لم يعقب هو فقد يأس من الأمر ، فأكملت هي
"معاذ ممكن نروح عند ماما النهاردة وحشتني جداً"
لينظر إليها ويبتسم ويقول
"أي حتة إنتِ عيزاها يا مرمر "
وبالفعل بعد إنتهاء العمل ذهب معاذ إلي مرام في عملها وبعد ذلك تحركت مرام متجه إلي بيت محمود "والدها"
وما أن دخلت حتي إحتضنت مها قائلة
"وحشتيني يا مهاميهو"
لتجيبها مها بمزاح
"يا شيخة إنتِ كنتي عندي من إسبوع لحقت أوحشك"
قاطعهم دخول وفاء خالتها في الحديث التي كانت جالسة علي الأريكة ولكن لم تلاحظها مرام وأيضاََ لم يلاحظها معاذ اللذي كان يقف بجوار مرام
"طيب سلمي علي خالتك اللي مشافتكيش من يوم الفرح "
عندما رأت مرام خالتها إرتبكت بشدة فهي ليست جاهزة الآن لأي أسئلة ستطرحها عليها أو إلي كلامها الذي عادةََ ما يكون حاد
"مخدتش بالي منك يا خالتي والله عاملة إيه بخير "
جلست مرام علي الأريكة المقابلة لها وكذلك تبعها معاذ الذي كان صامتاً ولا يريد التدخل حتي وجًهت له وفاء الحديث
"معاذ مش كده ؟.."
ليبتسم معاذ لها ويقول
"أيوه معاذ "
لترفع هي يدها وتنزلها بقوة علي الأخري وتقول
"يا أخويا يعني ولا شفناك في فرح ولا حاجة إيه هنحسدك "
قاطعها معاذ بأدب
"مش حكاية حسد حكاية أن دائماََ لازم البنات تبقي في مكان والأولاد في مكان ثاني ومينفعش يقعدوا مع بعض في مكان واحد "
لتقول هي بحدة
"يا أبني متعسرش الدين بقي وسهلها كده الدين يسر وليس عسر " ثم وجًهت كلامها إلي مرام
"ربنا يعينك يا بنتي ده قفل "
لم تستطيع مرام الصمت أكثر من ذلك فوضعت يدها علي معاذ وقالت بدلال
"هو ده الدين الصح ، وإحنا مبسوطين مع بعض وأنا مرتاحة جداََ مع معاذ "
كبت معاذ ضحكته علي طريقة مرام في الحديث ، وإتغاظت وفاء من طريقتها وبالتأكيد لن تترك وفاء تلك الفرصة دون أن تقول
"مفيش أي حاجة جاية في الطريق كده "
بالتأكيد كانت تقصد الحمل ، ظهرت ملامح العبوس علي وجه مرام وقالت
"لسة ربنا مأردش يا خالتي "
سارعت وفاء في قول
"طيب إكشفي أحسن تكوني مش بتخلفي ولا حاجة أو جوزك يكون مش بيخلف "
كانت مرام علي وشك الردً عليها وإخبارها بأن لديها عقم لكن معاذ فهم ما ستقوله فقاطعهم مسرعاََ
"مش حكاية يا خالتي هنكشف ليه إحنا متجوزين من ثلاث شهور مش أكثر حضرتك تقولي كده لو متجوزين من ثلاث سنين ولا حاجة ، ولما ربنا يأمر الحمل هيجي "
إتغاظت وفاء وقامت مسرعة للخروج ، في ذلك الوقت كانت مها تخرج من المطبخ وبيدها أكواب من العصير حاولت إيقاف وفاء لكنها قالت
"هروح علشان أشوف الغداء يلا سلام "
وما أن خرجت من المنزل حتي ذهبت مها لتجلس في الأريكة المجاورة لها وهي تقول بحدة
"عملتي إيه يا مرام قولتيلها إيه حرام عليكي مش كل مرة تقعدي تقوليلها كلام زي الزفت ، وهي بتحبلك الخير "
ظهرت ملامح الحزن والعبوس علي وجه مرام لمدافعة مها عن شقيقتها دون أن تعرف القصة فقالت
"إحنا هنمشي يا ماما علشان معاذ عنده مشاوير بعد إذنك "
إستغرب معاذ من محاولة مرام في الذهاب ولكن أوقفتها والدتها
"طيب إستني لما أبوكي يرجع من الشغل علي الأقل ويشوفك ، أو إستني أصحي مازن يسلم عليكي أكيد متعرفيش إنه جه "
وقفت مرام وأبتسمت إبتسامة من وراء قلبها ثم قالت
"مرة ثاني هشوف بابا ، لا عارفة إن مازن هنا وسلمت عليه ، يلا سلام "
ثم تابعت سيرها وكان معاذ خلفها وما أن ركبت السيارة حتي إنهارت بالبكاء تركها معاذ قليلاً ثم قال
"كفاية يا مرام عياط ، بتعيطي ليه طيب "
لتقول هي وسط بكائها
"دائماً بتحاول تدايقني علشان مرضتش أتجوز إبنها ودائماً ماما بتدافع عنها من غير ما تعرف إيه اللي حصل "
في البداية لم يكن معاذ يعرف سبب كل تلك الأسئلة وكل ذلك الحقد من خالتها ولكنه الآن قد فهم
"والدتك أكيد هتدافع عنها لأنها أختها يا مرام ، ومهما حصل لازم نحترم الإثنين خالتك وأمك "
لتقول مرام ببكاء
"أنا مش عارفة ليه ماما بتعمل معايا كده "
ضمها معاذ إليه وهو يقول
"معملتش حاجة يا مرام هي بس مش عارفة ممكن تهدي "
لتخرج مرام من حضنه وهي تقول
"مش عايزة أروح عندهم ثاني "

_"مش عايزة تروحي ثاني ؟.. ، دي صلة رحم يا مرام مستحيل نقطعها ولازم نروح ونفرح كمان وإحنا رايحين ، علشان موقف حصل خلاص مش عايزة تشوفي والدتك ثاني ؟...، إنتِ تعرفي إن بسبب حاجة زي كده ممكن نروح النار"
لتقول هي بتسائل
"مش فهماك "

_"إزاي مش فهماني يا مرمر ، بر الوالدين ده حاجة كبيرة قوي وممكن بسببها ندخل الجنة أو ممكن بسببها ندخل النًار ، ربنا قال
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }
بر الوالدين يا مرمر جه في الآية بعد عبادة ربنا علطول ، ربنا سبب في وجودنا ، الأم والأب سبب بعد الله في وجودنا ، ربنا بيدينا نعم كثيرة جداََ ، الأم والأب هما سبب بعد الله في النعم دي "
لتقول مرام
"أنا فاهمة يا معاذ كل ده بس أنا كنت زعلانة من إنها زعقت فيا أنا بدل ما تشوف خالتي وفاء قالتلي إيه "
إبتسم معاذ وأمسك بوجهها وقال
"هتعرف ، المرة الجاية هنقولها يلا إتحركي بقي علي أي مطعم إنتِ عيزاه نروح ناكل برة علشان جعان مش لسه هنعمل أكل "
وبالفعل ذهبت إلي المطعم وجلس كلاََ منهما وهم في إنتظار الطعام قالت مرام بتسائل:
"تفتكر يا معاذ ممكن أخلف ؟.."
أمسك بيدها وقال
"أفتكر جداََ وليه لا أصلاََ ؟.. ، متحطيش في بالك أي أوهام مجرد حاجة بتاخدي ليها علاج وشوية وهتخفي ونخلف ولد "
في الحقيقة كان معاذ يعلم أن ذلك العقم من الصعب الشفاء منه ، ولكنه يريدها أن تهدأ وتطمئن .
__________
"معاذ كنت عايزك في موضوع ممكن تجيلي علشان مش هعرف أجيلك "
كان ذلك إسلام الذي كان يتحدث مع صديقه معاذ في الهاتف ، إبتسم معاذ فور سماعه لذلك ثم قال
"إستر يارب ، حاضر بكره هجيلك "
كان معاذ جالساً بجوار زوجته في المنزل وفي ذاك الوقت سمع كلاََ منهما صوت طرق الباب فذهب معاذ للفتح وما أن فتح حتي وجد مازن يقف ومعه حقائبه رحًب به معاذ وأدخله وما أن رأته مرام رحًبت هي الأُخري وأجلسته بجوارها ثم قالت بتسائل:
"إيه الشنط دي يا مازن "
قال مازن بأسف
"أنا هسافر بقي يا مرام هقعد أعمل إيه "
لتظهر ملامح العبوس والحزن علي وجهها لسوء حالة أخيها لرفضه ممن أحب ، ذلك الشعور حقاََ هو أسوء شعور ، أن ترسم حياتك مع شخص ما ولكن في الحقيقة يتم رفضك ومحو تلك الرسمة
"إنتَ مش قولت إن جالك شغل في الفرع اللي هنا ؟.."
إبتسم مازن إبتسامه يخفي ورائها حزن كبير ثم قال
"كنت ناوي أستقر في مصر " ثم أكمل بمزاح مصطنع
"وأتجوز بقي وكده "
تدخل معاذ في الكلام
"مش معني إن واحدة مقبلتش بيك لإختلاف الفكر يا مازن يبقى تمشي وتسيب البلد ثاني خليك وسط الناس اللي بتحبك يا مازن "
ليعقب مازن قائلاً:
"إنتَ فاكر إن الغربة سهله عليا ، والله صعبه وكل حياتي صعبة بعيد عن أهلي بعيد عن أختي اللي كانت دائما حياتنا وحدة فجأه بعدت ، بعدت قوي "
وفي ذلك الوقت كانت دموع مرام علي وجنتيها ، ضمه معاذ إليه وهو يقول
"متمشيش يا مازن "
ضمه مازن هو الآخر وقال
"وأقعد أعمل إيه ؟.."

_"أقعد إشتغل في الفرع اللي هنا وأنا متأكد إن في فترة قليله هتلاقي حد ثاني يناسبك "
بدأ مازن في الإقتناع فهو من الأساس يفكر في الأمر بجدية ، ولكن هل سيوافق ؟
________
تفتكروا هيسافر ولا هيقعد ؟
كنزي إتصرفت صح ولا لا
ماله إسلام وإيه حكايته

إنتهي الفصل دمتم بخير وسلام 🤍

بك اهتَديت Where stories live. Discover now