مذكرات غريبه

37 35 112
                                    

"في هذا الزمان السريع، يحب الناس بعضهم بسرعة ثم يتوقفون عن ذلك بسرعة أكبر، تتغير الشوارع والمجلات و عواميد الإنارة، و تُزال الأشجار حين يصعب تقليمها، يلجأ الناس للحلول الأسرع وإن كانت أسوأ على المدى البعيد، تُقام دورات للتخلص من الحزن بشكل أسرع و حفلات للشعور بالسعادة في وقت أقصر، يتم البحث عن الوصفات التي تتطلب بضع دقائق في إعدادها، ومقاطع الفيديو التي تتجاوز مدتها العشر دقائق لا يُشاهدها أحد، بدلاً من الخروج من المنزل يُكتفى بالرسائل النصية، وحتى شراء الملابس والأحذية يتم عبر النقر على إحدى الأيقونات، كل الأشياء متاحة و سريعة و مُوّترة، بينما يبحث الإنسان عن شيء يجعله أكثر هدوءاً و استقراراً وأكثر إحساساً بالحياة، لأنّ السرعة تقضم منك شعورك بالسكينة و تُغذي داخلك البحث عن البدائل.
لا أدّعي أن طبيعة العصر لم تؤثر فيّ، لكنها جعلتني أكثر إدراكاً أن ما أحتاجه لا يمكن أن يكون شيئاً سريعاً، أريد أن أصل إلى ما أريد بتأنٍ ودون عجلة، أن أضع الأحجار بشكلٍ صحيح داخلي دون أن أكسر إحداها بسبب التشتت، أو أن أركض حتى التعب فأفقد الهدف، أريد أن أجلس بهدوء و أفكر بهدوء، وأن لا أشعر أنني أضعت شيئاً في الطريق دون أن أكون قد ضيعته بالفعل، و أريد أن يبقى معي من يعرفوني ببطء و يروا مساوئي عن كثب، ثم يختاروا رغم كل شيء أن يبقوا."

مذكرات غريبه Where stories live. Discover now