الفصل الثالث عشر

155 2 0
                                    

الفصل الثالث عشر
الحكاية لم تنتهي بعد .... ستائر الحياة بذلك اليوم لم تسدل أشرعتها كما تمنت....
الأميرة الهاربة بقي طيف الوحش المخيف دوما يحاوطها ليفزعها !
احتضرت سراب بعالم الأموات ...
لقد شعرت بهم وهم يحملون جسدها فوق النعش يمشون به ليصل مثواه الاخير !
يتمتمون بكلمات غريبة تتوسطها حوقلة وتهليل ....
حواسها تعمل لكنها مقيدة بسلاسل وهمية.... تجعلها مكبلة لا تتحرك ....بكماء لا تتكلم ..... مغمضة العينين لا تقشع إلا العتمة!
أحست باقترابهم يبدو أنهم يمشون بها لقبرها ...
ظلام حالك و عينيها مغمضتين قصرا ....
أصوات نعالهم تقرع داخل اذنيها ....
يبدو أن دورها بالحياة قد انتهى فعليا...
ودعت دور الزوجة المثابرة التي جاهدت كمقاتلة قوية لتبقي عماد بيتها راسخا!

ودعت دور الابنة التي وصمت عائلتها و احنت رؤوسهم وإن لم ينطقوا ....!
ودعت دور الأم وقد هشمته بقتل فلذة كبدها معها ...
أليس بالموت راحة .... لماذا لا تفقد الشعور بالتفكير والألم"
.... ذرفت عينيها دموعا حراقة انسابت على خديها
"يبدو أن روح الألم تبقى حية لا تموت وإن فنيَّ الجسد...."
هسيس ايوب الباكي... صدرها الذي يحط عليه ثقل ما يخنقها...
كهرباء تصعق جسدها .. جعلتها تنتفض مرارا....
تتعذب ببرزخها وهي تتقلب بجحيم فعلها ... حدثت نفسها
" ياويلي ماذا فعلت بأولادي"
اختنقت... لتشعر سراب بسكرات الموت عقلها بدأ يترجم لها أنها لم تمت بعد .... بل إنه العذاب !
كانت تشعر بتلك اللحظة بالمعنى الحقيقي لانسلاخ الروح عن الجسد .....
العذاب هو كل ما تشعر به
" حتى بالموت لا توجد راحة.... العصاة لا يهنئون بموتهم وقد فرطوا بأمانة روحهم .... "
كانت الأفكار تتدفق عليها.... لتبث بقلبها الخوف من جديد
وهي تسأل وماذا بعد ؟ !
مرت لحظات طويلة.... حتى تفتحت عينيها .. جهاز التنفس موضوع على وجهها ..... اسلاك عديدة موصولة بيدها
جالت بعينيها .... لترى أمها بثوبٍ أسود ممدة على الاريكة مقابلا لها
رمشت بعينيها عدة مرات تتأكد انها تراها حقا .... ....
زفرت أنفاسها .... و اناملها تتحرك
إنها تشعر ..... لازالت تشعر .....
دخل سامر إلى الغرفة.... ليتوقف وتتدرج الصدمة على ثنايا وجهه .. ركض إليها.... يمسك بيديها بين راحتيه و يقبل رأسها مرارا ...
مرت أربعة أيام دون أن تستيقظ ... دخلت سراب بغيبوبة مفاجئة .... جعلتهم يعيشون بأسود و اصعب أيام حياتهم وقد توفيت مروة بذات اليوم ليلا ...
إنهمرت دموعها تباعا عندما شاهدت أمها وهي تركض إليها فزعة.... وقد استيقظت من نومها للتو
بعد ربع ساعة جلست بمساعدة الممرضة.. وكان العتب و القهر يرتسمان وضوحا على وجه أخيها و أمها ..
سراب عادت للحياة لكن دون حياة و لن تعد كالسابق..... !
اخفضت بصرها ... ويدها ترتعش برهبة حتى وصلت لبطنها.... كان سامر يتهرب من النظر إليها...
اردفت سراب بصوت منهك خائف
" ماذا حصل... لم افقد طفلي صحيح.... أنا أشعر به !"
فقال بقسوة خرجت رغما عنه متألما ... وقد كان سيفقد اختيه معا بنهار وليلة......
" هل يهمك ... ألم تحاولي قتل طفليك.... "
صمتت قليلا لتسبل ملامحها أكثر ... لتقول باهتزاز ضعيف....
" أردت لهما و لنفسي الراحة.... "
سار من جانب أمه ليتحرك مقابلا لها .... فقال بإجهاد الايام العصيبة.... فخرج صوته خشنا على غير عادته
" مجرد انك امهما تقرري لهما الموت !!! ... بأي شريعة... بأي دستورٍ أمومي ذكر ذلك "
لكنها وفجأة تذكرت ايوب.....
همسه المنادي.... . اصابعه التي تلمست كدمات وجهها وندوب قلبها تذكرت اخر حضن.... اخر اغماضة لجفونه بين ذراعيها!
فهمست بوجل.... وصوتها يرتعش وهي تنظر لأمها بتوسل ... امها التي أصبحت هرمة خلال أيام ...
" أمي أين أيوب؟؟"
لكن مريان احنت رأسها و عادت تبكي جراحها ..... فأدارت سراب بصرها نحو سامر الذي بقي واقفا بملامحه التي فترت ... فصرخت بعويل باكي
" لماذا لا تقولون شيئا...."
دموعها بدأت تنهمر كزخ المطر.... فقال سامر بوجههٍ متغضن تعيس
" أخذه والده .... "
فتابع بمرارة الغصة....
" نفذتي من فعلتك بعد أن قيل أن أيوب كان يعبث بالجرة وأنت نائمة.... كل العائلة و أهل المدينة يظنون أن ولدك مجنون ... من يصدق أن طفلا صغيرا.... نحيل الجسد حملها للغرفة... "
وضعت يديها على اذنيها تشعر بالخزي ... بالعار مجددا يعصف بها... فقالت وهي تجز على أسنانها بألم
" يكفي يا اخي لا تقتلني أكثر لم أعد احتمل بعد "
لكنه تجاهل بكاء أمه التي نهضت وهي تضع يديها على فمه ليصمت لكنه تابع بذات الغصة المتشعبة وهو يبعد كفها
" هل تعرفي من قام باختلاق تلك الكذبة؟ "
مسحت دموعها.. تحاول تنظيم أنفاسها التي بدأت تقل
فقال " أحمد "
وهنا انسحب الهواء من صدرها تماما .... وقبل أن تزفر بارتياح
" لا تسعدي كثيرا يا اختي ....لأنه فعل ذلك مقابلا لسفرك معنا دون عودة للوطن .. والا سيزجك بالسجن "
نفضت رأسها وقد بدأت تفقد ذرة الصبر لديها .... فقالت باستبعاد واهي
" أحمد لا يفعلها.... لن يبعده عني "
اقترب سامر من سريرها ... يحاوط جسدها بقبضتيه من الجهتين ليحشرها بالمنتصف
فقال بقهر على حال أخته
" أحمد لن يتزوج و تزوج.... احمد لن يهينني... وقد أذلك بشيء انتي لا ذنب لك به....
يكفيكِ رفعه أعلى من قدره ..... لأنه حطك دون قدرك.. وما يمنعه الآن عن استبدالك بزوجته أما لأيوب بدلا عنكِ "
عادت تلك اللحظات أمامها .... أحمد وعروسه السارقة .... ستسرق ابنها أيضا الم تكتفي بزوجها و بيتها و الآن ابنها!

رواية دع وزرك عنى لكاتبة داليا بسامWhere stories live. Discover now