الحقيقة الهاربة🍁

Mulai dari awal
                                    

كانت الأسلحة مشهرة في الجانبين و ملاك حليمة الحارس يخفي كلتا يديه في جيوب عباءته الجلدية....منتصبا أمامها بوجه المحارب الذي يوشك أن يقتل رسول الأعداء و يدها على عضده تقيد عواطفه الجامحة كما تفعل دائما...

"أنزل سلاحك يا مراد و تأدب مع من هو أكبر منك شأنا و عمرا....لا تخض في أعراض الفتيات بدون بيِّنة"

زمجر قاسم بنبرة جازمة لا تحتمل العصيان أو حتى المجادلة.....حدجته عيون مراد بنظرات مستنكرة لكنه احترم تلك المشاعر الطبيعية التي بداخله و طالعه بنظرات كانت بمثابة وعد بألا يضيع حق أخيه.

عاد الرجال لأماكنهم و امتلأت الأجواء بأنفاس ساخنة متوترة كانت لتخنق الجلوس أجمعين إلا أن الجد الأكبر لعائلة لقمان قاطع الشتائم الداخلية تلك بصوته الهادئ و كلماته الراسخة...

"قاسم يا بنيّ، ما رأيك في شيء قد يبدو لك عاديا لكنه باديهي من حيث تصور الأمور..."

هز المخاطَب رأسه بأدب بالغ و ردد كلمات وجيزة يستجلب بقية حديث الجد...كانت عيناه تتوجه لقاتلة ابن عمه بين الفينة و الأخرى يراقب الحديث السريّ الذي يسري بينها و بين سالم في سكون و تناغم غريب لم يره بين امرأة و رجل في مكانة سالم من قبل!

"في رأيك يا بنيّ لمَ قد يكون ابن عمك في واحة يعرف الجميع أنها لحليمة و يساعدها في إدارتها فريد ابن عمها؟ لا أريدك أن تفترض سوء النية وحسب بل فكر و اخبرني كل الافتراضات الممكنة"

تنهد الرجل الشاب بهدوء يحاول التفكير بروية و تؤدة في كل جوانب الموقف...كان من المخجل للغاية كون الاحتمال الوحيد لوجوده معها حين تيقن من عدم وجود رجل برفقتها هو احتمال حقير لا يجرؤ على التفوه به أمام الجموع الغفيرة تلك! ذاك الذي حمله على التشدق بإجابة بدت غير منطقية لكنها أنقذت الموقف...

"لعله طلب السقيا أو التظلل أسفل الخيمة الكبيرة التي قرب البئر هناك من حر الطريق"

أشار بعينيه إلى القماش الثخين المنصوب على أوتاد شامخة قرب مرعى الإبل فالفت الجميع إلى حيث راحت عيناه تحدق...
حدث نوع من البلبلة و الهرج بين الرجال لدقيقة أو أكثر حتى انطلق صوت شاب حديث السن من آل لقمان يركل فرضية قاسم ببساطة بالغة...

"غير صحيح، مع كامل احترامي لك يا ابن العم لكن حليمة لم ترَ معه قافلة أو راحلة و لم يكن يحمل حتى حقيبة على ظهره...و لو طلب الزاد أو السقيا لما استدعى ذلك دخوله و اقترابه لدرجة أن الجثة كما وجدها مراد سليط اللسان كانت أمام خيمة حليمة....و هي كما ترون جميعا بعيدة كل البعد عن البئر أو تعريشة الظل التي تشير إليها"

ردد مراد وراءه بتهور ليس في مصلحته سؤالا جيدا لكن إجابته لنتكون جيدة على الإطلاق..

"ما دليلك إذا يا أبا العريف على أن فتاتك قتلت أخي دفاعا عن الشرف...كل تلك التخمينات حمقاء، أنتم لا تملكون دليلا واحدا"

الوشاح الأحمر | The red scarfTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang