الفصل ٢٥

303 20 0
                                    

( الفصل الخامس والعشرون )
____________________________________

يجلس امام المسبح بشرود، العبرات المتكونة بين جفنيه تتحدث عن جمر الحزن الذي يمتلكه منذ ان رأى عمه يسقط امامه قاطعاً للانفاس؛ ليكن المصير هو حمله ونقله الى اقرب مشفى فيأتى اليهم الطبيب يبلغهم مع كامل اسفه ان السيد احمد توفى اثر جلطة قلبية اودت به، فاليوم مرت به اصعب لحظات حياته لقد رأه يغسل محمولاً في الكفن على الاكتاف لينتقل اسفل الثرى فينتهى معه اسم احمد الكومي لم يعد هناك العم احمد الذي احتضنه هو وشقيقته امس بعد ان تركته امه يتيماً ووالده الماجن ليلحق متلهفاً خلف النساء والمخدرات متناسياً اطفاله، قد يظهر بقلب صلب امام الجميع لكن الفراق والموت مؤلم يكسر الظهر ولم يجبر مرة اخرى.

رأته جالساً في هذه الوضعية الحزينة فتأثرت لألمه كثيراً متذكرة اياماً طوال خلال الشهر الماضي مع محاولاته المستميتة ليجبر قلبها ويعترف لها بالحقيقة معتذراً لما بدر منه لكنها رفضته بقسوة كما فعل بها مطالبة بالطلاق والانفصال، ادمعت عيناها متذكرة حزنها على جدتها ووقوفه معها رغم كل شيء والان هو زوجها ويحاجة لعطفها واهتمامها به قليلاً.

انحنت جالسة بجواره تعدل من وضعية حجابها هامسة :
_حسن، عيط يا حسن متكتمش في قلبك ارجوك

انغمس فجأة بين احضانها باكياً بشدة صوته عالي يبكى بحرقة يضغطها بين ضلوعه مخرجاً آلامه فربتت على ظهره ببراءة :
_ كلنا هنمشي، محدش هيدوم صدقنى وانا اهو جنبك

ابتعد ينظر لاعينها متحدثاً بصوت متحشرج من الحزن على عمه :
_ خلاص مبقاش فيه عمي احمد، مفيش الضحكة مفيش السند واحساس الاب اللي عيشته معاه طول عمري راح، عارفة يا حياة انا كنت عارف انه عايز يجوزني بيريهان علشان خايف على الثروة ومش عايز تروح لواحدة تاني وهو محتاجها بس كل ده مكنش مهم عندي قدام اللي قدمهولي وأنا صغير واختى إلهام ( صمت متنهداً بقلب مكسور ثم اكمل ) يمكن اللى هقوله ليكي ده محدش يعرفه ابداً الا انا وانتي دلوقتي ..من سنين طويلة كنت طفل زي اي طفل شايف الحياة وردى عيلة من اب و ام وأخت بيروح مدرسته وهمه كله يطلع من الاوائل ويبقى دكتور قد الدنيا ورغم المشاكل اللي كنت بحسها بين امي وابويا بس اهي الدنيا كانت ماشية لحد ما في يوم شفت اللي مفيش طفل يقدر يتحمله، شوفت امي بتتخانق مع ابويا كان بتاع ستات وبيشرب مخدرات وساكتة عشان بتحبه وبتحبنا وضحت علشان الكل لكنه جاب واحدة في البيت بتاعنا وعرفت ولما واجهته، تعرفي عمل ايه ؟

هطلت عبراتها بوجع على حاله :
_ عمل ايه ؟

اغمض عيناه مغلقاً اياها بأهدابه المبللة :
_بب بدل ما يحضنها ويتأسفلها ويعتذرلها ويقسملها انه هسيب كل ده علشان خاطرها وخاطرنا ( ابتلع ريقه لافظاً بصوت اشبه بالموتى ) دبحها ...ايوة دبحها بجد مش مجاز يعني مسك سكينة من طبق الفاكهة ودبح رقبتها قدام عيوني، قدام طفل صغير كان بس صاحي من النوم عايز يتدفى في حضن امه علشان تطمنه من حلم مخيف شافه فلقى اكبر واسوأ مشهد رعب في حياته زرع فيه الكره والحقد مع الخوف والذعر فبدل ما يطمن بين دراعاتها اتغرق بدمها على وشه وهدومه ومش بس كدة يا حياة لا، ده كمان ابويا شافني وهددني بقطع لساني لو اتكلمت وبمعارف ابويا وشهادتي معاه اتقيدت القضية واتحفظت على انها حالة انتحار، متخيلة اني ضيعت حق امي بضعفي وسذاجتى وفي اللحظة دي قررت ان محمد الكومي مش هيتهنى يوم بحياته ...عارفة سابني انا وإلهام لعمي ونيفين، عمي احمد حضني وباس خدي وقتها ومسح دموعي بايده وطبطب على كتف اختى وحمانا اغلب الوقت من ضرب ابويا كل ما يشوفنا ولان محمد الكومي عايز يخلص مني رماني في مدرسة داخلى وبعدها العسكرية، حتى حلمي اني اكون دكتور سرقه فقررت اسرقه من الدنيا اسرق عمره

سقوط اجباري Where stories live. Discover now