الفصل الثالث عشر: مواجهة أخوية!.

443 51 37
                                    

كان جالسًا فى مكتبه الذي حصل عليه بهويته الجديدة ممسكًا بقلمه يطرق به على الطاولة بتفكير عميق غاضب، هو من قطع مسافات بعيدة يستبدل رؤيتها على أرض الواقع بدلًا عن الصور لكي يرى إنفعالاتها المميزة الساحرة، يهيم بضحكتها مئات المرات و يتوجع لبكاءها المستنجد بيد تكفكفها و تكفها عن الإنهمار آلاف المرات، و لكن ماذا حدث؟، ها هو يجلس على كرسيه يضع يده أسفل وجهه و يزفر بغضب محرومًا من إمتاع عينيه برؤيتها بسبب جداله معها على أسباب علاجها، كان الصمت أفضل مهما إختلفت الأسباب، على الأقل تبقى خاصية رؤيتها متاحة و قائمة، و لكن الآن لا تغيرت أسبابها ولا رآها.

ليضع القلم بغدر على الطاولة ليصدر صوتًا قويًا عنيفًا، لطالما كره الخضوع للأمور و أن يقف مكبل الأيدي، تاركًا نفسه للتيار  يطيحه يمينًا و يسارًا، و لكنها أتت هى بطلتها، محدثة هذا التغيير المقيت و لكن للحق كان مستمتعًا به، فأقل شئ كان متاحًا له رؤية عينيها الزمردية الشبيهة بالعشب الأخضر الندي، تاركًا إياه يسبح فى الهدوء بعيدًا عن حياته الصاخبة، ليقع هو فى عشق ابنة عدو أبيه، و لكن هذا الأب أو علىٰ القول عمه الفاسد لا يستحق أن يحدث لأجله مخاصمة و يخسر بها ركنه الهادئ الذي يلجأ له وسط صخب الحياة.

ليسمع هاتفه يرن، ليمسك هاتفه بلهفة فها هو الشخص المكلف بمراقبتها يتصل يوفيه بآخر المستجدات، ليقول بلهفة غريبة على صوته:

"ماذا حدث؟".

ليسمع صوت مساعده الوفي يقول بإحترام:

"بالأمس سيدي دلف شقيقها مع تلك الطبيبة التى تعمل بالمركز و معها طفلة صغيرة".

ليقول هو بتساؤل:

"لماذا؟".

ليخبره مساعده بما توصل له، ليكمل بعدها بتشكك:

"أندرو هل أنت واثق من أنها ستعود؟".

ليتنهد أندرو بضيق و حزن و كاد أن يجيب لولا طرق خافت على باب مكتبه، ليتبعه دلوفها هى و كأنها خرجت من مخيلته، جالسة على كرسيها بفستان أخضر يحاكي لون عينيها العشبي، ليغلق هو الهاتف مسحورًا و مأخوذ الأنفاس بطلتها، لتقول هى:

"أنا فكرت فى كلامك كويس، و لقيت إني أستاهل أعيش بطريقة سوية زي ما الناس عايشة مادام لسه فيه أمل إني أتعالج، و كخطوة جدية مني، أنا جيت النهاردة بنفسي من غير مساعدة من حد".

أما هو فظل يطالعها و قلبه يتراقص فرحًا لتبتهج أساريره و تظهر على معالم وجهه بسمة منتصرة و فخورة بإختيارها الرائع له و بأنها أنهت تلك العقوبة التى منعته من رؤية طلتها الندية و بدأت معه عهد الحب مع وقف التنفيذ.
ليقول هو بفخر:

"سعيد بإختيارك آنستي، و فخور بعزيمتك و إصرارك، متى تحبين أن تبدأي؟".
و كأنها إتفقت مع الكون أن تخطف دقات قلبها بلطافتها و حماسها الطفولي الذي يضفي صفاء و نضور على غابته الخاصة:

ندبات تظل للأبد (ترويض الماضي) الجزء الثاني من رواية أتلمس طيفك "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن