[جـولَـة- ذاتَ الكـراميـل.]

Start from the beginning
                                    

لامست النسمات الصيفية اللطيفة وجهها لتداعِب خصلاتها بنعومةٍ هادئة لا تكفي لبعثرته، وحملت معها روائح زكية مختلفة في كل مرة، فمرةً تشمُّ رائحة المخبوزاتِ الحارة كما لو أنها أُخرِجت للتو من الفرن، ومرةً أخُرى تختلط رائحة العطور المنتشرة بفعلِ المارة مع عذوبةِ الُشجيرات الندية في الطُرقات. كانت تستطيع رؤية بائعي الجرائد يهتفون من ناحية، وترى رجلًا بشوارب بيضاء كبيرة وقُفازين أبيضين يحمل جريدة على ناصيةِ الشارع، حيثُ يقوم يافعٌ ما بتلميعِ حذاءه الأسود.

لمعت في عينيها الكثير من المجوهراتِ المعروضة في الصناديقِ الزُجاجية للمتاجر، وشاهدت الكثير من دمى عرضِ الملابس يرتدينَ فساتينًا فاخرة وقُبعاتٍ مُزيّنة، وتسمعُ أحيانًا رنين أجراسٍ ناعمة لبعض تلك المتاجر حين يزورها أحد. كانت إيميليا مأخوذةً بجمال التفاصيل لدرجة أن عينيها كانتا مفتوحتين ليطلَّ العسل فيهما للخارج بنعومة، فتنكعس كل المناظر في عدستيها المُتشبعتين بنورِ الشمس كلما لاح. 

لأولِّ مرة منذ زمن.. شعرت بأنها مسترخية بهدوءٍ أخيرًا، تتأمل وحسب من هناك بوجهٍ مرتخٍ وجسدٍ يختبر الراحةَ دون تضايق، دونَ أن تضطر لأن تفكر في شيء، رُبما كانت تلك اللحظات الوحيدة التي تذكُر فيها بوضوح بأنها عديمةُ القلق تجاه أي شيء، وراحت تُراقب بسلامٍ كلّ ما يظهر أمامها بهدوء، حتى شعرت أن كلماتها تنزلق من بين شفتيها.

[أليست بلغرافيا هي المدينةُ الأقرب لحدائق قصر باكنغهام؟]

انطلق سؤالها يقصِدُ رفيقتيها في النزهة لهذا اليوم، فرمشت عيونٌ شوكولاتية بنعومة عندما سمعت صوت إيميليا الهانئ بالراحة وكأن القليل من الفضول يغشاه، وهكذا ظهرت بسمةٌ حيوية على شفاهِ كراميلية الخُصلات التي كانت تجلس في الجهةِ الأُخرى منها، أمام جسدها تمامًا، حيثُ تلفُّ خصلةً من شعرها الشوكولاتي حول اصبعها بلُطف لتُلهي نفسها.

نظرت ماري آن المُغمّسة بالقمح في إيميليا بعيونٍ مقوسة دافئة كالصيف، واومأت لها بنعومةٍ حينَ أجابت سؤالها.
[نعم هذا صحيح، أليست ساحِرة؟]

توجّهت عينا إيميليا الفاتحتين نحو الفتاة الشوكولاتية عندما سمعت صوتها اليافع المليء بثقةٍ حماسية وكأنها هي من تُشاهد كُلّ هذا لأول مرة، ولكنها بدت لإيميليا راضيةً جدًا كما لو أنها شعرت بالراحة حين رأتها مأخوذةً بالمشاهدة. كانت ماري تبدو كقطعة شوكولا في عُلبةٍ نبيذية فاخرة بفعلِ القماش الثقيل والفخم للمقاعدِ المريحة والعريضة داخل العربة، مُزيّنةٌ بالستائر القصيرة والأشرطة الذهبية حولهن.

شعرت إيميليا بشفتيها ترسمانِ بسمةً ناعمة وهادئة لماري، كما لو أنها تمنحها واحدة صادقة هذه المرة عندما أومأت برأسها بخفة لتوافقها على ذلك، مما جعل ابتسامةَ الآنسة كيم تتسع بحيويةٍ وديّة. بقربِ ذلك الجسد الصغير تواجدت هيئةٌ انثوية بهالةٍ فرنسية فاخرة، الليدي جانين التي تستمع للمحادثةٍ القصيرة وهي تضع ساقًا فوق أُخرى بأناقة وتعقد ذراعيها إلى صدرها، تُريح ظهرها إلى المقعد خلفها وتنظر بابتسامةٍ جانبية مُغمّسة بالنبيذ إلى الخارج، كما لو أنها تملك هذه المدينة. 

صـــه || HUSHWhere stories live. Discover now