((البارت الثاني))

227 16 21
                                    

صمت يلف المكان وصوت شهقات هي ما تقطع هذا الصمت. تجلس مكانها منذ ما حدث تبكي وتبكي دون توقف. وكيف تتوقف وحياتها قد تدمرت تماماً. بدايةً من معذب قلبها الذي كان يعاملها بكل حب وحنان وكأنها ابنته وفجأة تغير معها واصبح يعاملها ببرود او بالأحرى لا يتعامل معها إطلاقاً إلي مشاكل شقيقتها التي تتساقط أعلى رأسها واحدة تلو الأخرى إلى أن انتهت بخطفها وحتى شقيقها الذي اصيب بطلق ناري و والدتها التي انهارت مما يحدث و أخذوها للمشفى. هل يعقل ان تسوء الأمور اكثر من هذا. فها هي حياتها قد تدمرت بين ليلةٍ وضحاها. دفنت رأسها في الوسادة تصرخ بعنف. لم تعد قادرة علي التحمل. ومن بين كل هذا لم تجد أحدٍ يستقبلها بين احضانه لتهدأ. وحتى إن وجدت فكيف تهدأ وشقيقتها مخطوفة وشقيقها مصاب في المشفى و والدتها تعرضت لإنهيارٍ حاد. قطع تفكيرها صوت طرقات يتبعها صوت مازن الذي يحثها علي فتح الباب له. حقاً....!!!؟. إلي أي مدى وصلت حقارته وبرودته. يتركها ويتجاهلها بينما هي تحترق من الداخل ولا يكلف نفسه عناء قول كلمه واحدة ويأتي الآن بكل برود ويطلب منها فتح الباب له. أخذت تبكي وتبكي وهي تشعر بإحتراقها من الداخل. تشعر بقلبها يتمزق من كثرة الألم. مر حوالي نصف ساعةٍ أخرى وهي علي نفس الحال لتستمع لرنين هاتفها. تجاهلته وهي تدفن وجهها في الوسادة أكثر وأكثر. توقف الهاتف عن الرنين لتمر دقائق قبل ان يتعالى صوت رنينه مجدداً. رفعت رأسها ناحيته ترمقه دون ردة فعل قبل ان تلتقته لترى أسمه ينير شاشتها. عقدت حاجبيها بعدم رضى لا تريد ان تتحدث معه الآن فلا تضمن ماذا ممكن ان تقول وهي في تلك الحالة ولكن شيئاً ما بـ داخلها يحثها علي الإجابة. ضغطت علي زر الإجابة بتردد ثم وضعت الهاتف علي أذنها لتستمع لصوته وهو يقول بتعب ونبرة مجهدة : ج.....جودي......الحقيني أرجوكي. فتحت عينها بـ فزع وهي تقول: مازن....انت كويس!!. قال مازن: أرجوكي يا جودي تعالى بسرعة مش قادر. شعرت بالرعب وهي تستمع لتلك الكلمات التي خرجت من فمه لا تعلم كيف تتصرف. قالت برعب بدأ يتسرب لـ وريدها: مازن في اي مش فاهمة حاجة!!؟. قال مازن بعجلة: مفيش وقت يا جودي تعالي بسرعه. انتفضت جودي من علي السرير وهي تقول بهلع: حاضر حاضر أنت فين طب!؟. قال مازن: انا قدام البيت تعالي بسرعه. قالت هي بسرعه وتعجل: طيب طيب انا جاية اهو. انهت جملتها تزامناّ مع إغلاقها للخط ثم أرتدت حجابها بسرعه واخذت هاتفها وتوجهت للأسفل بسرعه ورعب قد تلبسها. نزلت الدرج ثم توجهت للباب وفتحته ثم خرجت تاركة الجميع ينظر لها بحيرة. ركضت بسرعه خارج البوابة الرئيسية للمنزل وهي تدور بعينيها في المكان تبحث عنه لكن لا أثر. وضعت يدها علي قلبها الذي يقرع بفزع فـ رغم ما فعله مازن بها إلا انها لا تملك سلطةً علي قلبها الذي يقفز من مكانه عند رأيته فقط. سقطت دموعها وهي تلتفت برعب تبحث عنه وقد اوشكت علي الانهيار ثم اخذت تصرخ بعنف قائله: ماااااااازن.........مازن انت فييييييييين!؟. لكن لا رد. اخذت تبكي وتبكي لا تستطيع التوقف او التفكير في اي شيء وفجأة شعرت بأصابع تسير علي كتفها ببطء. ألتفتت بفزع للخلف لـ تجد مازن يطالعها بهدوء. فتحت فمها بنية التحدث لكنها لم تستطع النطق بـ ولا كلمة وكل ما تستطيع فعله في هذا الوقت هو البكاء. رمقها مازن بحزن وهو يأنب نفسه علي ما فعله بها فـ هو أراد ان يخرجها من غرفتها فقط لجعلها تنسى ما حدث مع شقيقتها لكنه لم يتوقع ان يحدث كل هذا والآن.......والآن هي تبكي دون توقف ولا يعلم ماذا يفعل. قال بحنان وهو يبتسم لعلها تتوقف عن البكاء: جودي........جودي كفاية عياط انا كويس.......جودي طب بصيلي طب........جودي ارجوكي كفاية انا كويس والله. لكنها لا تستطيع فـ فكرة أنه حدث له شيء تألمها بحق حتى لو أنه بخير الآن لكن ذلك الشعور المقيط الذي داهمها في تلك اللحظات يمنعها من التوقف عن البكاء . ابتلع مازن ريقه وهو يرجع شعره للخلف يلتفت حوله يتأكد ان لا أحد موجود قبل أن يجذبها لـ أحضانه بقوة وهو يلوم نفسه لـ إبكائها فمهما تجاهلها وعاملها ببرود لكنها تظل الفتاة الأولى التي احبها بصدق ودق قلبه منادياً بقربها ولا يتحمل رأية دموعها تلك. أخذ يمسد علي ظهرها وهو يهدهدها بحنان قائلاً: خلاص يا جودي حقك عليا......مكنتش أعرف انك هتخافي كده...........أنا آسف. شعرت هي بدفء غريب وتمنت لو يدوم ولكن ليست كل الأحلام تتحول لـ حقيقة. أبتعدت جودي عنه ببطء وهي ترمقه بـ عتاب لـ يقول هو: أنا آسف يا جودي.......مكنتش اقصد اعيطك كده. أومأت له جودي بهدوء وهي تقول: خلاص محصلش حاجه.......ممكن تسبني امشي بقى!!؟. قال مازن بهدوء: طب تعالي معايا الأول وبعدين اعملي اللي عوزاه. قالت جودي برفض رغم ان قلبها يفقز من مكانه يطالبها بالقبول: آسفة بس مش عاوزة.......سبني اروح لوسمحت. تنفس مازن بعنف يمسك اعصابه عنها بصعوبة ثم تقدم منها وسحبها خلفه بقوة متجهاً صوب السيارة. حاولت سحب يدها منه لكنه يحكم قبضته عليها بقوة لذلك اخذت تصرخ بغضب: ماااازن.......ابعد عني.......ابعد عني بقولك سبني.......مازن لوسمحت سيب ايدي. فتح باب السيارة المجاور للسائق ثم دفعها بقوة للداخل وقال بتحذير: اقعدي وبطلي عناد.......مش عاوز اسمع صوتك لغاية اما نوصل مفهوم. رمقته بغيظ ولم تجب لـ يصرخ هو بغضب: مفهووووم. أومأت برأسها بسرعه وقد بدأت تشعر ببعض الخوف فـ هي لم ترى طوال حياتها مازن وهو غاضب ويبدوا أنه لا يستطيع التحكم في نفسه عند الغضب. أغلق الباب بقوة وهو يتنفس بعنف ثم صعد جوارها وأدار المحرك وقاد السيارة لوجهته المجهولة.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان يقود سيارته في صمت غريب وبصره موجه للأمام فحسب ونظراته تحكي الكثير والكثير عن الآتى. رمقه بقلق فـ هو يعلم أنه أكثر من تأثر بحادثة أختطاف سما لكنه بالطبع لن يقول ذلك. تنحنح قليلاً ثم قال: احنا رايحين فين دلوقتي!؟. أجاب الآخر بأقتضاب: المستشفى. عقد آدم حاجبيه بتعجب ثم قال: مستشفى!؟.......مستشفى لي!؟..........هو أنت اتصابت ولا حاجه!؟؟. لكنه لم يحصل علي اي رد. زفر آدم بحنق فهو لا يحب ان يظل آسر علي هذا الحال لأنه يشعر بالحزن لأجله. التفت آدم إليه مجدداً ثم قال بجدية: آسر لوسمحت اتكلم........مينفعش تفضل مضايق كده. ابتسم الآخر بجانبية ثم قال: ومين قال اني مضايق. رمقه آدم بتشنج وما كاد ان يجيب حتى شعر بالسيارة تتوقف تبعها صوت آسر الذي قال وهو يترجل منها: كفاية كلام يا آدم.......هتعرف كل حاجه بعدين ويلا انزل. تنهد آدم بتعب من تصرفات صديقه الغريبة ثم ترجل من السيارة.
وعلى الناحية الآخر في إحدى الغرف كان يجلس علي فراش المشفى بغضب ونظره معلق على ذلك الواقف امامه يكاد يحرقه حياً. صرخ مراد بغضب يكاد ينقض على ذلك الشرطي الغبي الواقف امامه: يا عم قلتلك انا مسامح.....امشي من وشي بقى. قال الشرطي بعدم اقتناع: لالالا لازم تقولنا حصل اي معاك بالظبط عشان نمسك المجرم. قال الشرطي الآخر الواقف جواره بتأيد: ايوة وعشان تنتقم منه يا أستاذ مراد....مينفعش تسيب حقك كده. صرخ مراد وعينيه تطلق شراراً: قلتلك انا مسامح ومش عاوز انتقم.......حيلو عن دماغي بقى. اقترب منه الشرطي قائلاً بأصرار: لا يا استاذ مراد مينفعش تسامح.....انت كده بتشجع المجرم أنه يرتكب الأخطاء من غير خوف......لازم تتشجع وتقولنا حصل اي بالظبط وصدقني مش هتتأذي خالص......متخافش يا أستاذ مراد صدقني مفيش داعي للخوف. كاد مراد ينقض عليه لولا امساك سيف له بينما عمر انفجر في الضحك علي ذلك الشرطي والذي يبدوا عليه انه مبتدأ ويصر علي مراد حتى يخبره بحقيقه أصابته والشرطي الآخر يبدوا اكثر غباءً منه ويؤيد زميله علي كل شيء واي شيء حتى إن قال له هيا لننتحر فـ سيوافقه الرأي. صرخ مراد وقد فاضت كؤوس صبره: يااااا غبي......ياااا غبي......انا هخاف من اي هاااا........قلــتــــــــلك انــــــا مســــــــامـــــــح........مسامح المجرم يا اخي انا مسامحه ممكن تسبني في حالي بقى ارجووك.....وحيات عيالك يا شيخ. قال الشرطي برفض: أولاً انا معنديش عيال لسة.......ثانياً لا مينفعش تسامح المجرم.....ده مجرم......لازم تنتقم. قال الشرطي الآخر بتأيد: ايوة لازم تنتقم. امسك مراد برأسه بألم قائلاً بصراخ: استغرك ربي واتوب إليك........ . ثم نظر للشرطيين وقال بعيون غاضبة: هي كلمة واحدة بس اللي هقولها وانتم هتسمعوها وتمشوا......... .ثم اكمل وهو يجز علي اسنانه بغضب: انا مش هنطق بـ ولا كلمة والمجرم انا هتصرف معاه ملكوش دعوة بقى وانتم دلوقتي زي الشاطرين هتاخدوا بعضكم وتروحوا في داهية تاخدكوا مفهوووووم!!!؟ هز الشرطي رأسه بنفي وقال: لا يا أستاذ مراد احنا لازم نخلص المهمة الموكولة لينا ومش هنرجع غير اما نخلصها........قولنا اي حاجه.....اي حاجه.......يعني شكل اللي ضربك بالرصاص اي حاجه مش هقولك لا. صرخ مراد وقد فقد آخر زرات صبره: لااااا......قلتلك لاااااا......سبني في حالي بقى انا مش هقول حــــ.....آآآآآآآآآه. صرخ بألم بسبب حركته الخاطئة وهو يمسك زراعه المصابه ليقترب سيف منه وهو يقول: خلاص يا مراد اهدى وريح انت شوية واحنا هنتصرف معاهم. اما عمر فتقدم منهما وهو يصطنع الجدية رغم انه يكاد ينفجر في الضحك من تصرفات هذان الشرطيان الأحمقان ثم قال: احم لوسمحتم يا جماعة مراد تعبان دلوقتي ابقوا تعالوا حققوا معاه في وقت تاني. تراجع عمر للخلف برعب عندما انتفض ذلك الشرطي من مكانه بطريقة غريبة وكأن هناك افعى قد لدغته ثم صرخ بفزع: لالالالالالالالالا........مينفعش.....مينفعش نيجي في يوم تاني........لازم ينطق دلوقتي ويقول اي حاجه لاحظها او شافها......طب بص.......اوعدك ان محدش هيأذيك يا أستاذ مراد بس قولي مين اللي ضربك كده ومتخافش. ضرب مراد كف بكف وهو يقول: تاني هيقولي متخافش تاني........ . ثم رمق ذلك الشرطي بغضب وهو يحاول ان يفهمه لعل اي كلمة تدخل لعقل ذلك الغبي: يابني افهم الله يكرمك انا مش خايف......سبني في حالي بقى ابوس ايدك. حاول عمر التماسك لكن كان ذلك اكبر من تحمله لتصدح ضحكاته في المكان علي ملامح مراد الحانقة. ارجع مراد رأسه للخلف وهو يزفر بضيق قائلاً: الرحمة من عندك يارب. كاد ذلك الشرطي يتحدث من جديد في محاولة اقناع مراد بعدم الخوف واخباره بأي شيء لولا شعوره بيد تربت علي كتفه تبعها نبرة اقل ما يقال عنها باردة اصابت ذلك الشرطي بقشعريرة: من الآخر عاوزين اي!!؟. استدار  الشرطي للخلف ناظراً إليه بأرتجاف واضح يدل علي معرفته بذلك الشخص ثم قال بتلعثم: ااااا.....هووو.......يعني.......احنا كنا عاوزين......كنا عاوزين نستجوب استاذ مراد عشان نمسك المجرم اللي ضربه بالرصاص بس مش اكتر والله. قال الشرطي الآخر ببسمة واسعة: ايوة عشان ينتقم من المجرم. ضحك عمر بعدم تصديق وقال: والله انت مش معقول يابني.......خلي عندك رأي ياض......كل شوية عشان ينتقم عشان ينتقم........هو انت مش حافظ غير الجملة دي!!؟. رمق آسر هذان الشرطيان ببرود ثم قال: امشوا من هنا وانا هخلص الموضوع. ثم أشار لهم لكي يغادروا ليركض الشرطي رعب من امامه لكن زميله لم يستوعب ما حدث وبقى واقف مكانه وهو يحدق في الجميع ببسمة واسعة. لم يتحمل عمر اكثر وهو يضحك مجدداً دافعاً ذلك الغبي للخارجة أثناء قوله: نفسي اعرف انت دخلت شرطة ازاي!!؟.......مين الغبي اللي عينك في الشرطة أصلاً. انهى كلامه وهو يدفعه للخارج ثم اغلق الباب خلفه. زفر آسر بحنق من هذان الأحمقان ثم تقدم من مراد ببسمة صغيرة وقال: عامل اي دلوقتي يا مراد!!!!؟. ابتسم له مراد بخفة ثم قال: بخير الحمدلله...... . ثم قال بلهفة: هاااا.......قدرت توصل لأي حاجه بخصوص سما؟؟. أشاح آسر بـ بصره للناحية الآخرى ليتنهد مراد بتعب وهو يرجع رأسه للخلف مغمضاً عينيه بقلق علي شقيقته. فأكثر ما يقلقه علي شقيقته هو أن تصاب بنوبة ربو ويحدث لها شيء فـ هي لم تأخذ بخاختها معها وهكذا من الممكن ان يحدث لها شيء . اقترب آسر منه وهو يقول بهدوء: انا عارف انك قلقان عليها يا مراد بس انا عاوزك تثق فيا اني هلاقي اختك وهرجعهالك. ابتسم مراد بسمة باهتة وهو يقول: انا واثق فيك يا آسر بس.......بس خايف انها تجيلها نوبة ربو ولا حاجه و وقتها.........وقتها الله اعلم ممكن يحصلها اي. ابتسم آسر بخفة وقال: لا إن شاء لله هتبقى كويسه وهنلاقيها بسرعه . أومأ له مراد ببسمة لديه أمل ان آسر سيتمكن من إجادها في اسرع وقت. أستأذن آسر منهم كي يعود لمنزله ويفكر في طريقة لكيفيه إيجادها. ما ان خرج من الغرفة حتى ارتسمت علي فمه بسمة شيطانية وتحولت نظراته تماماً للغموض.

عشق تخطى الزمن (عشق منذ الطفولة ج2)Where stories live. Discover now