الفصل العشرين: حقائق تطرق الأبواب!.

443 42 26
                                    

كانت تؤدي تمارينها وسط شروده، فهذه هى حالته كلما إقتربت ذكرى وفاتهما معًا، فمنذ أن علم حقيقة ما حدث مع والدته بسبب عمه و هو شارد و تائه لا يستطع التركيز.

أما هى فكانت تتمسك بإحكام بالعمودين جوارهما و كانت تتحرك على مهلها و بتروي و هى تنظر للأسفل، تجعدت ملامحها عندما لم تسمع صوته المتذمر آمرًا إياها أن تنظر له لا للأسفل، لتتوجه نحوه حيث كان يقف فى نهاية هذا الممر، كانت تتوجه نحوه بهدوء و تروي و ملامحه الشاردة كانت تؤلم قلبها بشدة، تتعجب نفسها هى من كانت تنفر من أي رجل يود التقرب منها، ها هى تسعى له تود لو تريح كاهله، ليهاجمها قلبها بالحقيقة للمرة الألف ما بعد المليون بأنه دونًا عن الكل هو من دق له قلبها الساكن و القابع بجنبات صدرها.

إنزلقت قدميها فجأة من شرودها به، لتخرج منها صرخة خائفة، ليلتهمها صدره عندما أحاطها بين ذارعيه القوية بفزع، لينظر لعينيها يتفحصها بقلق و هو يقول:

"هل أنتِ بخير؟".

أما هى فلقد وقعت فى أسر عينيه البنية الداكنة، تغرق فى بحور عينيه الغامضة بسكون لذيذ أدخل لقلبه بهجة سعيدة مسرورة و هى بين يديه بسكون، رفعت يديها تتمسك بقوة ساندة عليه و هى واثقة بأنه لن يتركها أبدًا، ليتحرك بها نحو كرسيها يجلسها، لينحني بركبته أمامها، لتقول هى بتساؤل خجل:

"هو حضرتك كويس يا دكتور، أو متضايق من حاجة؟".

لتكمل بعد أن صمتت هنينة:

"لو مفيهاش تطفل، ممكن تحكيلي و هسمعك، دا هريحك و لو قدرت أساعدك هساعدك".

كان يطالعها بهدوء ظنت منه أنه رفض بأدب عرضها الفظ، ليقطع السكون و هو يرى شحوب وجهها بحرج و قال بهدوء:

"لماذا تودين ذلك؟، فكل من عرفتهم كانوا يتلذذون بألامي عدا الذين رحلوا، أخشى أن ترحلي عني أنتِ أيضًا".

لتقول هى بسرعة نافية:

"مستحيل أمشي، و بعدين إنت خايف أمشي ليه؟".

أمسك هو بيدها بقوة و قال:

"و حتى إن وددتِ الرحيل لن أسمح لكِ بتركي وحيدًا يا فراولتي".

ظلت تنظر تطالع ملامحه التى تحولت من شاردة لخائفة لإجرامية عندما ذكرت الإبتعاد عنه، و هو لا يعلم بأنها منذ أن قالت بأنها ستبتعد إنقبض قلبها بقسوة كطفل متمرد على أوامر والدته.

ليقاطع تفكيرها و قال:

"ذكري وفاة والدتي و والدي خلال هذا الأسبوع".

نظرت له بشفقة تعلم ما معنى خسارة الوالدين، و لكنها تحسده بأنه يعلم بأنهما رحلا عن هذا العالم عوضًا عن خواصها الذين رحلوا و هم لا يزالوا أحياء، فأصعب شئ هو أن تعيش بأمل لا تعرف متى ستأخذه و إن كنت حقًا ستأخذه أم لا، لتقول هى ببسمة حزينة:

ندبات تظل للأبد (ترويض الماضي) الجزء الثاني من رواية أتلمس طيفك "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن